مقالات مختارة

نصائح قبل الشراء من معرض الرياض للكتاب

بقلم إبراهيم الأزرق

عما قليل يطل علينا معرض الرياض الدولي للكتاب، ولعلنا نضيف (العربي)، فالكتب باللغات الأخرى وإن كانت موجودة إلا أنها شحيحة!

يقام المعرض هذا العام في (29/جمادى الجاري/1437 الموافق 9/3/20016م) ويستمر عشرة أيام، ويزوره جمع غفير، كثير منهم جاد لم يجيء للتسكع والفرجة! ومع ذلك فكثير من هؤلاء يحتاج إلى إرشاد وتوجيه يعينه على الاستفادة من المعرض في شراء ما هو أولى به، ورأيت أن أكتب جملة نصائح لعلها تساعد على ذلك،  ومن غرضي كذلك أن أفتح المجال ليتفضل القارئ الكريم بتكميل النصح والإرشاد في التعليقات، عسى قارئاً يمر عليها فينتفع بما علق ولو بعد حين! وأهم ما رأيت إثباته ما يأتي:

1- يتميز معرض الرياض عن المعارض الأخرى في الغالب بالجديد، إذ الجديد فيه أكثر من المعارض الأخرى، وأغلب المراكز والدور تروج عبر وسائل التواصل وغيرها لجديدها النازل فيه، ومن الجيد أن تعد قائمة بما يعنيك منها قبيل بدء المعرض.

2- من أهم المراكز البحثية التي لها إنتاج جيد يمس قضايا مهمة والمعرض يجمعها لك: مركز تدبر، ومركز الدرر السنية، ومركز تفسير، ومركز الألوكة، ومركز دلائل، ومركز باحثات، ومركز براهين، ومركز تفكر، ومركز تكوين، ومركز نماء، ومركز الفكر المعاصر، ومركز التأصيل، ومركز البيان، بالإضافة إلى بعض الكراسي البحثية وأقسام الجامعات، والجمعيات التي يشرف عليه من لهم عناية بالكتاب، ككرسي القرآن وعلومه بجامعة الملك سعود، والجمعية الفقهية، وعادة ما يتحين هؤلاء معرض الرياض لإخراج جديدهم، وبإمكانك الرجوع إلى حساباتهم في وسائل التواصل لمعرفة جديد عناوينهم ومعرفة مكان إصداراتهم في المعرض، وتسجيل ما يعنيك منها.

3- يتميز معرض الرياض بحسن التنظيم، ولذلك مظاهر شتى، يعنيني منها هنا وضعهم موقعاً إلكترونياً مفيداً، يحتوي بيانات تفصيلية عن الدور والمراكز المشاركة والكتب، ومن الجيد أن تستفيد من موقع المعرض، في رسم خطة شراء وحركة سير!

والناس مع المعرض أنواع، فبعضهم صاحب غرض إما بحث أو دراسة، أو عناية بكتب معينة فإن كنتَ كذلك فمن الجيد أن أن تبحث عبر محركات البحث في موقع المعرض أين تجد بغيتك، ولتحتط في قائمتك بكتابة أكثر من جهة للكتاب الواحد إن وجد، فبعض الناشرين يدخل قوائماً ولا يحضرها، وبعضهم تنفد الكتب من عنده سريعاً، وبعضهم قد تعرض له عوارض أخرى! المهم هو أن تعد قائمة فيها احتياط ثم تنظر في خرائط الدور وتوَزُعِها،  ومن ثم ترسم لنفسك أخصر مسار داخل المعرض يحقق غرضك، فتعرف من أين تدخل ومن أين تخرج، وهذا يختصر عليك جهداً ووقتاً.

ومن الناس من يريد تكميل مكتبته، ومعرفة جديد الدور والمراكز، فهذا تلزمه كذلك خطة دخول وخروج تتفق مع اهتماماته فيغفل ما لا يتعلق بها، وغالباً ما يحتاج هذا إلى أن يقسم خطته في الزيارة إلى مراحل، فالمرحلة الأولى يغطي فيها جهة، ثم الثانية يغطي فيها جهة أخرى، ثم الثالثة وهكذا إلى أن يقضي نهمته، ومن ترك الأمور فوضى فسوف تختلط عليه الدور ويكرر زيارات هو في غنى عنها ومثل هذا يجهد نفسه ويجهد الناس بمزاحمته!

والمهم راعي في خطتك زمن تنفيذها، مدته التقريبية ووقت بدايته، والصباح غالبا أخف ازدحاما من المساء، وأيام العمل أخف ازدحاما من آخر الأسبوع.

4- كيف تعرف الكتاب المهم؟ أهمية الكتاب في الغالب نسبية، وأنت لا تخلو من حالين:

الأولى: أن تكون منتجاً تبحث في شأن معين، أو لك مشاركة في علوم بعينها فهنا يعنيك الاطلاع على ما كتب في ذلك المجال، وفي الغالب كل كتاب يتعلق ببحثك فهو مهم لك، فإما أن يكون مجوَّداً فتستفيد منه وتضمِّن درره بحثك، وإما أن يكون رديئاً فتعرف به مزية بحثك عليه وموضعه بين الكتب!

والحال الثانية: أن تكون قارئاً تروم بناء معرفياً لنفسك، فهنا يحسن أن تنتقي الكتب المهمة، وهذه تعرف بثناء المختصين، وتوصية المطلعين، أو تعرف من معرفتك بالمؤلفين؛ فكثيراً ما تنبع أهمية الكتاب من مؤلفه، فبعض المؤلفين مشهور بالإجادة والتحقيق، وبعضهم معروف بجمع الغث والسمين! وقد تعرف أهمية الكتاب من تقديم بعض المشاهير له، ولكن لا تعتد بتقديم كل مشهور وإن كان عالماً فاضلاً، وذلك أن المقدمين أنواع فبعضهم عالم كبير لكنه يتساهل في التقديم من باب الإسهام في نشر كل ما فيه فائدة أو خير، وقد عرفت من مشايخنا من لا يكاد يرد طالباً، ومنهم من يتحفظ فلا يكاد يقدم إلاّ بشق الأنفس! وإذا طلب منه ذلك دقق في الألفاظ وحرر المعاني فإن وجدت تقديم من تعرفه بذلك فاحرص على الكتاب وإلاّ فلا تغتر بالتقديم، وعلى كل حال انظر ماذا قال المقدم عن الكتاب؟ وتفرس في ألفاظه وكن ذا فطنة! فقد تعرض عنه بسبب التقديم! ومما يتصل بهذا أن بعض الدور والمراكز عرفت بانتقاء الجيد لإصداراتها لكن هذا ليس بمطرد، أما ما يروج له بحكم كونه رسالة جامعية، ففيه النافع، وبعض الجامعات رسائل طلابها مظنة اتقان أكثر من بعض، لكن أكثر الجميع غثاء فلابد من فحصك المقدمة والخاتمة والفهرس قبل الشراء، ولا تغتر بكونها رسالة، انتقتها مؤسسة محترمة! وكذلك لا تعبأ كثيراً بكون الكتاب أكثر مبيعاً، فقد يكون الأكثر سذاجة! ولعله لأجل ذلك كان يقول نورمان لويس كوروين الكاتب والإذاعي الشهير: “لا أقرأ للكتّاب أصحاب الأكثر مبيعاً، ولا أثق بهم”! وأما حماقة التوقيعات فإياك وإياها! لا تشتري كتاباً أبداً لأجلها! فإن جاءك التوقيع مع الكتاب هدية فبها، وإن ظفرت بتوقيع على كتاب اقتنيته لحاجتك فلا بأس، وإن كنت أرى التوقيع لا يسوى مشوارك نحو المنصة!

5- إن كنت تريد تكوين مكتبة تجمع لك الكتب الأصول فلا تشتر الأرخص بل الطبعة الأتقن أو التي عليها تعويل أهل العلم في إحالاتهم، إذ لا معنى لاقتناء طبعة نادرة الوجود إحالاتها لا تنفع أصحاب الطبعات المشتهرة في العثور على الموضع الذي توثقه! ولم يدرج الناس على الإحالة عليها فلا تنفعك إذا أردت مراجعة إحالة. ثم الكتاب إن كان قديماً فأهل العناية يعرفون طبعاته الجيدة وما عليه التعويل في الإحالة، فاستفد منهم، وفي الغالب تجد تعليقات ومقارنات مبثوثة على صفحات الانترنت حول الطبعات، فإن لم تعثر على بغيتك فاتصل ببعض المعنيين يفدك أو يرشدك من تسأل.

أما إن كان الكتاب جديداً حقق في السنوات المتأخرة، فاستفد مما ذكرته في التنبيه قبل هذا (كيف تعرف أهمية الكتاب)، فما قيل هناك يقال هنا؛ فبعض المحققين مشهور بالاتقان، وبعضهم خير للناس من تحقيقه أن يصور المخطوط كما هو! وهلم جراً إلى آخر ما ذكر في التنبيه السابق.

 6- من المهم مقارنة الأسعار، ومعرفتها قبل الشراء، ولاسيما إن كنت تريد شراء كتب ليست بالقليلة، ومما يفيدك في ذلك مقارنة الأسعار في موقع المعرض على الانترنت، ففيه كتب الدور وبيانتها وغالبا ما تتضمن أسعارها، أو بحث عن سعره في الانترنت، والمقصود سجل الأسعار ثم ضع قائمة المكتبات المحلية أمامك (وهي متوفرة على الانترنت وغيرها) واتصل بها مستفسراً من وجود الكتاب عندهم وسعره، فأحياناً كثيرة -وإن قلت غالباً لم أجازف- تكون أسعار بعض المكتبات خير من أسعار معرض الرياض إن توفر الكتاب فيها، وعلى كل حال قيد سعر الكتاب وإن لم تجده في غير المعرض! وذلك أن بعض البائعين يزيد، فإن كنت قيدت السعر عرفت ذلك فلم تزده وربما ماكسته في السعر ليبيع بدون ما قُيّد في القائمة.. وأذكر أني مرة ذهبت إلى دار فقال لي الأخ البائع هذه آخر نسخة من الكتاب –وبالمناسبة لا تغتر بنحو هذا الكلمة الماكرة- ولأجل خاطرك خذها بـ(500)ريال! فماكسته قليلا ثم أخرجت قائمة الأسعار فباع الكتاب لأجل خاطر القائمة بـ(200) ريال!!

7- إذا كنت تريد تكوين مكتبة تطمع في بقائها تكون لك ما أبقاك الله ولذريتك من بعدك فأحسن اختيار التجليد، فإن وجدت نسخة من الكتاب في غلاف ورقي وأخرى في غلاف كرتوني وثالثة في مجلدة، فعليك بالمجلدة، فإن وجدت المجلدة مخيطة مكعبة فهي خير من الجرداء المغرّاة، ولاحظ أن الفرق بين الغلاف والتجليد الكعب يستحق زيادة في السعر لا تستكثرها وإن بلغت نحو (50) ريال، لكن إن فحشت الزيادة فخير لك أخذ الغلاف ثم تجليده!

 8- طبعات الكتب ذات الأوراق الصفراء أو العاجية أقل إجهاداً للعين من الأوراق البيضاء، فإن وجدت هذه وهذه فاختر العاجي أو الأصفر، وانتبه لوزن الورق وجودته، فالجيد منه يكون خشنا لا يشف ما وراءه خفيفا معا، ودونه الشمواه وهو أوزان، وهذا يناسب الكتب المحمولة، التي تقرأ في المواصلات، أو الأسفار، ونحو ذلك. ودون الورق المتقدم ذكره ورق أصفر أو عاجي أملس ليس بمصقول وهو أنواع، وهذا أنسب ما يكون في تقديري للكتب التي تحتاج إلى درسها والتعليق عليها وطي شيء من صفحاتها، وأيضاً يوجد ورق مصقول وهو من أجود الورق وأغلاه لكنه لايناسب إلا الكتب التي تحتوي على رسومات وأشكال كالأطالس وبعض الموسوعات الطبعية أو العلمية، وإلا فلا كبير معنى لتكلف ثمنه، بل لا أنصح به لصعوبة إثبات التعليقات عليه.. وملاحظة نوع الورق مفيدة في تفهم غلاء السعر من عدمه، وإن كان الأغلى ليس هو الأفضل بل التفضيل فرع عن غرضك منه كما أشرت.

٩- ما هو الكتاب الذي تشتريه؟ وماهو الذي تقرؤه من الانترنت؟ أوسائط التخزين الرقمية؟ تعج الشبكة العالمية اليوم بكثير من الكتب مصورة من المطبوعات، أو معادا صفها في برامج كثيرة، وفي نظري أن القاعدة الأولى في هذا الباب إن كنت مثقفاً قارئا هي: إغناء كل مطبوع عن الرقمي، دون العكس، فما كل رقمي يغني عن المطبوع، لكن بعضه يغني، وهو كل كتاب ثقافي لا تحتاج إلى مراجعته كثيرا، ولا تزمع التعليق على صفحاته، أو قراءته في جماعة، فالوسائط الرقمية تغنيك عن اقتنائه، وما سوى ذلك فلا يغني عنه الرقمي، فكل كتاب يحتاج إلى درس أو قراءة تامة، أو تعليق، أو مذاكرة، أو قراءة في جماعة، أو كان من المطولات، فالأولى بك شراء نسخة ورقية منه متى كان ذلك متيسرا لك.

وذلك لحقائق أغلبية بينتها دراسات وأكدتها تجارب، من ذلك مثلا كون القراءة من الشاشة أبطأ عند متوسط القراء بنسبة تصل إلى ٢٥٪، فإذا انضاف إلى ذلك البطء العارض لتحميل الصفحة (إما لسوء تصميم الموقع، أو كثرة الضغط عليه، أو خلل في الجهاز المستخدم للقراءة.. وهلم جرا)، زاد ذلك من هدر الوقت، وهذا يظهر أثره في الكتب المطولة جليا. ومنها أن القراءة من الشاشة قراءة مسحية عند ٨٠٪ من القراء كما أفادت ذلك بعض الدراسات، يركز القارئ العربي على بداية الركن الأيمن ثم يتنقل إلى أجزاء من الصفحة، يخرج منها بتصور عام، ويزداد الأمر سوءا إذا كان لا يقرأ من صورة كتاب، فهنا مع المسح العام تكثر الصوارف المانعة لما يسمى بالقراءة الخطية (المتتابعة سطرا وراء سطر)، بسبب الارتباطات التشعبية، وصوارف الشاشة الأخرى، ومع ذلك فهذا قد يكون مقبولا في المطالعات الثقافية العامة، ويمكن التغلب عليه في الجملة لمن أراد بزيادة مجهود.

١٠- وختاما لا تصرف من الوقت في المعرض فوق ما ينبغي، ولا تعطل أعمالك، واختصر وقت زيارتك وليكن بقدر غرضك، واستغل ما توفره من وقت لمطالعة ما اقتنيت أيام المعرض وتصنيفه، ولا يغرنك عن هذه النصائح بعض الكتبيين الذين تراهم كل حين يجولون بأرجلهم في الردهات وبأعينهم على الأرفف والأرضيات، يدخلون قبل الباعة -إن أذن لهم- ويخرجون بعدهم! فهؤلاء ليست لهم خارطة، وهدف كثير منهم صيد كل آبدة، وتتبع كل غريبة! وبعضهم ربما كانت له أغراض في تجارة ممنوعات تباع تحت الطاولة! وبعضهم هو كذا! حالته النفسية لا تطمئن ولا يستقر إلا إن شبّر المعرض ومتّره وذهب وآب وحرك كل كتاب.. فدعهم وشأنهم! عافاك الله!

المصدر: موقع المسلم.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى