الدولة بين مُنَّظرِي الإخوان المسلمين
إعداد بدرية الراوي
مقدمة
بعد مرور تسعين عاما على تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وانتشار الجماعة فيما يزيد عن خمسين دولة حول العالم. مارست فيها نشاطها السياسي ووصلت كوادرها للحكم على مستويات مختلفة، (كرئاسة الدولة أو المشاركة في الحكومات والبرلمانات) في دول، أو حُظرت وضُيق الخناق عليها في دول أخرى. وأحيانا ما كانت تخضع الجماعة للحالتين في الدولة نفسها وفقا للسلطة السياسية القائمة في البلاد وعلاقة الجماعة بها. وبعد هذا الانتشار الواسع والأعداد الغفيرة المنتسبة أو المناصرة للإخوان، ورغم وجود هيكلية إدارية عليا إلا أن الممارسات والتحالفات السياسية والبيانات الإعلامية تتباين فيما بينهم من دولة لأخرى، ومن حقبة زمنية لأخرى.
وهذا ما يجعلها ومشروعها محل نقد، ففي أبسط تمثيل لهذا النمط من العمل والتعامل (السياسة): ما قامت به الجماعة الإسلامية في لبنان (فرع الإخوان) في انتخابات 2018 البرلمانية، حيث تحالفت مع الصديق والعدو، وعدو الصديق وصديق العدو ما بين محافظة وأخرى. وهو النمط والمنطق الذي تتعامل به أفرع الجماعة حول العالم، فتراها في محور إقليمي ودولي هنا ومحور معادٍ له في منطقة أخرى.
وفضلا عن النظر في الممارسات السياسية التي لربما تمليها ظروف الجماعة في أي منطقة أو قضية، ثمة اختلاف على مستوى الأفكار وفي الطرح ما بين مفكر أو شيخ داخل الجماعة خاصة فيما يتعلق بهدفهم السياسي الأكبر، ومن ثم كيفية العمل لتحقيقه. ومن هذا المنطلق جاءت هذه الدراسة لتبين نظرة بعض المفكرين من أبناء هذه المدرسة (الإخوان المسلمون) لــــ “الدولة” وما يتعلق بها.
وقد تم تحديد المرحلة التأسيسية وكذلك ما يمكن تسميته المرحلة الثورية في فكر الجماعة كإطار زمني، في كل من مصر وسوريا كإطار جغرافي للدلالة على هذه المسألة. أما اختيار مصر فعلى اعتبارها موطن تأسيس الجماعة، وسوريا (الشام) على اعتبارها أول منطقة تمددت لها الجماعة خارج القطر المصري، ولاختلاف نظام الحكم السائد في الدولتين بتلك الفترة ما بين الملكي في مصر (أولا) والجمهوري في سوريا. ولما شهده القطران من صراع دموي ما بين الجماعة والنظام الحاكم عقب ميلاد تلك الأفكار الثورية وعوامل أخرى.
وعليه، ستتناول الدراسة مفهوم الحكم والدولة لدى أهم أعلام تلك المراحل، المؤسس في مصر الشيخ حسن البنا والمراقب العام الأول للجماعة في سوريا الشيخ مصطفى السباعي، كذلك كل من المفكر سيد قطب والشيخ سعيد حوى. فترصد الدراسة أفكار تلك الشخصيات توافقت أو اختلفت في بعض المسائل السياسية، سواء ضمن المرحلة الأولى، أو ما بين المرحلة الأولى والثانية وتحللها. أما هذه المسائل فقد حددتها الورقة البحثية في نقاط هي مرجعية الدولة، آليات الوصول لهذه الدولة، وأخيرا شكل النظام السياسي المرجو. كذلك تنظر الدراسة إذا ما كان هذا التغايير -إن وجد -مؤثر، وفي أي اتجاه؟ بغض النظر عن منهجية المقارنة الجامدة.
أما تقسيم هذه الدراسات فعقب التمهيد جاءت على النحو التالي:
أولا: المرجعية والسيادة عند المفكرين الأربعة
ثانيا: شكل النظام السياسي وآليات الوصول للدولة عند المفكرين الأربعة
تمهيد
تعتبر الدولة حقيقة سياسية، مفهوم قانوني وكائن اجتماعي، ومن خلال التعريف الوبيرياني[1]تُحدد بأنها منظمة سياسية إلزامية، مع حكومة مركزية، تحافظ على الاستخدام الشرعي للقوة في إطار معين الأراضي[2]. ووفقا لفقهاء القانون الدولي، فقد عرفت اتفاقية مونتيفيديو -Montevideo بشأن حقوق وواجبات الدول في عام 1933، الدولة بأنها: مساحة من الأرض تمتلك سكان دائمون، إقليم محدد وحكومة قادرة على المحافظة والسيطرة الفعَّالة على أراضيها، وإجراء العلاقات الدولية مع الدول الأخرى[3].
كما لا يغفل هؤلاء المصنفون التأكيد على مسألة الاعتراف الدولي والسيادة. فالاعتراف الدولي[4]هو عملية يتم بموجبها إضفاء الشخصية القانونية على إحدى الوحدات السياسية والاعتراف بحقها في الانضمام إلى المجتمع الدولي، كدولة جديدة لها ما للدول الأخرى من حقوق وعليها ما على هذه الدول من واجبات. أما السيادة[5]، فيعتبر أوَّل من صك مُصطلحها الفيلسوف الفرنسي جان بودين في كتابه Les six livres de la république (كتب الجمهورية الستة) وذلك بعد نهاية الحرب الطائفية التي جرت في فرنسا في القرن السادس عشر، هادفا من هذا المؤلَّف، إنقاذ المملكة وإعادة الهيبة والسلطان لدولتها من خلال تثبيت ودعم سيادة حاكمها [6].
ثم عقبه جان جاك روسو، في كتابه العقد الاجتماعي، لكن مؤكدا على سيادة الأمَّة وسيادة الإرادة العامَّة، وأن “العقد الاجتماعي يعطي المجتمع السياسي سلطة مطلقة على كل أعضائه، وهذه السلطة المطلقة التي تتولاها إرادة عامة تحمل اسم السيادة، فالسيادة ليست سوى ممارسة الإرادة العامة لا يمكن أبدا التصرف فيها، وصاحب السيادة الذي هو كائن جماعي لا يمكن لأحد يمثله أو ينوب عنه سوى نفسه”[7]. كما يضيف روسو إلى ذلك أن السلطة العليا لا يمكن تقييدها، ذلك أن تقييدها يعني تحطيمها.
وفي هذا السياق، يؤكد دكتور حسن نافعة أيضا على أن السيادة مفهوم قانوني سياسي ارتبط بوجود الدولة القومية الحديثة، وأصبح أهم خصائصها وسماتها الرئيسية. وحين توصف الدولة بأنها كيان يتمتع بالسيادة، فالمقصود أن الدولة هي التنظيم السياسي والاجتماعي، الذي يحق له وحده دون غيره أن يحتكر أدوات القوة التي يحتاجها، بما في ذلك أدوات القمع والإكراه، لفرض سلطته على مجمل الإقليم الذي يشكل حدوده السياسية. وما يمكنها من القيام بوظائفها وأدوارها المختلفة على الصعيد الداخلي[8] والخارجي. كما يرتبط مفهوم السيادة بمفهوم استقلال وحرية الإرادة[9].
وهنا يكمن السؤال، عقب القول بأن السيادة للأمة ما الذي ستختاره هذه الإرادة البشرية (الأمة) وما الذي ستخطه ليشكل قوانينها الحاكمة وتوجه الدولة، في الفكر الإسلامي للإخوان المسلمين؟
أولا: المرجعية والسيادة عند المفكرين الأربعة
إسلاميا[10]، شأن الدولة أن تُرسي مبدأ سيادة الشريعة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والاجتهاد، كما للعقل الإسلامي حق تفسير وفهم النصوص، وممارسة السيادة، وعصمة الإرادة العامة للأمة والسير على هذا المنهج، وعدم الخروج عليه أو انتهاكه من الحاكم والشعب، وهذا يضفي على النظام صفة الشرعية وعلى قدر التزام الخليفة بمبدأ الشرعية تجب له الطاعة. وللمحكومين حق المشاركة العامة عن طريق مراقبة سلوكه ومحاسبته إذا حاد عن الشريعة. فجاز للمحكومين مطالبته بالعودة إلى الشرع، ولا طاعة له[11].
مع سقوط آخر الدول الحاكمة بأحكام الإسلام (السلطنة العثمانية) وغياب منصب الخليفة، ومن ثم الجدل الذي أثاره كتاب علي عبد الرازق حول نفي وجوب إقامة الإمامة العظمى (الخلافة) أو الدولة الإسلامية في زمانه (مطلع القرن العشرين) تواترت الردود على هذا القضية، كــرد الشيخ عبد الرزاق السنهوري.
ويكفي في هذا المقام الإشارة إلى ما جاء عن الشيخ رشيد رضا: “أجمع سلف الأمة وأهل السنة، وجمهور الطوائف الأخرى على أن نصب الإمام أي توليته على الأمة واجب على المسلمين شرعا لا عقلا “[12]، وهذا الإمام بلا شك هو الذي يحكم بذلك الشرع ويجعل له الرفعة والسيادة. فما الذي جاءت به مدرسة الإخوان في هذا الإطار؟ خاصة عند الشخصيات المحددة في مقدمة هذه الورقة.
يذخر تراث الإمام حسن البنا (1906-1949) بتناول مسائل السياسة والحكم، وإن كان بغالبيته تناول عام غير مفصل، مما يجعل تفسيره محل اختلاف لدى القارئين. لكننا نخلص بلا شك وبشكل مباشر إلى دعوته السياسية عدما يقول: “أيها الإخوان المسلمون، أيها الناس أجمعون، إن الله بعث لكم إماماً، ووضع لكم نظاماً، وفصل أحكاماً، وأنزل كتاباً، وأحل حلالاً، وحرم حراماً… فهل اتبعتم إمامه، واحترمتم نظامه، وأنفذتم أحكامه؟
…كونوا صرحاء في الجواب، وسترون الحقيقة واضحة أمامكم، كل النظم التي تسيرون عليها في شؤونكم الحيوية نظم تقليدية بحتة لا تتصل بالإسلام، ولا تستمد منه ولا تعتمد عليه”[13]. ويذكر منها مفصلا في الرسالة عينها (الإخوان تحت راية القرآن) أن: “نظام الحكم الداخلي، نظام العلاقات الدولية، نظام القضاء، نظام الدفاع والجندية، نظام المال والاقتصاد للدولة والأفراد، نظام الثقافة والتعليم. أي الروح العام الذي يهيمن على الحاكمين والمحكومين، ويشكل مظاهر الحياة على اختلافها، كل ذلك بعيد عن الإسلام وتعاليم الإسلام، فماذا بقي بعد هذا؟
من خلال هذا التساؤل نرى الدولة التي يريدها ومرجعيتها، دولة إسلامية صرفة تتولى إدارة كل مناحي الحياة وتخضع لما أسماه “هيمنة القرآن” نظما وأحكاما. فهو لا بكتفي بالتأكيد على مرجعية الدولة وسيادة أحكام الإسلام، بل يحذر ويعدد عيوب النظم غير الإسلامية في رسالة نظام الحكم[14]، وغيرها الكثير التي يمكن لأي مطلع على تراث البنا أن يلاحظها.
وعليه، فإن السيادة عنده تعود للشرع ولما جاء الإسلام به لكافة مناحي الحياة، وتطبق من خلال فهم أهل العلم[15]. “وإذا أمعنت النظر في تعاليم الإسلام وجدته قد وضع أصح القواعد أنسب النظم وأدق القوانين لحياة الفرد وحياة الأمم في نشوئها وقوتها وانحلالها، وحلل الفكر التي وقف أمامها المصلحون. فالعالمية والقومية والاشتراكية والرأسمالية والبلشفية والحرب وتوزيع الثروة، والصلة بين المنتج والمستهلك وما يمت بصلة قريبة أو بعيدة إلى هذه البحوث التي تشغل بال ساسة الأمم وفلاسفة الاجتماع، كل هذه نعتقد أن الإسلام خاض في لبها، ووضع للعالم النظم التي تكفل له الانتفاع بما فيها من محاسن، وتجنب ما تستتبعه من خطر وويلات، وليس ذلك مقام تفصيل في هذا المقال، فإنما نقول ما نعتقد ونبين للناس ما ندعوهم إليه، ولنا بعد ذلك جولات نفصل فيها ما نقول[16].
والحكومة في الإسلام – ويعني بها حسن البنا الدولة الإسلامية – تقوم على ثلاث قواعد معروفة مقررة هي الهيكل الأساسي لنظام الحكم الإسلامي، وهي: مسؤولية الحاكم بين يدي الله وبين الناس، وحدة الأمة الإسلامية على أساس العقيدة الإسلامية، احترام إرادة الأمة بوجوب مشاورتها والأخذ برأيها وقبول أمرها ونهيها له”[17].
كان قد سبق سيد قطب (1906 – 1966) في تناول مسألة الحاكمية أبو الأعلى المودودي في كتابه الخلافة والملك[18]. معتبرا: “أن وجود هذا الدين هو وجود حاكمية الله. فإذا انتفى هذا الأصل انتفى وجود هذا الدين، وإن مشكلة هذا الدين في الأرض اليوم لهي قيام الطواغيت التي تعتدي على ألوهية الله، وتغتصب سلطانه، وتجعل لأنفسها حق التشريع بالإباحة والمنع في الأنفس والأموال والأولاد… وهي المشكلة التي كان يواجهها القرآن الكريم بهذا الحشد من المؤثرات والمقررات والبيانات، ويربطها بقضية الألوهية والعبودية، ويجعلها مناط الإيمان أو الكفر، وميزان الجاهلية أو الإسلام”[19].
مستنبطا ذلك من دلالات الآيات القرآنية مثل: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ}، {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}، {وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، {فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ}، {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}، {أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً}. ويؤكد على: أن الله هو الذي يُشرع لعباده، وهو الذي يُبين لهم سبحانه الصواب من الخطأ، والحق من الباطل، والإيمان من الكفر، فلا حكم إلا له سبحانه. وبالتالي: لا سيادة لأهواء وخيارات البشر إلا ما كان موافقا للكتاب والسنة، إذ “أن الحكم الذي مرّد الأمر فيه إلى البشر ومصدر السلطات فيه هم البشر هو تأليه لهم، يجعل بعضهم لبعض أربابًا من دون الله. إن هذا الإعلان معناه انتزاع سلطان الله المغتصب ورده إلى الله وطرد المغتصبين له الذين يحكمون بشرائع من عند أنفسهم فيقومون منهم مقام الأرباب ويقوم الناس منهم مقام العبيد، إن معناه تحطيم مملكة البشر لإقامة مملكة الله في الأرض”[20].
كذلك أكد سيد قطب على هذه الفكرة في كتابه خصائص التصور الإسلامي، حيث تحدث عن خصائص منها: التوحيد، الشمولية، الربانية، المثالية، الواقعية، الإيجابية، التوازن… إلخ. وكشف مساوئ الأنظمة البشرية التي تسود العالم اليوم، سواء كانت شرقية أو غربية. ودعا جميع المسلمين على اختلاف جنسياتهم إلى الاتحاد في كتلة ثالثة أطلق عليها اسم “الكتلة المسلمة” تقوم على التصور الإسلامي، الذي يزود البشرية كلها بفلسفة اجتماعية متناسقة متكاملة عن الكون والحياة، تلائم الفطرة البشرية، وتؤمن العدالة الاجتماعية الصحيحة والحرية والكرامة لكل إنسان… ومن شأنها أن تصبح حارسة للسلام العالمي[21].
ينفي سيد قطب مبدأ الفصل ما بين الدين والدولة اطلاقا، ويرد ذلك أنه خلاصة وخاصة بالفكر الأوروبي الذي أذاقته الكنيسة الويلات بسلطانها، وأن لا تشابه في ذلك: “في الإسلام لا توجد كنيسة، أعني لا يوجد (أكليروس)… والإسلام عقيدة وقانون، وكلاهما متصلٌ بالآخر وقائمٌ عليه، ولا يمكن أن توجد العقيدة ثم يهمَل القانون، والنصوص صريحة في هذا ولا تحتمل تأويلاً، فإما أننا مسلمون فيجب تنفيذ هذا القانون، والدولة هي التي تنفِّذه، لا هيئة دينية معينة، وأما أننا لسنا مسلمين، فنهمل إذًا تنفيذ القانون الإسلامي”[22].
بل إن كتاب العدالة جاء ليقول لأولئك المفتونين بـ «الرأسمالية» هذا هو الإسلام، ويقول لأولئك المفتونين بـ «الشيوعية الاشتراكية» هذا هو الإسلام. الإسلام هو الإسلام لا هو رأسمالية ولا شيوعية. ولسنا بحاجة أن نتحدث كما فعل البعض عن اشتراكية الإسلام، ولا عن حرية السوق والملكية الفردية في الإسلام[23]. – ومعلوم أن من تحدث في هذا كثر منهم الشيخ مصطفى السباعي وإن كانت الباحثة ترى بعد الاطلاع على هذا الكتاب أنه لم يكن يهدف لإجراء إسقاط مباشر بمعنى أن الاشتراكية من الإسلام بقدر ما هو عمله على عرض أسبقية وعدالة الإسلام على تلك المفاهيم والأفكار منها الاشتراكية التي كانت موضة العصر سياسيا.
والملفت في كل ما سبق لا التأكيد على وجوب الالتزام بأحكام الإسلام بل تأكيده على وضوح دلالات هذا الحُكم، بشكل أكثر تصريحا مما جاء على لسان البنا خاصة ما يتعلق ببلورته للفظ الحاكمية وجعلها بموقع الندية مع فكرة السيادة في الفكر الغربي.
أما المراقب العام الاول للجماعة وأحد أهم مؤسسها في سوريا مصطفى السباعي[24] (1915-1964)، فهو إذ يتناول موضوع الدولة، ينقلنا للنموذج النبوي في الحكم[25]، لكن لا يصرح بوضوح عن أن الحاكمية لله أو سيادة الشرع، وإن كان يشرح مدى أسبقية وصوابية الإسلام للحكم والظهور. كما أنه في حياته وممارساته السياسية نجد له مواقف تعارض ما دوّن، أو أن تلك الممارسة كان يجد لها مبررا كمجاراة الواقع والنوازل.
فالسباعي في معرض رده على من هاجم المطالبة باعتبار الإسلام دين الدولة، بدل أن يوضح مراده من العمل على تحكيم الشرع وسيادته يقول: “أما الزعم بأن النص على دين الدولة تفرقة بين أبناء الشعب، وإثارة للنعرة الطائفية فهو زعم باطل لأننا لا نريد بهذا النص تمييز المسلمين عن غيرهم ولا افتئاتاً على حقوق المواطنين المسيحيين، وحسبكم أن ترجعوا إلى نص المادة كما جاءت في المشروع[26]، لتعلموا أنها كتبت بروح نبيلة تشعر بالإخاء بين المواطنين. وليس القصد منها إلا تحقيق أهداف سياسية وقومية واجتماعية هي في مصلحة هذا الشعب مسلمه ومسيحيه على السواء، ولو كان النص على دين الدولة يؤدي إلى التفرقة بين أبناء الوطن الواحد لما جاز لكثير من دول أوروبا وأمريكا أن تنص عليها في دساتيرها”[27]. وهنا نقطة غاية في الأهمية ففضلا عن عدم الوضوح في طرحه، فإن هذه المقارنة تفرغ عبارة (الإسلام دين الدولة) من مضمونها وتجعل طرحه لا يختلف عن الطرح العلماني، فهل هو كان خطاب مدارة للطوائف الأخرى أم فكر الرجل واقعا؟
فهو يعود ويضيف: إن الذي تخوفون به بعض المثقفين من أن النص على الإسلام ديناً للدولة يجعل لرجال الدين[28] الكلمة الأولى في البلاد، هو(بعبع) لا يخيف إلا من خيم الوهم والباطل على عقولهم فليس في الإسلام رجال دين تكون لهم الكلمة، ونحن لا نريد بهذا النص أن نلغي البرلمان، ونطرد ممثلي الأمة، ونمحو القوانين، كلا، كونوا مطمئنين، فسيظل كل شيء على حاله، سيبقى لنا مجلسنا ونوابنا وقوانيننا وأنظمتنا ولكن… مع سمو الروح ونظافة اليد، واستقامة الأخلاق، وعيش الإنسان الكريم”[29]. في حين أن مسالة الإصلاح القانوني والمطالبة بقوانين توافق الإسلام جاءت على لسان البنا بوضوح، لا، بل دعى لإنكار المنكر بكل السبل المشروعة لتحقيق هذا التغيير في مواطن كثيرة، إذ لا بد أن تكون تلك القوانين موافقة للإسلام الذي يتم النص عليه في دستور البلاد[30].
ورغم كل هذا يعتبر البعض، أن السباعي وإخوانه تمكَّنوا من استبعاد الطابع العلماني عن الدستور، وفرض الطابع الإسلامي على معظم أحكامه الأساسية سنة 1950م، لكن أنى ومتى جرى ذلك في تاريخ الجمهورية العربية السورية؟! كما أنه في عهد الرئيس السوري الشيشكلي، أبعد خارج سوريا، فبقي في لبنان حيث التفّ حوله مئات الشباب الجامعي المثقف اللبناني والسوري، وفعلاً أسس معهم الحركة. ومن هؤلاء فتحي يكن مؤسس الجماعة الإسلامية – فرع الإخوان المسلمين في طرابلس-بلبنان، لذلك تجد الباحثة أن كتابات الشيخ فتحي يكن تُظهر تأثره بفكر السباعي، خاصة لجهة اللبس والغموض بين ما هو إسلامي وغير إسلامي، بعد أن كانت بداياته وكتاباته الأولى إسلامية صرفة، ومما يدلل على ذلك تاريخ عمله السياسي تحت قبة البرلمان اللبناني إلى أواخر عمره.
كل هذا يعيد ويطرح لنا التساؤل عن مدى الاتباع الفكري داخل هذه المدرسة وفي فترة قريبة جدا؟ يقول البنا: يا قومنا، لا تحجبكم الألفاظ عن الحقائق والأسماء عن الغايات، ولا الأعراض عن الجوهر، وإن للإسلام لسياسة… وتلك هي سياستنا لا نبغي بها بديلا فسوسوا بها أنفسكم، واحملوا عليها غيركم تظفروا بالعزة الأخروية، ولتعلمن نبأه بعد حين[31]، ما الذي دفع بهؤلاء نحو التغيير في نقاط محددة هل هو الواقع ،كما يستدل البعض أي ان البيئة تلعب دورا على غرار كل المدراس الفكرية المختلفة والتي تتأثر بعوامل متعددة، وهل من المقبول أن يتم التغيير في جوهر الفكر!
نبقى في سوريا أيضا، فترى الباحثة أن تراث الشيخ سعيد حوى (1935-1989) لأسباب كثيرة[32]، كان أكثر وضوحا وحدة فيما يتعلق بالمشروع السياسي الإسلامي من السباعي، فهو بشكل فاصل يؤكد أن “الإسلام لا يعرف إلا نوعين اثنين من المجتمعات مجتمع إسلامي، ومجتمع جاهلي. أما المجتمع الإسلامي: هو المجتمع الذي يطبق في الإسلام، عقيدة وعبادة وشريعة ونظاما وخلقا وسلوكا. في حين أن المجتمع الجاهلي: هو المجتمع الذي لا يطبق فيه الإسلام، ولا تحكم عقيدته وتصوراته وقيمه وموازينه ونظامه وشرائعه وخلقه وسلوكه”[33]. وهنا يظهر تأثره بفكر سيد قطب لا البنا، فكيف السباعي!
وهذه الجاهلية برأيه “تتمثل بصور شتى، منها أن يتمثل في نظام لا ينكر وجود الله تعالى ولكن يجعل له ملكوت السماوات ويعزله عن ملكوت الأرض، فلا يطبق شريعته في نظام الحياة ولا يحكم قيمه التي جعلها هو قيما ثابتة في حياة البشر ويبيح للناس أن يعبدوا الله في البيع والكنائس والمساجد ولكنه يحرم عليهم أن يطالبوا بتحكيم شريعة الله في حياتهم. وهو بذلك ينكر أو يعطل ألوهية الله في الأرض التي ينص عليها قوله تعالى: وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله. ومن ثم لا يكون هذا النظام إسلاميا في دين الله بل نظاما جاهليا ولو أقر بوجود الله سبحانه ولو ترك الناس يقدمون الشعائر لله”[34].
فمع سيادة الشريعة الإلهية تكون هذه هي الصورة الوحيدة التي برأيه يتحرر فيها البشر تحررا كاملا، ويبين أن التشريع لا ينحصر فقط في الأحكام القانونية، كما هو المفهوم الضيق في الأذهان اليوم لكلمة الشريعة، بل في المناهج والقيم والموازين والعادات والتقاليد، وإلا أصبح المجتمع متخلفا[35]. وما لم تصبغ الدولة كلها شعبا وحكومة، وأجهزة بصبغة الإسلام فالتقصير والقصور والتردي والانهيار الذي قد يكون مقدمة للكفر[36].
لذلك يؤكد مرارا على وجوب إقامة الحكومة الإسلامية (الدولة) لما يترتب عليها من ضروريات أعظمها تبليغ وحماية رسالة الإسلام، إذ “بلا حكومة إسلامية تكون عرى الإسلام في حالة نقص وفي الحديث: “لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضا الحكم، وآخرهن الصلاة”. وما نقضت بقية عرى الإسلام إلا بعد أن نقضت العروة الأولى، إذا ما دامت العروة الأولى مستمسكة فإن عرى الإسلام كلها قائمة[37]. كما له مقولات فقهية مطولة في كتابه (الإسلام) عن الخلافة ودار الإسلام ودار الكفر، فكرة الوطن والأمة وذلك في غاية الوضوح[38].
يتضح من كل ما سبق أن الإسلام مرجعية الدولة قاسم وجامع بين المفكرين الأربعة لكن باختلاف الطرح ما بين الوسط والأطراف، الوسطية في الطرح يمثلها البنا والشدة يمثلها قطب وحوى، في حين أن السباعي كان الأكثر قربا من دائرة ما يسمى اليوم تيار الدولة المدنية. وكل هذه التوجهات ممتدة وينجم عنها تيارات متغايرة سواء مازالت داخل دائرة الجماعة أو خارجها.
ثانيا: النظام السياسي للدولة في فكر الإخوان وسبل الوصول إليها
إن كان توجه الدولة وسيادتها مهم جدا، فإن شكل نظام الحكم لا يقل أهمية، وذلك لما يتعلق به كتوزيع الصلاحيات ما بين سلطات الدولة، فضلا عن تأثيرها في سير العمل في مؤسسات هذه الدولة وكذلك في السياسة الخارجية للبلاد. لكن في إطار جماعات الإسلام السياسي، نجد أقوالا وآراءً؛ منهم من يولي ذلك أهمية على غرار فقهاء القانون الدستوري الحديث ومنهم من لا يمنحها أهمية على اعتبار أن التاريخ الإسلامي حافل بنماذج متعدد من تولي الحكم وإدارة الدولة ما بين الاستخلاف إلى الشورى… الخ. بمعنى آخر إن هذا الأمر متروك للأمة.
يقول الدكتور محمد عمارة إن: “تفصيلات نظام الدولة يمكن إقراره عن طريق الاجتهاد، حيث وقفت النصوص الشرعية في سياسة العمران عند الثوابت والكليات والفلسفات والقواعد والأطر الحاكمة، تاركة للعقل الإنساني والاجتهاد البشري حرية التفريغ والبناء والتفصيل والابداع، تحقيقا لإسلامية العمران المتجدد بمد فروع إسلامية من الأصول والقواعد لتظلل هذه المتغيرات والمستجدات فتتواصل الصبغة الإسلامية للعمران دونما جمود ودونما قطيعة مع الأصول[39].
كذلك الدولة الحديثة لا تلزم بشكل نظام سياسي محدد كي يضمن ديمقراطيتها أو يصنف ديكتاتوريا، فشكل النظام السياسي غير متعلق بمستوى ديمقراطية الحكم، إلا إن كانت سلطات الدولة تتركز في شخص واحد أو ظهرت فيه أمارات النظم الشاملة. شكل نظام الحكم المقصود هنا هو: برلماني، جمهوري، ملكية دستورية… إلخ.
وفي هذا الإطار، نجد أن سيد قطب لم يكترث كثيرا لشكل نظام الحكم الإسلامي كحسن البنا، فأهم ما يركز عليه كان مرجعية النظام وعلو أحكام الإسلام، فلا نجد عند سيد قطب كلاما عن الدعوة للحكم الدستوري أو أن الأمة مصدر السلطة السياسية أو العلاقة بين الشريعة والديمقراطية أو فكرة النظام التمثيلي النيابي أو نحوه، بل تركيزه منصب على الحاكمية وسيادة الشرع، دار الإسلام ودار الكفر… إلخ. بل ويعتبر “السؤال عن تفاصيل النظام الإسلامي الذي يدعو إليه، من قبيل الإحراج الذي تضغط به الجاهلية على أعصاب الدعاة المخلصين، ومن قبيل محاولاتها دفعهم لتعجل الخطوات، والتي يجب أن تركز الآن على خطوة دعوة هؤلاء إلى التسليم لحاكمية الله، مشيرا إلى أنه ليس ما ينقصنا الآن هو الاجتهاد والبحوث الفقهية على الأصول الحديثة، وأن النظرية تتبلور أثناء الحركة، وأن ملامح النظام تتحدد أثناء الممارسة، داعيا أصحاب الدعوة ألا يستجيبوا لهذه المناورة، وألا يستخفنهم الذين لا يوقنون”[40].
في أدبيات الإخوان المتقدمين، النظام الإسلامي نظام مستقل عن سائر النظم الاجتماعية الأخرى، مستقل في خصائصه واتجاهه على الرغم من وجود مشابهات جزئيات بين بعض أجزاء فيه وبعض أجزاء في تلك النظم ولكن هذه المشابهات هي عرضية ظاهرة فوق أنها جزئية، ومن ثم لا يجوز أن تخدعنا فنحسب أن بينها وبين الإسلام اتصالا يتهيأ معه استعارتها للنظام الإسلامي. كذلك لا يجوز أن تخدعنا فتخلع على النظام الإسلامي بعض مصطلحاتها ذات المفاهيم الخاصة بها[41].
فالحكم في الإسلام ليس ملكيا وإرثا يورث بل قائم على اختيار الحاكم، وهكذا يبدو نظامه لأول وهلة جمهوريا إذ رئيس الدولة يعين بالانتخاب وهو في هذا يطابق النظام الجمهوري الغربي، ولكن ثمة خصائص يتميز بها النظام الإسلامي عن النظام الجمهوري الغربي فالرئيس في هذا النظام الإسلامي ينتخب لمدى الحياة وهو مسؤول لدى الأمة عن تصرفاته فإن أساء قوموه بل وعزلوه. وحكمه قائم على الشورى في إدارته، والحكم الديمقراطي الغربي قد يتجه إلى شيء من هذا، ولكن هذه المشابهة الجزئية العرضية لا تجعلنا نقول: إن الإسلام نظام ديمقراطي ولا أن نضيف الديمقراطية إلى الإسلام.[42]
والإمام حسن البنا يرى أن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية، وشعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكر في أمرها والاهتمام بشأنها، وأن على الخليفة مناط كثير من الأحكام في دين الله، ولهذا قدم الصحابة رضوان الله عليهم النظر في شأنها على النظر في تجهيز النبي ودفنه، حتى فرغوا إلى تلك المهمة واطمأنوا إلى إنجازها. والأحاديث التي وردت في وجوب نصب الإمام، وبيان أحكام الإمامة وتفصيل ما يتعلق بها، لا تدع مجالا للشك في أن من واجب المسلمين أن يهتموا بالتفكير في أمر خلافتهم منذ حورت عن منهاجها ثم ألغيت بتاتا إلى الآن.[43] ويضع خطوات لإعادة الخلافة، كقيام تعاون تام ثقافي واجتماعي واقتصادي بين الشعوب الإسلامية كلها، يلي ذلك تكوين الأحلاف والمعاهدات، وعقد المجامع والمؤتمرات بين هذه البلاد.
كما يؤكد أنه في حال توفرت القواعد التي حددها للقول إن هذه الحكومة اسلامية[44] فهي دولة إسلامية، أياً كان شكلها وأياً كان اسمها، فلا عبرة لذلك بالأسماء والأشكال. وساق شواهد على ذلك، “فالذي يستعرض شكل الدولة في الإسلام تاريخياً، يجد أنها أحياناً كانت تسمى خلافةً، والحاكم يسمى خليفة، كعهد الخلفاء الراشدين، وأحياناً تسمى سلطنة ورئيس الدولة سلطان وهذا في زمن الدولة العثمانية الإسلامية… المهم أن تتوافر هذه القواعد في الدولة الإسلامية، ولا يهمنا الأسماء متى وضحت المسميات وإن كنت أوثر أن تسمى الدولة الإسلامية ولا تسمى الجمهورية أو الملكية أو غيرها”[45].
وهنا لا بد من الإشارة إلى مسألة مهمة، وهي أن البنا عندما يتحدث عن شكل النظام السياسي، فهو يتكلم عن مستويين، نظام الحكم الإسلامي لكل الأمة وهو الخلافة، والنظام التمثيلي النيابي[46] في الدولة الإسلامية المصرية، وتستنتج الكاتبة ذلك أولا من الأهداف التي حددها لدعوته:
- تحرير الديار المصرية من المحتل وحكوماته العميلة
- الاتحاد مع باقي الأقطار من العالم الإسلامي (على نحو ما ذكره عن البرلمان للقدس).
لقد رحب البنا بالنظام الدستوري النيابي كما أسماه، مع التأكيد على ألا يخالف هذا الدستور وذاك البرلمان الإسلام. “فقد يقع في وهم بعض الناس، وبعض الإخوان: أنهم حين يعلنون ويهتفون: القرآن دستورنا يرفضون أي دستور وضعي أو بشري، يضعه الناس لأنفسهم ويتفقون عليه”[47].
على خلاف، البنا وقطب جاءت أفكار الشيخ مصطفى السباعي، ففي كتابه (دروس في دعوة الإخوان المسلمين) أورد اعتقاده: “أن كل نظام صالح في العالم لا يمكن أن ينتفع به ما لم تؤيِّده حكومةٌ حرةٌ قويةٌ صالحةٌ، ومن أجل ذلك آمن الإخوان المسلمون بوجوب تحرير العالم العربي والعالم الإسلامي من الاستعمار مهما كان شكله أو لونه”[48]. أي ربط صلاح النظام السياسي بصلاح السلطات القائمة عليه بداية ثم لم يخفي إعجابه بشكل النظام الجمهوري.
فعن شكل الدولة يصرح السباعي بأن هذه البلاد – أي سوريا-أحبت النظام الجمهوري، واعتنقته، واعتقدت بصلاحه، وإننا نعلن بكل إيمان وصراحة ووضوح بأننا لا نريد عن النظام الجمهوري بديلاً: إننا نريد لوطننا نظاماً شعبياً ديموقراطياً، يقوم على إرادة الشعب، وتتمثل فيه إرادة الشعب”[49].
أما عن الوحدة السياسية للأمة، فقد كان داعيا للتعاون العربي والإسلامي دون الإشارة لدولة الخلافة، فقال عن جماعته في الكتاب نفسه: “كما آمنوا بتوحيد البلاد العربية في الوطن العربي الكبير والتعاون مع البلاد الإسلامية والصديقة بأي شكل من أشكال التعاون الذي يحقِّق قوة العالم الإسلامي… وفي سبيل هذه الغاية عمل الإخوان المسلمون في حقل القضايا العربية والإسلامية”. بل في جلسة صياغة القسم للنواب في برلمان 1949 تحدث قائلا: “إننا دعاة وحدة عربية منذ الصغر، ولكن هذه الوحدة تحول دونها مطامع وأهواء”[50].
بمصطلحات وعبارات قوية وغاية في الوضوح على غرار سيد قطب، لا كما جاء عند مصطفى السباعي، ولا بدبلوماسية حسن البنا فضلا عن متصدري الإخوان المسلمين اليوم، خاصة في سوريا، يؤكد الشيخ سعيد حوى: “أن الدول إما دولة كافرة تحكم الشعب بإرادته لتحقيق رغباته وإرادته، وإما دولة تحكم شعبها غصبا عنه لتحقيق رغبات أفراد وإرادتهم. أما الدولة المسلمة فلا يصح أن تحكم المسلمين إلا برضاهم وألا تقيم الكتاب والسنة فيهم[51]. أما عن شكل الدولة المنشودة فهي الخلافة[52]، ذاك المصطلح الذي تبلور أكثر في زمن سعيد حوى، جراء عوامل متعددة منها أنه بالأصل فقيه، انتشار أفكار الشيخ تقي الدين النبهاني وحزبه حزب التحرير في بلاد الشام، خلفية حوى الفقهية وعداوة النظم السياسية القائمة للمشروع الإسلامي خاصة بعد إعدام سيد قطب.
لكن الفارق ما بين كتابات حوى وغيرهم من حاملي لواء عودة الخلافة أنه يتكيف ويتعامل مع النظم القائمة في الدول التي أسماها إسلامية كباكستان وغيرها، بل ويدعو للاستفادة من الجو العام فيها سعيا نحو تحقيق هذا الهدف السياسي، وهذا ما سنفصله لاحقا.
أما أركان الحكم التي يقوم هذا النظام عليها فهي: الدستور، الشورى، ترتيب الوزارة، القضاء وإقامة الحدود، الأجهزة الأمنية وتأمين الأمن، تنظيم السياستين الداخلية والخارجية، اصطفاء البطانة، النهوض بالعلم والعمران، الاقتصاد، الفتيا، الحسبة[53].
وفي حين يسهب الشيخ سعيد حوى، في ذكر الحكم الرشيد مع دولة النبوة والخلفاء الراشدين، ويعدد مهامهم، يحذر من نمط الحكم الجبري والعضد متمسكا بمبدأ الشورى، وأخلاق الحاكم فيعرض بالنقد لكتابات ميكافيلي، مع تأكيده على تضمنه لجوانب إيجابية لا حرج من الأخذ بها من وجهة نظر شرعية لأنها تدخل في باب “الحكمة ضالة المؤمن”[54]. بمعنى آخر هو يعزز فكرة أن السيادة في الإسلام للشرع لا للشعب، وأن فصل الدين عن الحياة ليس من الإسلام، بل هو أساس الفلسفة الديمقراطية، التي لا يمكن لنا حصرها بمجرد آلية انتخابية، كما أن حكم الأغلبية لا يعني الصواب أو الحكم الرشيد.
آليات التغيير والوصول إلى الحكم وقولهم في القوة والثورة
يضع البنا كغيره من مؤسسي أي تيار أهدافا وخطوات وأدوات لدعوته. أما أهدافه فهي: أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي، وأن تقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة. ووسيلته الإصلاح والتدرج مشيرا إلى أن كل دعوة لابد لها من مراحل ثلاث: مرحلة الدعاية والتعريف والتبشير بالفكرة وإيصالها إلى الجماهير من طبقات الشعب، ثم مرحلة التكوين وتخير الأنصار وإعداد الجنود وتعبئة الصفوف من بين هؤلاء المدعوين، ثم بعد ذلك كله مرحلة التنفيذ والعمل والإنتاج، وكثيراً ما تسير هذه المراحل الثلاث جنباً إلى جنب نظراً لوحدة الدعوة وقوة الارتباط بينها جميعاً… لكن لا شك في أن الغاية الأخيرة أو النتيجة الكاملة لا تظهر إلا بعد عموم الدعاية وكثرة الأنصار، ومتانة التكوين[55]. إذن هو صاحب منهج لا صفري، يعمل على إصلاح الحكومات القائمة لا تغييرها بالكلية.
وفي عدة مواطن، يقول: “موقفنا من الحكومات المصرية على اختلاف ألوانها فهو موقف الناصح الشفيق، الذي يتمنى لها السداد والتوفيق، وأن يصلح الله بها الفساد، وإن كانت التجارب الكثيرة كلها تقنعنا بأننا في واد وهي في واد… لقد رسمنا للحكومات المصرية المتعاقبة كثيرا من مناهج الإصلاح، وتقدمنا لكثير منها بمذكرات إصلاحية.[56] وإصلاح القانون باستمداده من شرائع الإسلام… مستخدمين الوسائل العامة للدعوات لا تتغير ولا تتبدل ولا تعدو هذه الأمور الثلاثة: الإيمان العميق، التكوين الدقيق، العمل المتواصل[57].
والبنا في حديثه عن الجهاد ضد المستعمر أو في الداخل شديد الحرص والحذر كما يربط الجهاد بغايته الأهم هيمنة القرآن، فيقول: “لقد دعوتم وجاهدتم، ولقد رأيتم ثمار هذا المجهود الضئيل أصواتا تهتف بزعامة رسول الله وهيمنة نظام القرآن، ووجوب النهوض للعمل، وتخليص الغاية لله، ودماء تسيل من شباب طاهر كريم في سبيل الله، ورغبة صادقة للشهادة في سبيل الله. وهذا نجاح فوق ما كنتم تنتظرون، فواصلوا جهودكم، واعملوا[58]. كما أن حراسة الحق بالقوة، والجهاد في سبيل نشر الدعوة الإسلامية فضلا عن الاحتفاظ بمقدسات الإسلام فريضة الله على المسلمين كما فرض عليهم الصوم والصلاة والحج والزكاة… ولم يعذر في ذلك أحد فيه قوة واستطاعة، وإنها لآية زاجرة رادعة وموعظة بالغة زاجرة[59].
أما القوة فشعار الإسلام في كل نظمه وتشريعاته. والإخوان المسلمون أعمق فكرا وأبعد نظرا من أن تستهويهم سطحية الأعمال والفكر… فهم يعلمون أن أول درجة من درجات القوة قوة العقيدة والإيمان، ثم يلي ذلك قوة الوحدة والارتباط، ثم بعدهما قوة الساعد والسلاح، ولا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعاني جميعا، وأنها إذا استخدمت قوة الساعد والسلاح وهي مفككة الأوصال مضطربة النظام أو ضعيفة العقيدة خامدة الإيمان فسيكون مصيرها الفناء والهلاك.[60]
لكن رغم كل النصح واللين والدعوة للإصلاح، لكنه متيقظ إلى أن أعداء المسلمين سيقفون بعنف في وجه دعوته وجماعته بكل قوة وسيستخدمون كل صور الاعتداء، ولهذا رأى أنه لا مناص من تكوين جهاز عسكري مدرب ومعد إيمانياً وروحياً وجسدياً وعسكرياً وأمنياً للتصدي لأعداء الأمة الإسلامية والدعوة الإسلامية. إذن هدف هذا الجهاز وذاك الجهاد حماية هذا المشروع ومن قبله أدواته التنفيذية. خاصة مع وجود الإنجليز على أرض مصر يحتلونها ويحكمونهم عن طريق حكومات عميلة لهم، فكان لابُدّ والحالة هذه من وجود جهاز عسكري مدرب يتصدى لهؤلاء الغزاة المحتلين، فكان تكوين الجهاز الخاص.
وقد كان النظام الخاص يقوم بالتربية السياسية لأعضائه ليكونوا حراساً لفكرتهم ودعوتهم، وأهم المفهومات السياسية التي ركز عليها النظام الخاص: مفهوم الجهاد في سبيل الله، ومبدأ الاستقلال والتحرر السياسي، ويقوم أيضاً بالتوعية السياسية لعناصره، وقد شارك أعضاؤه فعلاً في مقاومة الإنجليز في قناة السويس فيما سُمي بالمقاومة السرية، كما شاركوا في حرب 1948م ضد اليهود على أرض فلسطين[61].
يعرف عن سيد قطب أنه ذو نزعة ثورية صفرية، وهذه الرؤية الراديكالية ميزت سيد قطب، واستراتيجيته للتغيير، فهو يرى أن الوعظ والدعوة لا يكفيان فقط لأن أولئك الذين يغصبون حق الألوهية لن يتنازلوا عن سلطاتهم طواعية، ولهذا فإنه دعا إلى تكوين طليعة إيمانية جاهزة لجهاد النظم الجاهلية الحديثة، وبخلاف البنا، رأى قطب أن الجهاد هو الوسيلة الأساسية للتخلص من المعوقات التي تحول دون تأسيس الدولة الإسلامية، ولتحرير الإنسان من كل سلطة غير سلطان الله. لا بل إن هذه الأفكار كانت مما دفع المرشد الثاني لكتابة “دعاة لا قضاة” عام 1969 وفقا لبعض الآراء[62]، وهو الذي اعتبر أن أفكار سيد قطب تعبر عنه ولا تعبر عن الإخوان المسلمين.
اما السباعي، ورغم كلامه عن الجهاد في فلسطين والذي شارك فيه وعلق على الخيانات العربية التي جرت هناك، ألا أن استخدام القوة أو الجهاد كوسيلة للتغيير داخل الدولة لم يتجلى بوضوح في تلك الفترة، وإن كان أقر بضرورة وأهمية الجهاد، فيقول: إن الجهاد في الإسلام مشروع لغرضين: دفع العدوان على حرية الأمة في وطنها ودينها، واستنقاذ الضعفاء المضطهدين من سلطة الظالمين[63]. فقد كان سبيله للتغيير، من داخل الدولة ومؤسساتها وقد خاضت التجربة البرلمانية كما ذكرنا سابقا، وله مسألة تعديل الدستور مواقف.
لا يخرج الشيخ سعيد حوى عن الإطار العام الذي وضعه البنا لجهة شمولية الأدوات الواجب استخدامها في عملية التغيير الاجتماعي والسياسي، ولا حتى لجهة حضور فكرة الاصلاح والتدرج، إذ يكفي النظر فيما خطه في كتابه: جند الله تخطيطا، جند الله تنظيما، جند الله أخلاقا. فضلا عن تجربته العملية في ميدان الدعوة والقتال وتأثيره (أي من خلال كتاباته) في تلك الساحات من أفغانستان إلى حماة لاحقا. وفي هذا السياق، يكتب الشيخ عن واجبات حزب الله[64]، وعن أشكال التنظيم والتخطيط[65] الذي عليهم اتابعه والإحاطة به في سبيل اكتساب القوة بشتى أنواعها وبالتالي قدرتهم على التغيير في المجتمع بداية وفي نظام الحكم. لكن الملفت بكتابات الشيخ سعيد حوى تفصيله المسائل وفهرستها وكأنه مخطط من الطراز الأول، يفصل حتى في المسائل الأمنية لحماية العاملين.
لكن رغم قوله إن الدولة المنشودة هي الخلافة كما أسلفنا، إلى أنه يدعو العاملين لهذا الهدف من الاستفادة من الجو العام في دول أطلق عليها إسلامية أو عادلة، او دولة فيها صراعات مسلحة، فيقول: إن أقطار الأمة الإسلامية ليست واحدة، وخطة العاملين للإسلام لا ينبغي أن تكون واحدة، إن هناك أقطارا يجب أن تكون خطتنا فيها موجهة نحو الدعوة ونحو دعم الديمقراطية والمحافظة عليها – وهذا الكلام أما أنه يحمل على الاستفادة من جو الحريات للانطلاق بالدعوة، أو يمثل تناقضا كبيرا لدى الشيخ سعيد حوى، فهو ذاته نقضها بل جعل من النفاق والردة التعاون مع غير المسلمين ضد الإخوان لتحقيق واقامة نظم غير اسلامية عدا منها الديمقراطية-[66]، وأن نسعى عبر القانون لإنشاء أحزاب إسلامية في ظل الديمقراطية، وكمثال على هذه الأقطار ماليزيا، وتركيا، وهناك أقطار يجب أن يدخل في خطتنا فيها دعم جهادها المسلح، كأفغانستان، وأخرى يجب أن نقتصر فيها على الدعوة إلى الله، كما هو في الدول الغربية.. إلخ”[67].
الخاتمة
على غرار مدارس فكرية وحركية كثيرة، تتغاير النظرة ويختلف الطرح ما بين رواد المدرسة الواحدة، وهذا ليس بظاهرة سلبية إن لم يفضِ للخلاف والصراع. وفي إطار كلامنا عن مدرسة الإخوان فإن لذلك تأثيرات ودلالات، فقد أسست النظرة “لمفهوم الدولة وتباعاته” للتنافس والخلاف ما بين التيار الإصلاحي والتيار الثوري داخل الجماعة مثلا. وفي حين يرى البعض أن الانقسامات داخل الجماعة تتمحور حول التكتيكات قصيرة المدى والملفات التنظيمية، لا حول الخطوط الكبرى على مستوى الأيديولوجيا، إلا أن الكاتبة ترى أن الخلافات والانقسام الأكثر وضوحا إن جاز تسميته – ما بين المحافظين والإصلاحيين خلافات ذات طبيعة أيديولوجية بالأساس لا فقط خلافات تكتيكية، كما رأينا من خلال هذه الدراسة، حيث أسس الخلاف أو عدم الوضوح في بعض المسائل المتعلقة بموضوع “الدولة” إلى اختلافات فيما بعد.
كما أن هذه التأويلات والتفسيرات المختلفة لن تقف على المرحلتين اللتين تم اختيارهما في هذه الدراسة، بل تنسحب لكل زمان ومكان، وهذا ما يترتب عليه ميلاد جماعات وأحزاب من رحم الإخوان، حملت اسمها أو لم تحمله. فضلا عما ينجم عن الخلافات التنظيمية من انقسامات أيضا، خاصة ما بين الشباب والقيادات. على سبيل المثال: ما حصل مع حزب الوسط، الذي انشق انطلاقا من خلافات أيديولوجية، وأخرى متعلقة بالركود التنظيمي.
وكذلك تنسحب تلك الاختلافات والتناقضات على بيانات فروع الجماعة في دول العالم، ومن جملة هذه التغييرات أو لنقل الإضافات ما كان سنة “عام 1994 حيث أصدرت الجماعة بيانا قويا يوضح موقفها من هذه القضايا ولأول مرة، حيث اعترف البيان بالحقوق السياسية للمرأة والأقباط وأكد على أن الديمقراطية هي النظام السياسي الوحيد المقبول[68]، والذي ترتب عليه جدل كبير داخل مصر دولة المؤسس الأول وخارجها.
وبين ما يسمى الاصلاح -كما يراه البعض-، أو التعثر في خط سير فكر الجماعة، يؤكد البعض أن حركة الإخوان المسلمين: “لديها مشكل فكري، فهي ما زالت تعيش على تراث حسن البنا والمؤسسين الأوائل، وليس عندها تطور فكري، لذا ينبغي الآن أن تنسى حسن البنا، فعندها الكتاب والسنة، وعندها العقول والتجارب[69]. وترى الكاتبة ما هو مخالف، أن الجماعة لا هي متمسكة بفكر البنا السياسي حقيقة، ولا هي مجددة في الاتجاه الذي يحقق لها مكاسبها السياسية العليا، فضلا عن الضبابية والتخبط في ممارساتها السياسية لافتقارها للمنظريين والمفكريين السياسيين.
الهامش
[1] نسبة للمفكر الألماني ماكس وبير، Terme Wébérienne.
[2] Max Weber, Le savant et le politique, trad. de l’all. Par Catherine Colliot-Thélène, La Découverte, La politique comme profession et vocation, Paris, 2003, P.118
[3] Montevideo Convention on Rights and Duties of States, Article 1, CAMBRIDGE University Press.
[4] الاعتراف بالدولة في القانون الدولي.
[5] La Souveraineté, Cours de Droit.
[6] Jean Bodin, Internet Encyclopedia of Philosophy.
[7] مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، السيادة بين مفهومها التقليدي والمعاصر، دراسة في مدى تدويل السيادة في العصر الحاضر، المجلد 26، دمشق، 2010، ص 49 -50.
[8] تنظيما وتشريعا.
[9] حسن نافعة، مقالة: سيادة الدول في ظل تحولات موازين القوة في النظام الدولي.
[10] تم اختيار كلام معاصر لاحد مشايخ الازهر ووفقا للمفاهيم والمصطلحات السائدة اليوم، وإن كان لنا العودة إلى كلام المتقدمين من فقهاء الأمة وأمهات الكتب للنظر في مرجعية الدولة ووجوب خضوع الحكام والمحكومين لأحكام الإسلام.
[11] محمد الشحات الجندي، الدولة المدنية بين الإسلام والغرب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2011، ص 67.
[12] وجيه كوثراني، الدولة والخلافة في الخطاب العربي إبان الثورة الكمالية في تركيا، دراسة ونصوص، دار الطليعة، بيروت، 1996، ص 54.
[13] حسن البنا، الإخوان تحت راية القرآن. (بتصرف)
[14] حسن البنا، رسالة نظام الحكم.
[15]أي العارفون بأحكام الله من علماء المسلمين.
[16] حسن البنا، إلى أي شيء ندعو الناس، مرجع سابق.
[17] حسن البنا، مشكلاتنا الداخلية في ضوء النظام الإسلامي.
[18]إذ يقول “يقرر القرآن الكريم أن الطاعة لا بد وأن تكون خالصة لله، وأنه لا بد من اتباع قانونه وحده، وحرام على المرء أن يترك هذا القانون ويتبع قوانين الآخرين أو شرعة ذاته ونزوات نفسه، وأن الشكل الصحيح لحكومة البشر في نظر القرآن هو أن تؤمن الدولة بسيادة الله ورسوله القانونية وتتنازل لهما عن الحاكمية وتؤمن بأن تكون خلافة نائبة عن الحكم الحقيقي تبارك وتعالى، وسلطاتها في هذه المنزلة لا بد أن تكون محدود. (أبو الأعلى المودودي، الخلافة والملك، تعريب أحمد إدريس، دار القلم، الكويت، 1978، ص 16-19).
[19] قطب، سيد، في ظلال القران الكريم، دار الشروق، بيروت والقاهرة، 1980، ص 1163.
[20]سيد قطب، في ظلال القرآن الكريم، مرجع سابق، ص 1433.
[21] مهدي فضل الله، مع سيد قطب في فكره السياسي والديني، مؤسسة الرسالة، بتصرف. (نسخة الكترونية متوفرة على موقع إخوان-ويكي).
[22] سيد قطب يكتب عن: فصل الدين عن الدولة، موسوعة الإخوان.
[23] جولة في مؤلفات سيد قطب، التبيان.
[24] نشير إلى أنه التقى الشيخ حسن البنا في مصر ونقل أفكاره إلى سوريا، وقد انتخب الشيخ مصطفى السباعي نائباً عن دمشق في الجمعية التأسيسية التي تحوّلت بعد وضع الدستور إلى برلمان (1949 ـ 1954)، انتخب نائباً لرئيس المجلس، وأصبح عضواً بارزاً في لجنة الدستور العامة، وأحد الأعضاء التسعة الذين وضعوا مسودة الدستور، وقدموها إلى اللجنة العامة لإقراره بعد أن ضمَّنه مواد إسلامية.
[25] مصطفى السباعي، اشتراكية الإسلام، دون دار نشر، دمشق، 1959، ط 3، ص 196.
[26] يقصد بها مشروع القوانين المقترحة للبرلمان أثناء تعديله الدستور.
[27] عمر العبسو، التجربة السياسية للحركة الإسلامية في سورية: د. مصطفى حسني السباعي أنموذجاً، 2018، مركز امية للبحوث والدراسات الاستراتيجية.
نقلا عن: كناب (السباعي) للدكتور زرزور، ص 271، عن مذكرات الجمعية التأسيسية، الجلسة الثامنة والثلاثون بتاريخ 24/7/1950 ص/637).
[28] إذ ينتقد البنا وجود قوانين تخالف الدستور (مما يعنى عدم دستوريتها)، لذا نجده يدعو إلى تعديل القوانين التى تخالف الدستور، فيقول :”فهلا تفكر الحكومة فى تعديل القوانين ـ ولها هذا الحق وليس من يعارضها فيه إن أرادت ـ فى تعديل التشريع الحالي بما يجعله يتناسب مع الدستور ومع القوم الذين يطبق عليهم هذا التشريع، وهلا ترى أنه من غير الجميل أن يقع هذا التناقض الغريب بين القانون الكلى، وهو الدستور وبين القانون الجزئي وهو تشريع المحاكم الأهلية.
انظر: مجلة الإخوان المسلمون الأسبوعية، ال عدد25، 18 من رمضان 1352هـ/ 4 يناير 1934، مصر، 1934، ص (17-18).
[29] عمر العبسو، مرجع سابق، ص 283.
[30] بدرية الراوي، الحاكمية بين حسن البنا وسيد قطب، المعهد المصري للدراسات.
[31] حسن البنا، رسالة إلى أي شيء ندعو الناس.
[32] الحقبة الزمنية، النضوج الفكري والحركي، معاداة النظم القائمة بشكل أكثر وحشية… الخ.
[33] سعيد حوى، الإسلام، دار السلام، القاهرة، 2001، ط4، ص 54.
[34] المرجع السابق، ص (55 -57).
[35] المجتمع المتخلف عند الشيخ سعيد حوى، هو المجتمع الي لا يحكم شرع الله.
[36] سعيد حوى، الإسلام، مرجع سابق، ص 334.
[37] المرجع السابق، ص 333.
[38] المرجع السابق، ص (349 – 348).
[39] محمد عمارة، الإسلام والسياسة: الرد على شبهات العلمانيين، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، 1993، ص 11.
[40] سيد قطب، معالم في الطريق، دار الشروق، بيروت، 1979، ص 45.
[41] ابراهيم زهمول، الإخوان المسلمون أوراق تاريخية، الإخوان-ويكي.
[42] المرجع السابق.
[43] حسن البنا، رسالة المؤتمر الخامس، مرجع سابق.
[44] سابقا تم تحديدها في كلام البنا.
[45]حسن البنا، مشكلاتنا الداخلية في ضوء النظام الإسلامي، مرجع سابق.
[46] بدرية الراوي، مرجع سابق.
[47] يوسف القرضاوي، التربية السياسية عند الإمام حسن البنا.
[48] المراقب العام الأول للإخوان في سوريا: الدكتور مصطفي السباعي، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية.
[49] عمر العبسو، التجربة السياسية للحركة الإسلامية في سوريا… مرجع سابق.
[50] المرجع السابق.
[51] سعيد حوى، المرجع السابق، ص 291.
[52] انظر كتاب: فصول الإمرة والأمير، والتي يتناول فيها الشيخ سعيد حوى وجوب اقامة دولة الخلافة وأسباب ذلك وتفاصيله.
[53] سعيد حوى، فصول في الإمرة والأمير، دار السلام، 1983، ط1، ص 118.
[54] المرجع السابق، ص 173.
[55] رسالة المؤتمر الخامس، مرجع سابق. (بتصرف)
[56] المرجع السابق.
[57] زكريا سليمان بيومي، الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية في الحياة السياسية المصرية، (أطروحة دكتوراة)، مكتبة وهبي، مصر، 2012، ط3، ص 99.
[58] الإخوان تحت راية القرآن، مرجع سابق.
[59] حسن البنا، إلى أي شيء ندعو الناس، حراسة الحق بالقوة، الإخوان –ويكي.[60]حسن البنا، رسالة المؤتمر الخامس، الإخوان والقوة والثورة، مرجع سابق.
[61] جابر قميحة، الإمام الشهيد حسن البنا بين السهام السوداء وعطاء الرسائل، الموسوعة الحركية.
[62] حقيقة موقف حسن الهضيبي من أفكار سيد قطب. انقسم “الإخوان” حول أفكار قطب التكفيرية فأفتى المرشد بأنها “صحيحة شرعاً … وخطأ سياسة”، الحياة.
[63] مصطفى السباعي، اشتراكية الإسلام، مرجع سابق، ص 245.
[64] أي المسلمون المنظمون بتنظيم يعمل لدين الله، لا حزب الله اللبناني.
[65] سعيد حوى، جند الله تخطيطا، القاهرة، ص 132 وما بعدها.
[66] انظر كتابه، الإسلام، ص 250.
[67] المرجع السابق، ص 61.
[68] خليل العناني، “الإخوان المسلمين”: الدين والهوية والسياسة، مطبوعات أكسفورد، ترجمة الشبكة العربية للدراسات، 2016، ص 218، (مع الإشارة إلى أن بيان الشورى كان نتاجا لجدال حامي الوطيس بين الأجيال الشابة والأكبر سنا، وكان الهدف الأساسي من هذا البيان هو القطيعة مع المواقف غير الواضحة والغامضة للجيل الأكبر سنا، تجاه القضايا التي ناقشها البيان والأكثر أهمية من ذلك أن البيان صدر بعد أشهر فقط من إطلاق مبارك لحملة قمعية جديدة ضد الإخوان) وفقا للعناني.
[69] أحمد الريسوني: ارتحت لإسقاط مرسي. والإخوان المسلمون يعانون جمودًا فكريًا، CNN. (بتصرف)
(المصدر: المعهد المصري للدراسات)