مقالات مختارة

إتحاف الألباب بآداب الواتس اب

بقلم: د.هاشم ميرغني

١- قِلَّةُ رسائل القروب تدلُّ على فقر وضحالة الأفكار المتداولة فيه ، وعلى ضعف الصلة بين أعضائه، وتنافرهم شعورياً أوذهنياً أو اجتماعياً، كما أنَّ كثرة رسائل القروب قد تدلُّ على تضخم مجاني وثرثرة لغوية لا معنى لها مما يعيق مراسلات الأعضاء الذين لديهم ما يقولونه، ويدفعهم للمغادرة هرباً من سيل الرسائل المجانية، خيرُ القروبات أوسطُها ؛ حيث يتكافأ كمُّ الرسائل مع “كيفِها” .

٢- لاتُشاركْ في محادثات القروب أو الأفراد من أجل إثبات الذات :” أنا موجود ياجماعة”، شاركْ فقَطْ إنْ كانَتْ هُناك حاجةٌ مُلِّحةٌ وحقيقيَّة للمداخلة.

٣- ساحةُ الواتس ليست سبورةً تُلصقُ فيها ما تشاء من صور، وفيديوهات، ومقالات منسوخة ثم تلوذ بالفرار . القروب ساحةٌ للتفاعل الحي الخصب بين أصدقاء ومعارف وأهل عزيزين، ومسرحٌ مفتوح للمؤانسةِ ونَسْجِ خُيوط التواصل، وتفقُّد الأحوال، وتوثيق أواصر العلاقات . [ تفاعَلْ لا تُلصِقْ ]

٤- اقرأْ المراسلاتِ قبل كتابة ما تُريد ؛ فليس أسوأ من مقاطعة حديث الآخرين في حالة دخولك ببوست “مشاتر” يقطعُ تسلسلَ الحوارَ الدائر .

٥- لاتُرابِطْ في الواتس سواء أكان ذلك في المجموعات أم الأفراد من السادسة صباحًا حتى الثانية عشرة ليلا : تخيَّلْ شخصًا لايفارقُك لحظةً خلال يومك، ويكون معك في منزلك، ومكتبك، ومعك في الشارع، والسوق إلخ إلخ. هل ستكون سعيدًا؟

٦- لاتدخُلْ في مداولات شخصية طويلة داخل القروب مع أحد أعضاء القروب ، فمكانُها الواتس الخاص بينكما .

٧- نادراً ما تُقرأ البوستات الطويلة . قلِّلْ منها .

٨- اختصِرْ رسالتك ما استطعتَ كأنَّك تكتب برقية . الثرثرةُ لا مكانَ لها في أيِّ مكان .

٩- لاشيءَ أكثر إملالا من الحديث المعاد. لا تعد إرسال الرسائل المرسلة مسبقاً أبداً بدون التأكد منها، ذلك يثبت عدم متابعتك وقراءتك لما ينشر .

١٠- لاتتناقضْ مع ما ترسلُ من رسائل . لاتكتُبْ مثلا :” فلنجعل هذا الأسبوع أسبوعاً لبرِّ الوالدين” وأنت لم ترهما منذ شهر . لاتبشِّر براية الثورة ، وأنت تجلس بمائدة الطاغية.

١١- لا ترِّوجْ أبداً لرسائلِ الخرافة والدجل والتبشير بشفاء الأمراض . حكِّم عقلك قبل إرسال أيِّ رسالة وردتك . ثَمَّة جهاتٌ عديدة همُّها الأساس هو نشْرُ الجهل، وتغييبُ العقل بُغيةَ السيطرة عليه لالتهامِ البلاد والعباد.

١٢- ما يصلُح لقروبٍ قد لايصلح لقروب آخر، وما يصلح إرساله لصديق قد لايصلح لآخر . فالناسُ تختلف أمزجتها وأفكارها حدَّ التناقض

١٣- ابتعد تماماً عن آليات القهر الاجتماعي المستترة لاسيَّما تلك التي تحطُّ من قيمة المرأة، أو الأعراق، أو الشعوب .

١٤- عندما تكوِّنُ مجموعةً (قروباً) احرص أن تكون مُتَّسِقةً في أفكارها وأمزجتها وتاريخها المشترك، إذ لا أسوأَ من مجموعةٍ متنافرة لا يجمعُها سِوى الحدِّ الأدنى من الاتفاق.

١٥- يسبب الواتس تشتتًا غريبًا ؛ فحتَّى لو كان الهاتف بعيداً عنْك ستظل تطاردُ نغمةَ رسائله وتكون متابعاً لها في عقلك الباطن . أغلق الواتس فورا بمجرد انتهاء التواصل به .

١٦- وسائطُ التواصل الاجتماعي عالَمٌ افتراضي ولايمكن أنْ يَحلُّ أبداً محلَّ العالم الحقيقي.

١٧- لاتسلِّم ْنفسَك أبداً لسيل الصور والرسائل والفيديوهات فهذا يغيِّبُ تفكيرَك المستقلَّ ، وعقلَكَ النقديَّ، وتميُّزَك الشخصيَّ ويسلِبُك شخصيتَك في نهايةِ الأمر .

١٨- اقرأْ كتابَ “مصيدة التشتت” لفرانسيس بوث لِتُدركَ مخاطرَ الإدمان على هذا العالم الافتراضي وخطورته على كافة المستويات النفسية والاجتماعية والعقلية والجسدية.

١٩- إدمانُ الواتس لايقلُّ طبيًا عن إدمان المخدرات ؛ فقد تمَّ في العام 2013 ولأوَّلِ مرة إدراج الإدمان على الإنترنت (ويدخل في ذلك بالطبع جميع وسائل التقنية المختلفة المعتمدة عليه) في الدليل المستخدم عالميا لتصنيف الاضطرابات العقلية ـ “الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية”، ويُعدُّ المرجع الأول المعتمدُ رسميًا في تصنيف وتشخيص الأمراض النفسية.

٢٠- لا تقرأْ كلَّ شيءٍ في الواتس بسرعة . ثَمَّةَ كتاباتٌ عديدة تحتاج منك إلى التمهل . تذكر أنَّ القراءةَ عمليَّة معقَّدةٌ تشملُ أكثرَ من عشرينَ عملية عقلية مثل : التعرُّفِ على الرُّموز، وفكِّ شفرتها، وتفسيرَها وتذوقها وتقييمها، وإدراكِ العلاقات والنتائج، والتذوق والاستنتاج والموازنة والتقويم، والتمييز بين الحقائق والآراء في النص، وقراءة ما بين السطور، وكشف أيديولوجيا الرسالة، وإدماج ِ كل ذلك بالبنية المعرفية للقارئ: قبولا ورفضًا وتحويرًا، والكشفِ عن ثغرات النص وتناقضاتهِ الداخلية… إلخ إلخ.

لاتقرأ بسرعة حتى تعطي هذه العمليات المعقَّدة الوقت للعمل .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى