مقالاتمقالات مختارة

البُوطِي؛ طباعٌ وسِماتٌ نفسيَّةٌ خلفَ المواقِف السّلوكيّة

البُوطِي؛ طباعٌ وسِماتٌ نفسيَّةٌ خلفَ المواقِف السّلوكيّة

بقلم محمد خير موسى

السّماتُ النفسيّة تمثّلُ تعبيرًا عن استعدادٍ لنوعٍ معيّنٍ من السّلوك ودافعًا مهمًّا للقيام به، وكثيرةٌ هي المواقفُ التي يمكننا فهمها وتفسيرُها إذا تعرّفنا إلى الطّباع والسّمات النّفسيّة للشّخصيّة الفاعلة.

وفي هذه السّطور نحاول إلقاء الضّوء على بعض الطّباع التي كانت مجبولةً عليها شخصيّة الدكتور محمّد سعيد رمضان البوطي ممّا يساعدُنا في تفسير العديد من مواقفه التي ما تزال تحيّرُ ألباب تلاميذه قبل خصومه.

الاعتداد العلمي والفكري غيرُ المتناهي بالذّات

في إحدى المقابلات التّلفزيونيّة يسأله المذيع: “مَن هي الشّخصيّة التي كان لها الأثر البالغ في حياتكم”؟

فيأتي جوابه على الفور: “أخشى أن أفاجئكَ إن قلتُ: لا أعتقدُ أنّ هنالكَ من أثّرَ في حياتي، هنالكَ من أعجبتُ بفكره العلميّ، هنالك من أعجبتُ بمنهجه المعرفيّ، هنالكَ من أعجبتُ بحمايته للحقائق الكونيّة، أمّا هل هنالكَ من أثّرَ فيَّ؟ أعتقد أننّي مهما بحثتُ فلن أجدَ من أثّرَ فيّ”.

ثمّ يحاولُ أن يبرّر ذلكَ فيقول: “عمليّة التأثير لا تتّجه إلى عقل المتأثرّ بل تتجه إلى نفسه، وعمليّة التأثير مهما كانت وسيلة المؤثّر أمر غير مشكور فهو نوع من الخداع في مآله؛ نوع من التّدجيل المغناطيسي”!!

كان الدّكتور البوطي شديدَ الاعتداد بنفسه علميًّا وفكريًّا، فيرى أنّه ليسَ تابعًا لمدرسةٍ فكريّة أو تيّارٍ علميّ بل هو نسيج وحده، فلا ينتسبُ لأحدٍ من الأقدمين أو المعاصرين، وإنّما علاقته بالعلماء والفقهاء والأدباء هي علاقة إعجاب بما يقدّمونه ليسَ أكثر.

هذا الاعتداد صبغَ نقاشاتِه وحواراته لآراء الآخرين بشكلٍ جليٍّ واضح، وأذكرُ جيّدًا كيف كان يتحدّث وهو يناقشُ أقوال المخالفين له من العلماء باعتدادٍ ظاهر، ففي أكثر من مرّة وهو يناقشُ أقوال ابن تيمية ـ على سبيل المثال ـ يقول قبل الشّروع في الرّدّ على رأيه: “وهنا يصل ابن تيمية إلى مستوى طالب في الصّف الثّالث الابتدائي”!!

هذا الاعتداد كان حائلًا بين تقبّل الدكتور البوطي لكثيرٍ من آراء المخالفين، ونُصحِ العلماء المعاصرينَ له، وكان يسفّه آراء المنتقدين والمخالفين، ويُلبِسُ على الدّوام اعتدادَه هذا لَبُوس المنهج العلميّ والعمق الفكريّ.

على أنّ هذا الاعتداد بالذّات في ساحة العلم والفكر كان يتناقضُ مع حاله في الحياة العامّة فقد كانت تتّسم بالتّواضع الإيمانيّ مع العصاة والمذنبين، وأذكر جيّدًا في إحدى دروس جامع الإيمان وهو يشرح كتابه “الحكم العطائيّة” كيف شنّع على الآنسات القبيسيّات دون أن يذكرهنّ بالاسم؛ وقد كان يحبّهنّ ويجلّهنّ : “هناك آنسات في أثناء الدّرس إن نسيت إحداهنّ أو أرتج عليها تقول لطالباتها إنَّ الله تعالى قد حرمكنّ بسبب معاصيكنّ، وإن فتح الله عليها نسبت الفضل في ذلك إلى إخلاصها، وهذا داءٌ خطيرٌ والأصل هو خلاف ذلك”.

ثمّ يقسم قائلًا: “والله إنني أجلس أتحدّث إليكم فيفتح الله عليّ بأفكار لم أكن أخطط لقولها هي أفضل ممّا كنت قد حضّرتُه وجهّزته، فأقول لنفسي: إنّ هذا بسبب إخلاص السّامعين الذين ساق الله لهم هذا الرّزق على لساني، وأحيانًا أكون قد جهّزت في نفسي فكرة فتطير من رأسي وأنسى ما أريد قوله فأقول لنفسي: إنَّ هذا بسبب معصيتي وتقصيري”

كما أنّني سمعتُه يقسم في موضع آخر قائلًا: “والله إنّني أجلسُ إلى عاهرةٍ فأعتقدُ أنّها قد تكون أفضلَ منّي عند الله تعالى، ولو أنّني اعتقدتُ أنني أفضل منها لسقطتُ من عين الله”

فالدّكتور البوطي يجمع في شخصيّته بين الاعتداد البالغ علميًّا وفكريًّا بالذّات مع شعورٍ داخليّ كبيرٍ بعدم الأفضليّة الإيمانيّة على أحدٍ من خلق الله تعالى سواءٌ في ذلك العصاة والطّائعون.

المبالغة حدّ التّطرّف في الحبّ والبغض

من أهمّ الطّباع التي تميّزت بها شخصيّة الدّكتور البوطي هو مبالغتُه الشَّديدة في مشاعره، فهو لا يعيشُ توازنًا مشاعريًّا على الإطلاق، فإن أحبّ؛ أحبَّ بصدقٍ إلى الطرف الأقصى، وإن أبغضَ؛ أبغض بصدقٍ أيضًا إلى الطرف الأقصى المضادّ.

وهذه المبالغة في المشاعر كان ينتج عنها مبالغةٌ في التّوصيفات، فكثيرٌ من التّوصيفات والتّصريحات غير المتوازنة تكونُ دوافعُها مشاعر وانفعالات غير متوازنةٍ أيضًا.

ومن مبالغاته في التوصيفات أنّه كان يصفُ بعض الصّالحين من القدماء والمعاصرين مثلًا بعبارة “إذا لم يكن فلانٌ وليًّا لله فليسَ لله أولياء في أرضه”، وأذكر أنّه أكثر من مرّة قال لي بعد أن ألقيَ عليه أبياتًا نظمتُها: “أنتَ الشّاعرُ لا محمود درويش” ففي عبارته هذه تتجلّى مبالغته النّاتجة عن العاطفة التي كان يحملُها لي في نفسه.

ومن أشهر مبالغاته حين تمنّى عقبَ حرب تمّوز عام 2006م في إحدى خطب الجمعة أن يكون إصبعًا في جسد حسن نصر الله ممّا أثار عليه موجةً عارمةً من الانتقاد فدفعه ذلك إلى التّوضيح في درس الإثنين في جامع الإيمان فبيّنَ أنّه يتمنّى أن يكون إصبعًا في جسد أيّ مقاتل يقاتلُ “إسرائيل” ولذا فهو يتمنّى أن يكون إصبعًا في جسد حسن نصر الله.

وهذه المبالغة في التّوصيفات ليست طارئة على الدّكتور البوطي فهي نابعة من مبالغته بالحبّ أو البغض وهي طبع امتدّ معه من بداية حياته، ففي عام 1993م وهو يتحدّث عن المبعدين الفلسطينيين إلى مرج الزهور في جامع تنكز ـ في سياق إحدى معاركه التي نتحدّث عنها تفصيلًا لاحقًا بإذن الله تعالى ـ قال: إنّه يتمنّى لو كان قلامة ظفر أحد هؤلاء المبعدين الأبطال.

التحفُّز للمعركة وعقدة الاستهداف

كان الدّكتور البوطي شديد النّزق سريع الغضب ومن درسَ عنده في كليّة الشّريعة يعلم كيفَ أنّ الطالب يحسبُ ألف حسابٍ قبلَ أن يتوجّه إليه بسؤال، لأنّ نتيجة السّؤال إن لم يعجب الدكتور كانت توبيخًا شديدًا وتقريعًا عنيفًا فكان الكثيرون يعرضون عن سؤاله في قاعة الدّرس.

هذا النّزق والغضب جعله دائمَ التّحفّز للمعركة، معتقدًا أنّ السّائل يكيدُ له أو يضمر له سوءًا أو يستهدفه بالسّؤال.

ونحن في السّنة الثّالثة من كليّة الشريعة في إحدى محاضرات مادة “العقيدة الإسلاميّة والفكر المعاصر” وكانت عن الماسونيّة؛ ذكر الدّكتور البوطي أنّ الماسونيّة تنظيمٌ سرّي، ولا يعرفُ أعضاءَه إلّا من كان فيه، وبعد انتهائه من الشّرح وقف أحد الأصدقاء يسأله سؤالًا بريئًا يتبادرُ إلى أذهان الكثيرين وهو: “هل صحيحٌ ما يقال: إنّ عددًا من الحكام العرب أعضاء في الماسونيّة” هنا ثار الدّكتور البوطي ثورة عارمة وقال له بغضبٍ شديد: “أنت هنا من أجل إيقاعي، أنت تريد مني أن أقول نعم يوجد أو أنفي وجودهم لتثبت أنني عضو في الماسونيّة، لأن من يكونون فيها لا يعرفهم إلا أعضاؤها” ومضى يوبّخ الطالب المسكين ويتهمه بأنّه مدفوع من جهاتٍ تتآمر عليه لإيقاعه بالكلام، وصديقنا الطيّب يتصبّبُ عرقًا وقد حلف بعدها ألّا يفكّر بأن يسأله سؤالًا في حياته.

ولكنّ الدّكتور البوطي نفسه الذي يعدّ السؤال عن انتساب الحكّام العرب إلى الماسونيّة نوعًا من المكيدة للإيقاع به؛ لا يتعامل بهذا المنطق عندما يقرّر في كتابه “شخصيّات استوقفتني” أنّ جمال الدين الأفغاني كان عضوًا في المحافل الماسونيّة، حيث يقول في مقالة في الكتاب عنوانها “جمال الدّين الأفغاني؛ نقاط غامضة من حياته”:

“النقطة الرّابعة: ما اشتهر واستفاض من انتساب جمال الدّين الأفغاني إلى أحد المحافل الماسونيّة الإنكليزيّة في مصر، وهو محفل “كوكب الشّرق”، الذي لم يكن يدخله إلّا المصريّون، والمراجع التي تؤكّد ذلك كثيرةٌ جدًّا”.

وفي موقفٍ آخر أذكرُ جيّدًا عندما قرّر أن يشرع في شرح الحكم العطائيّة في درس الإثنين بجامع الإيمان؛ وصله سؤالٌ مكتوبٌ غير موضح فيه اسم السّائل، يقترحُ عليه أن يكون الدّرس في غير شرح الحكم العطائيّة كونه سبق له شرحها في جامع تنكز قبل سنواتٍ عدّة..

ومن قدر الله تعالى أنني أعرف مرسل هذه الرسالة وهو أستاذٌ في كليّة الشريعة ومن طلّاب الدكتور البوطي المحبّين له والمتّبعين منهجه حينها، ولكنه خشي نصح أستاذه فيعاين من نزقه وغضبه ما يسوؤه.

وما إن قرأ البوطي الرّسالة حتّى انفجر غاضبًا موبّخًا السّائل الذي لا يعرفه، وكان ممّا قاله: “لو كان الدّرسُ في شرح كلام ابن تيمية لما أرسلتَ سؤالك، ولو كان في شرح شيءٍ من كتب الوهابيّة لما اعترضتَ عليّ، ولكن لأنّ ابن عطاء الله السكندريّ لا يعجبك جئتَ معترضًا ومستنكرًا”.

والسائلُ الذي أعرفُه جيّدًا ليسَ ممن يسميهم البوطي “الوهابيّة” ولا يحبُّهم؛ فتأمّل.

عقدة الاتّهام والغرق في نظريّة المؤامرة

من أهمّ طباع الدكتور البوطي وصمُ من يخالفه باتّهامات مختلفة منها السّرقة الفكريّة تارةً أو الاتّهام بالتّآمر لصالح أجنداتٍ دوليّةٍ.

فهو مسكونٌ بالمؤامرة، وغالبُ ما يفعله الآخرون هو ضربٌ من التآمر أو التّعاون مع الغرف السريّة التي تحرّك المكائد بحقّ هذه الأمة.

فلم يكن يفتأ ـ على سبيل المثال ـ أن يتحدّث عن ارتباط الدّعوة إلى اللّامذهبيّة بجهاتٍ أجنبيّةٍ، وكان في خطبه يربط بين هذه الدّعوة وبين ما قام به الاستعمار البريطاني في مصر يوم دعا اللّورد كرومر إلى نبذ المذاهب الأربعة وكتب الفقه الإسلاميّ، ووصف التمسّك بها بالجمود والتخلّف.

كما  أنّه كثيرًا ما كان يذكر في محاضراته ويحيلُ في كتبه إلى ما يسمّيه في كتاب “هذه مشكلاتهم” ـ على سبيل المثال ـ “الوثائق الصادرة عن الهيئة اليهوديّة المعروفة بـ “النورانيين” أو باسم “حكماء صهيون” التي تعدّ المصدر التّاريخيّ الأوّل لما يسمّى اليوم “بروتوكولات حكماء صهيون” وتتضمّن هذه الوثائق توصيةً تحذّر من مجابهة الأديان عامّة والإسلام خاصّة بأي حربٍ مباشرةً معلنة، وتنصح بدلًا من ذلك بتفريغ النّصوص الدّينيّة من معانيها الثّابتة، ثمّ ربطها بمعانٍ وأفكار أخرى من شأنها أن تتعارض مع رسالة الدّين وأهدافه”

علمًا أنّ الدكتور عبد الوهاب المسيري يؤكّد في كتابه “البروتوكولات واليهودية والصّهيونية” وفي موسوعته الكبيرة “موسوعة اليهود واليهوديّة والصهيونيّة” أنّ ما يعرف ببروتوكلات حكماء صهيون هو وثيقة مزوّرة وزائفة، وأنّ الإصرار على الاعتماد عليها لا يخدم القضية العربيّة أو الإسلاميّة وإنّما يخدم الصّهيونيّة نفسها.

ومن اتّهامات الدكتور البوطي الغريبة خصومه بالسّرقة العلميّة التي لا يعلنها في المحافل العامّة ولكنّه قالها أكثر من مرّة في محاضراتٍ لطلّاب الدّراسات العليا بعد أن يسوق بعض أقوال ابن القيّم الجوزيّة؛ بأنّ ابن القيّم كانت عنده مكتبة فيها مخطوطاتٌ لكتبٍ نادرةٍ لم تصل إلينا ومعظم ما كتبه ابن القيّم مأخوذ من هذه الكتب!!

وفي كتابه “الجهاد في الإسلام؛ كيفَ نفهمه؟ وكيفَ نمارسه؟” يردّ الدكتور البوطي على الفتوى الغريبة العجيبة التي أصدرها الشيخ ناصر الدين الألباني والتي يقول بمقتضاها إنّ على المسلمين الموجودين في الأرض المحتلّة وبقايا الفلسطينيين فيها أن يخرجوا جميعًا من فلسطين كونها تحوّلت بسبب احتلال اليهود لها إلى دار كفر!!

وقد ردّ الدّكتور البوطي على هذه الفتوى ردًّا علميًّا محكمًا، غير أنّه لم ينسَ في نهاية ردّه أن يطلق على الشّيخ الألباني وصف “الشّيخ المشبوه” في إلماحٍ واضحٍ إلى أنّ هذه الفتوى صدرت بأوامر مخابراتيّة وتآمريّة على القضيّة الفلسطينيّة، واتّهام للشيخ الألباني بالعمالة لجهاتٍ أجنبيّة.

وقد زاره عقب صدور الكتاب اثنان من علماء فلسطين ـ أعرفُهما جيّدًا ـ كان لديهما العديد من التّساؤلات حول الكتاب، كما أنّهما أشادا بردّه العلميّ الرّصين على فتوى الشّيخ الألباني، وذكرا له أنّه لو اكتفى بالرّدّ العلمي لكان أفضل دون أن يوجّه له الاتّهامات المبطّنة بالعمالة للشّيخ الألباني.

وذكرا له أنّ الشّيخ الألباني ـ كما يعلم الجميع ـ عالمٌ بالحديثِ لكنّه لا باع له بالفقه، وعندما يتحدّث في غير فنّه فإنّه يقع في أخطاء كارثيّة، فرحّب الدّكتور البوطي بقولهما ووعدهما بأن يحذف وصف “الشّيخ المشبوه” من الطّبعة اللّاحقة، وعندما صدرت الطّبعة الثّانية من الكتاب أبقى على الوصف كما هو وأضاف على ردّه العبارة الآتية:

“وأقول الآن مضيفًا هذه الأسطر على هذا التّعليق في الطّبعة الجديدة: لقد كنّا ننتظر من هذا الشّيخ أن يرجع عن فتواه الباطلة هذه، والرّجوع إلى الحقّ فضيلة، ولكنّه لمّا يرجع عنها على الرّغم من قيام دنيا المسلمين عليه بسببها، ولقد استعظمَت قلّةٌ من القارئين وصفي للشّيخ بكلمة “المشبوه” وإنّما معنى هذه الكلمة أن تحوم شبهة اتّهام لمن يصدر مثل هذه الفتوى بالعمالة لجهةٍ أجنبيّة، وما أكثرهم في هذا العصر، ولا شكّ أنّ شبهة الاتّهام غير الاتّهام نفسه، وغير الجزم بالعمالة أيضًا، إذن فالكلمة لا شططَ فيها، وهي تعبيرٌ دقيقٌ عن واقعٍ محدّد”.

العاطفة الجيّاشة ورقّة القلب

الدكتور البوطي رجلٌ يفيضُ بالعاطفة، والحسّ المرهف، وهو غزير الدّمعة من غير تكلّفِ البكاء ولا اعتصار المآقي كعادة كثيرٍ من المتحدّثين في حقل الدّعوة من المشايخ.

وهو على الرّغم ممّا كان يملكه من عقلِ الأصوليّ ومحاكمات الفيلسوف إلّا أنّ قلبَ الصّوفيّ يغلبُه في كثيرٍ من الأحيان.

وإنّك لتلمس حرارة كلماتِه في عموم ما يكتبه، ولعلّ في مقالاته التي ضمّنها كتابه “من الفكر والقلب” ما يدلّ على هذه العاطفة الجيّاشة، وفي مقدّمتها “مناجاة قلبٍ كسير” و”خواطر وأشجان” و”وردةٌ وسط لهيبٍ من فيح الصّحراء”.

 وكذلك في سلسلة الحلقات التي ألقاها عبر شاشة التلفزيون السوريّ مساء كلّ أربعاء في برنامجه “دراسات قرآنيّة” وضمّنها بعد ذلك في كتابه “الحبُّ في القرآن ودور الحبّ في حياة الإنسان” ما يعبّر بجلاء عن عاطفتِه الجيّاشة، ولعلّ للحديثِ عن أثر العاطفة الجيّاشة والرّوح الصّوفيّة وآثارها عند الدّكتور البوطي موضع آخر أكثر تفصيلًا.

هذه الطّباعُ والسّمات النفسيّة لا يمكننا فصلُها عن شخصيّة الدّكتور البوطي ولا بدّ من استحضارِها عند الحديثِ عن مواقفه لا سيما المثيرة منها للجدل، فهي مع الخلفيّة الفكريّة والمنهجيّة العلميّة تشكّل الزّوايا الثّلاث التي تتشكّل منها شخصيّة أستاذنا الدّكتور محمّد سعيد رمضان البوطي.

(المصدر: الجزيرة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى