مقالاتمقالات مختارة

عناية الله بمصنفات العلماء المخلصين أسبابها وآثارها

عناية الله بمصنفات العلماء المخلصين أسبابها وآثارها

بقلم د. بلقاسم بن ذاكر الزبيدي

 

حينما تتأمل مدى الانتشار والبركة والانتفاع الذي يحظى به كتاب ما قد ذاع صيته في بقاع الأرض الواسعة وانتفع به الناس منذ قرون متطاولة ولا تزال الأمة قرناً إثر قرن تتداول نفع ذلك الكتاب في أروقة العلم حفظاً وتدريساً واعتماداً في الفتوى والقضاء وغير ذلك حينها تتقافز إلى ذهنك سؤالات التعجب التي تضطرك للبحث عن الأسباب التي كانت خلف هذه الآثار المباركة الواسعة زماناً ومكاناً لذلك الكتاب الذي ظفر بعناية الله تعالى دون غيره

وعند التأمل في الجواب عن ذلك تجد أن ثمت خواص مشتركة بين تلك المصنفات المباركة وأصحابها التي من أهمها:

تجريد الإخلاص لله تعالى والاستعانة بصلاح النية على كل عمل صغير أو كبير مع مراقبة شديدة لسلامة الصدر من العوائق والعلائق.

فحينما تتبع سير العلماء الذين خص الله بعض مصنفاتهم بالبركة وواسع القبول تجد أن أشهر ما يوصف به أولئك العلماء في سيرهم هو :

شدة تحري الإخلاص لله في أعمالهم وتجنب كل ما يشوب ذلك مع سلامة في الصدر عجيبة جداً يوصفون بها تحملهم في كل حال على بذل حب الخير لكل الناس القريب والبعيد الموافق والمخالف المحب والمتربص

كما تجد كلا منهم شديد التجنب لأعراض الناس يتهيب الخوض فيها والقرب منها لأنه يتحرى في كل حال أن يكون سليم القلب من الأحقاد والضغائن والأحساد والتزاحم على غير ما يحبه الله ويرضاه.

تأمل-دمتَ مباركاً- هذه العبارة التي قال فيها ابن السبكي رحمه الله عن النووي
قدس الله روحه في سياق كلامه عن مصنفاته:
(لا يخفى على ذي بصيرة أن لله تبارك وتعالى عناية بالنووي ومصنفاته).
طبقات الشافعية ٨/ ٣٩٨

يالله ! ما أعظم المقام حينما يحظى المرء ومصنفاته بعناية الله

هكذا تصنع مقاصد المكلفين في تعيين منازل السائرين إلى الله

وهكذا يجري الله السنن في الأيام والأماكن حينما تتمحض مقاصد العباد لله وتصفو سرائرهم للواحد الأحد الفرد الصمد فلا يتسلل إلى بواطنهم إلا ما يحب الله أن يراه مستوطناً في تلك الأفئدة فيتفضل المولى حينئذٍ عليهم وعلى آثارهم بالعناية الإلهية.

فلنجدد إخلاصنا لله تعالى في كل عمل نعمله وكل علم نتعلمه ونعلمه
ولنطهر قلوبنا من الحسد والضغينة والحقد والتنافس على غير ما يحب الله أن نتنافس عليه حتى نظفر بعناية الله ولو أن تصيبنا حفنة من حفناتها لا حرمنا الله وإياكم عنايته فهي مبتغى كل من لا حول له ولا قوة وكل ما سوى الله مفتقر إلى حول الله وقوته.

(المصدر: قناة د. وصفي عاشور أبو زيد على التيليجرام)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى