مقالاتمقالات مختارة

صلاة الجمعة مجتمعية لا جماعية فحسب والنظر الكلي والجزئي في المسألة..

صلاة الجمعة مجتمعية لا جماعية فحسب والنظر الكلي والجزئي في المسألة..

بقلم د. فضل مراد

صليت الجمعة في بيتي مع الابناء في زمن الحجر المنزلي بسبب كورونا والمسالة عندي دائرة بين الراجح والجائز

أما الراجح فهو صلاة الظهر  لأن الجمعة فريضة مجتمعية لا جماعة فحسب وهذه الصورة المجتمعية  توقيفية عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام وعمل الأمة في سائر المذاهب والأمصار
وفي الحديث صلوا كما رأيتموني أصلي
وهذا ما عليه الصحابة بلا نزاع حال العذر
لذلك لما قال لهم ابن عباس  في يوم الجمعة  صلوا في رحالكم أي
لأجل عذر المطر
انما صلوا في بيوتهم الظهر  لا الجمعة ولو جازت الجمعة لجمع لهم بين التخفيف عن حضور  المسجد للعذر  وصلاتها في البيوت تحصيلا للمصلحتين لأن سقوط بعض الشروط للعذر  لا يسقط بقية التكليف

 ولأن الشرع يتشوف للتيسير وللحفاظ على تمام التكليف  فلو كان التكليف باقيا حال العذر عن الجمعة في المسجد  ليسر لهم الشرع فطلبها في البيوت فلما انتقل التكليف إلى تكليف آخر هو الظهر  دل على  عدم طلبها ولا صحتها في البيوت
أما عدم الطلب فلان الشرع لم يكلفهم بها في البيوت عند عذر المطر والخوف
أما عدم الصحة فلأن النساء والمرضى لو صلوها في بيوتهم جمعة لبطلت بلا خلاف ولو جازت لخفف عنهم الشرع شهودها في المسجد ورخص لهم صلاتها في البيوت
لأن الميسور لا يسقط بالمعسور كما هي عادة الشرع وقاعديته   كسائر الفروض التي يخفف عن حضور جماعتها للعذر تصلى جماعة في البيوت أو فرادى
وعمل ابن عباس المنقول عنه الذي ذكرناه آنفا وأخرجه الشيخان
لم يخالفه أحد من الصحابة ولو كانت مشروعة حال العذر في البيوت لفعلها الصحابة ولأمر ابن عباس وغيره بذلك على حرصهم العظيم على الحفاظ على التكليفات

فدل هذا أن لها بدلا توقيفيا متقررا لديهم  عند العذر لا يزحزح عنه
فلوكان طلبها باقيا في غير الصورة المجتمعية العامة لطب الشرع إقامتها في البيوت جماعة عند تعذر اقامتها في المسجد للمطر او الخوف

وهكذا   جعل لها الشرع  بدلا توقيفيا  حال العذر  للمريض والمراة
ولو جازت في البيوت لرخص لهم صلاة الجمعة في البيوت فيصلي المريض مع النساء ومن كان من اهل الاعذاار

ولما  أجتمعت الجمعة والعيد  رخص الشرع في الجمعة أن تصلى ظهرا لمن لمن يشهدها في المسجد
ولو جازت جمعة في البيوت  لقال الشرع  وصلوها جماعة في بيوتكم ليجمع لهم بين التخفيف المقصود في العيد وإدراك فضيلة   الجمعة  ولم يحصل ذلك بل أسقط عنهم التجميع في المساجد ولم يطلبها في البيوت
وكذلك زمن ابن الزبير لما اجتمع العيد والجمعة صلى العيد ولم يخرج للجمعة
ولم يامر  الناس أن يصلوها في بيوتهم  بل صلوا الظهر
فتحصل من هذا أن الجمعة حال العذر غير مطلوبة أصلا بل المطلوب بدلها وهو الظهر
فمن قال أنها تصلى في البيوت  للعذر فقد  جاء بما لم يأمر به الشرع ولم يعرفه الصحابة ولا الأمة

لكن له   ان يقول إن التكليف عام وهو بحسب الوسع
والوسع هنا صلاتها في البيوت
ولأن بعض الشروط تسقط ولا يسقط بقية التكليف

لكن يضعف هذا  أنه عند سقوط بعض الشروط هنا له بدل شرعي
هو الظهر
فلا يتزحزح عنه  بهذه الكلية القياسية التي غايتها أن تكون في قوة النص العام وهذا خاص  والخاص مقدم على العام
هذا على تسليم جعلها كالنص العام وإلا فهي قياس لا يقوى على معارضة البدل المنصوص وهو الظهر هنا
أما الدليل العام فهو ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) فمسلم
ونقول بموجبه
وموجبه هنا صلاة الظهر  …

ولقائل هذا أن يمنع  أن التكليف هو الظهر للعذر
بل الجمعة بمن حضر في البيت
ويجاب أنه خلاف عمل الصحابة وخلاف دلالات النصوص حال العذر

والحاصل أن القول الأول أعني صلاة الظهر  عندي هو الأقوم قيلا   والاقوى دليلا ونظرا
والقول الثاني له حظ من النظر خاصة أن العذر عام على جميع الأمة
ومعلوم أن الاسقاط الفردي أو الجزئي غير الاسقاط الكلي
وأن المسالة تختلف عند النظر بين الكلية والجزئيةكما هو معلوم في المقاصد وكورونا جائحة كلية عامة يختلف فيها النظر عن الجزئيات
لهذا جاز هذا الوجه عندي
ولي بحث مطول في الباب ابسط من هذا وصلت فيه إلى هذا المعنى أعني أن الفتوى عندي بين الراجح والجائز
وبالله التوفيق.

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى