سلمان العودة على خطى سيد قطب!

سلمان العودة على خطى سيد قطب!

بقلم محمد برعوز

“ربنا لك الحمد لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.. اللهم ألف بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم” تغريدة أعتقل على إثرها الشيخ سلمان العودة، بتأكيد من عبد الله العودة نجل الداعية الإسلامي سلمان العودة المقيم في لندن. وأفاد ذلك أيضا حساب (معتقلي الرأي) الذي وضح الأسباب الغامضة خلف اعتقال السلطات السعودية للشيخ سلمان ومطالبة المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية بإعدام الشيخ، بحيث وجهت له النيابة العامة 37 تهمة تتعلق معظمها بالإرهاب. وفي ظل هذه التهم دشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ بعنوان (سلمان العودة ليس إرهابيا)، فما هي الأسباب وراء اعتقال العلماء والدعاة في السعودية؟ وما هي نتائج هذه الاعتقالات؟ وهل ستكون خاتمة الشيخ سلمان العودة مثل سيد قطب؟ وهل سيقع ابن سلمان في الخطأ الذي وقع في جمال عبد الناصر؟

شنت السعودية حملة اعتقالات واسعة شملت الدعاة والعلماء والحقوقيين، بذريعة الحفاظ على أمن المملكة واستقرارها، فاعتقلت بذلك الشيخ سلمان العودة في سبتمبر أيلول 2017م مع كم هائل من العلماء والدعاة بتُهم مختلفة معظمها جرت على مواقع التواصل الاجتماعي إما تغريده أو منشور أو خطبة جمعة أو شيء من هذا القبيل. لكن كما ذكرت أن السبب وراء اعتقال الشيخ سلمان العودة هو تغريده له على توتير دعا فيها أن يؤلف الله بين قلوب حكام الخليج لما فيه خير شعوبهم، وتزامنت هذه التغريدة مع الحصار الجائر الذي تمارسه الدول الأربعة على دولة قطر بقيادة السعودية وبأمر من الإمارات، إضافة الى مصر والبحرين. فأظهر الشيخ ردة فعل مختلفة تجاه الحصار، الشيء الذي لم ترضى به السعودية فسجنته.

وإن القارئ لكلام الشيخ سلمان العودة في تغريدته يلاحظ فيها بصيصاً من الأمل وإرادة الخير لشعوب الخليج وحكامهم، لكن هذا لم يُلفت إعجاب الأمير محمد بن سلمان، بل أثار غضبه واستياءه وأمر باعتقاله. لكنه لم يكتفي بذلك فحسب بل أفادت بعض التقارير الأجنبية عن قسوة الانتهاكات التي تمارس ضد المعتقلين داخل السجون في السعودية من تعذيب بأبشع الوسائل، وذلك لحملهم على الاعتراف بجرائم لم يقترفونها أو التخلي عن مواقفهم المنتقدة للسلطة السعودية. واستمرت الاعتقالات على نحو كبير تجاه العلماء الصامت منهم والمتكلم، وبعد فترة قصيرة من اعتقال الشيخ العودة قامت السلطات السعودية باعتقال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ (صالح آل طالب) بسبب خطبة له ألقاها في المسجد الحرام، دعا فيها عن وجوب إنكار المنكر على فاعله، فكان ذلك سبباً في اعتقاله. ونفس الأمر بالنسبة لشيخ الفوزان الذي اعتقل بسبب تغريده أيضاً وغيرهم من الدعاة، أعداد كُثر لا تُعد ولا تُحصى لأن قوص الاعتقال لا زال مفتوحاً لكل من قال لا في وجه نعم، والذي ينبغي الإشارة اليه أيضا أنه يتم اعتقال النشطاء والحقوقيين بما في ذلك النساء.

والمتأمل في سيرة هذا الداعية الإسلامي من حيث التهم الموجهة له وطريقة التعامل معه، يجد ذلك في شخصية (سيد قطب) الذي وقف نقطة سوداء وجدار سامط في وجه الرئيس جمال عبد الناصر، وكأن التاريخ يعيد نفسه. فبالرجوع إلى الفترة ما بين 1930 و1966م نجد نفس الأحداث ونفس التهم ولو لم تكن متطابقة ولكنها متشابهة نوعاً ما. فلطالما شكل سيد قطب خطراً على النظام الذي أسسه جمال عبد الناصر وعلى الأنظمة العربية والإسلامية التي كانت تحكم شعوبها بالدكتاتورية والاستبداد، فأصدر عبد الناصر قرار يفي بإعدام سيد قطب سنة 1966م، إلا أن جمال عبد الناصر قام بخطأ جعل بعد ذلك سيد قطب هو المنتصر رغم موته، فقد ساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في نشر فكر سيد قطب أكثر من ذي قبل وترويجه في العالم ليس في مصر فقط بحيث تبنته جماعات ومنظمات حكومية وهيئات عليا. إضافةً الى كسب تعاطف الشعوب العربية والإسلامية والعالم بأسره، فقد انتشرت كتبه وترجمت إلى عدة لغات ونُشرت مقالاته في مواقع عالمية وعرفت أفكاره انتشاراً واسع في نطاق العالم وتداول اسمه على ألسنة الناس في مختلف المناطق. فالشيء الذي أراده عبد الناصر لم يتحقق بل حصل ما لم يرجوه وما لم يكن في الحسبان، فبدل أن يطفأ نار القضية، أشعل فتيلها وساهم في نشرها وإعطاء صورة قبيحة على نفسه، فهل هذا ما يحاول ابن سلمان اعادته؟

محمد بن سلمان شخص لا يفكر في المدى البعيد ولا في القريب وإنما هي املاءات تأتي من الخارج – أي أمريكا – وليس له إلا أن يطبقها بحذافيرها كما هي دون زيادة أو نقصان. فالإعدام الذي طالبت به المحكمة لأسباب تافهة لا داعي لذكرها قد تُسبب وتعود بمشاكل على الأسرة الحاكمة في السعودية، فأن تتهم المحكمة الشيخ بمعاداة إسرائيل لأن محمد بن سلمان أصبح على علاقة جيدة معها، فهذا نوع من الاستغباء. فلو تم فرضاً إعدام الشيخ سلمان العودة ألن يساهم ذلك في نشر أفكاره وترويج لمعتقداته التي يجب أن يُروج لها. وفي الختام إن اعتقال العلماء والدعاة ليس لشيء إلا لقولهم الحقيقة في وجه الكذب، والحق في وجه الباطل فهذه هي قمة الإرهاب التي يحاربها ابن سلمان وأعوانه. الشيخ سلمان العودة معروف لدى الجميع بطيبه مع المؤيد له والمعارض، وبعلمه الوافر وقوله لظلم قف على غرار (العلماء) المنعمين في القصور والسيارات الفاخرة وتصديرهم لفتاوى لا تمت للدين بصلة، لكن نصر الله قادم ولو بعد حين.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى