مقالاتمقالات مختارة

الأوقاف… كورونا… وإغلاق المساجد!

الأوقاف… كورونا… وإغلاق المساجد!

بقلم عبد العزيز الفضلي

ربما لا نستطيع لوم من عارضوا قرار وزارة الأوقاف بإيقاف صلاة الجمعة، وإغلاق المساجد عن المصلين.
خصوصاً ممن تعلّقت قلوبهم ببيوت الله، والذين لم يكن يخطر في بالهم لحظة أن تُغْلق أبواب المساجد في وجوههم، وألا يتمكنوا من أداء صلاة الجماعة فيها!
ولعل ما زاد الحزن والحسرة في قلوبهم هو سماعهم لقول المؤذن (ألا صلّوا في بيوتكم)!
ولكن في المقابل ينبغي على هؤلاء الكرام، أن يتقبّلوا – بصدر رحب – قرار الوزارة والذي جاء بناءً على فتوى شرعية صادرة عن لجنة الإفتاء في الوزارة، وأيدها العديد من العلماء والمشايخ الفضلاء، والذين لا يشك الإنسان في علمهم وصدق نواياهم، ومنهم الدكتور عجيل النشمي، والشيخ ناظم المسباح، والدكتور خالد المذكور، والدكتور عيسى زكي، وغيرهم الكثير.
كما أنه لا يمكن لعاقل أن يتصور أو يعتقد أن الكويت قد تسعى إلى التضييق على أهل المساجد، من باب محاربة دين الله، أو الصد عن سبيل الله!
فالدولة منعت التجمعات في العديد من الأماكن ومنها المجمعات التجارية والأندية الرياضية، وعطلت الدراسة في المدارس والجامعات، وعطلت العمل في الدوائر الحكومية والخاصة.
ولو جئنا لقرار الوزارة من الناحية الشرعية لوجدنا أن العديد من أهل العلم قد بينوا أن قرار المنع ما هو إلا إعمالٌ لقواعد الشريعة ومقاصدها، والتي تسعى إلى جلب المصالح ودفع المفاسد.
فمن القواعد الشرعية «لا ضرر ولا ضرار»، ومنها: «إذا تعذر اليقين أعملنا المظنة»، فإننا إن تيقنا بوجود الفيروس في المساجد فإنه لن نجد من يبيح الذهاب إليها، فإذا تعذر اليقين أعملنا المظنة وهي احتمال وجود الفيروس، وهذا الاحتمال كاف للأحكام الشرعية.
ومنها قاعدة: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)، ومن الواجبات حفظ النفوس، وحفظ النفوس لن يتم إلا بمنع التجمعات، ومن المعلوم طبياً أن التجمع أحد أهم عوامل انتشار الفيروس بين الناس.
البعض يقول إنه لم يتم منع الجمعة والجماعة في المسجد، عبر التاريخ الإسلامي بسبب وجود الأوبئة.
والرد على ذلك بأمرين: الأول بأن من المعلوم والثابت أن عمرو بن العاص لما تفشى الطاعون في الشام، أمر الناس أن يتفرقوا في الجبال حتى ينتهي الوباء، وانتشارهم هذا لا بد وأن صاحبه وقف الجمعة والجماعة في المسجد.
الأمر الثاني: أن وباء كورونا يختلف عن الطاعون من ناحية خطره وسرعة انتشاره، وكذلك سهولة الإصابة به.
ونوّد أن نسأل: ماذا لو جاء رجل مصاب بهذا الفيروس إلى المسجد، واختلط بالعشرات من المصلين، وانتقل الوباء إلى هؤلاء، ومن ثم انتقل إلى عائلاتهم ومن يخالطون، فمن يتحمل المسؤولية؟
في اعتقادي أن قرار إغلاق المساجد قرار جريء وشجاع، حفظ الله به أرواح الناس، ونأمل من المشايخ وطلبة العلم المعارضين للقرار، التوقف عن إثارة الموضوع بعد أن حسمته الوزارة، وأن ننشغل بما هو أنفع لأنفسنا وبلادنا والمسلمين.

(المصدر: مجلة المجتمع)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى