في نيوزيلندا.. يمينيون متطرفون يتربصون بالمسلمين بعد عام من مذبحة كرايست تشيرتش
قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن إلغاء حفل التكريم الوطني الذي كان مقررا اليوم الأحد 15 مارس/آذار في كرايست تشيرتش، لتخليد مرور عام على المذبحة التي ارتكبها المتعصب برنتون تارانت في مسجدين بالمدينة، جاء كإجراء احترازي بسبب انتشار وباء كوفيد-19.
وفي هذا الاحتفال، كان من المفترض أن يكرم آلاف الأشخاص أرواح الضحايا الـ51 الذين أودت بهم المذبحة، وسط إجراءات أمنية مشددة، لأن النشطاء اليمينيين المتطرفين -رغم قلة عددهم- لا يزالون نشطين في الأرخبيل، حيث تتم مراقبتهم عن كثب الآن.
وفي أوائل مارس/آذار، أعلنت الشرطة أنها كثفت دورياتها حول مساجد كرايست تشيرتش بعد أن نشر أحد هؤلاء المتطرفين على إنستغرام رسالة تهديد شديدة اللهجة ضد المسلمين، وقد تم القبض على كاتبها طالب القانون السابق سام بريتندن يوم 4 مارس/آذار.
إنه 11 سبتمبر بالنسبة لهم
وينتمي الشاب البالغ من العمر 19 عاما، إلى مجموعة “أكسيون زلانديا” التي ظهرت في صيف عام 2019، وأصبحت –بحسب الصحيفة- واحدة من أشهر المجموعات في البلاد، بعد سلسلة من الحوادث التي تورط فيها نشطاؤها.
وتحت شعار “بناء مجتمع من أجل النيوزيلنديين الأوروبيين”، روّجت هذه المجموعة لنظرية “الاستبدال العظيم” التي تعني أن المهاجرين سيحلون محل ما يسمونها بالشعوب “الأصيلة” تدريجيا، وذلك في خطاب يتشاركه العديد من النشطاء حول العالم بما في ذلك برنتون تارانت.
وقد دافع تارنت في بيان نشر على تويتر قبل المذبحة بوقت قصير، عن أيديولوجية تمزج بين التفوق العرقي والعنصرية والقومية والفاشية، ووجهت إليه 92 تهمة رئيسية، ومن المقرر أن تبدأ محاكمته يوم 2 يونيو/حزيران القادم، كما أفادت الصحيفة.
وقالت المنسقة الوطنية لمجلس المرأة الإسلامية أنجوم الرحمن إن “التهديدات التي نواجهها من أقصى اليمين ليست جديدة، لقد كنا ننبه السلطات منذ سنوات، وهذا يطمئننا على أن الشرطة كانت نشطة هذه المرة”.
وأدلت رئيسة المنظمة بشهادتها أمام اللجنة الملكية المكلفة بالتحقيق فيما إذا كان بإمكان الشرطة وأجهزة المخابرات فعل المزيد لمنع الهجوم، والتي ستقدم نتائج تحقيقها في أواخر أبريل/نيسان.
ووفقا لتقارير أولية، فإن الأجهزة المختلفة لم تكن تعرف القاتل الأسترالي الذي سافر كثيرا قبل أن يستقر في نيوزيلندا، وهو ما اعتبره أستاذ القانون في جامعة وايكاتو ألكسندر جيليسبي “نقصا خطيرا في معلوماتنا. إنه 11 سبتمبر/أيلول بالنسبة لهم”.
إخبارات السكان
وقالت أجهزة الاستخبارات الداخلية النيوزيلندية منذ ذلك الحين إنها عملت بلا كلل من أجل “مراجعة كل ما نعرفه عن الجماعات اليمينية المتطرفة”، مشيرة إلى أنها حصلت خلال الأشهر الثلاثة التالية لإطلاق النار على دعم السكان الذين أرسلوا لها 455 إخبارا، معظمها كان مرتبطا بكلمات “عنصرية أو نازية أو تتعلق بالهوية أو التفوق”.
وبينما كانت كل الأنظار تتجه نحو التهديد الإرهابي الإسلامي قبل الهجوم، فإن النيوزيلنديين أصبحوا أكثر انتباها للتهديد القادم من قبل أصحاب نظرية التفوق الأبيض، كما توضح الصحيفة.
وقال المتخصص في هذه الحركة بول سبونلي نائب رئيس جامعة ماسي، “وفقا لحساباتي، يوجد اليوم ما بين 150 و300 فرد من حاملي تلك الأيديولوجية. لقد تغيرت الأرقام قليلا منذ العام الماضي، وأنا قلق بشأن عدد الأشخاص الذين يتحولون ذاتيا إلى التشدد عبر الإنترنت والذين يعتقد أنهم ربما يكونون في حالة تزايد”.
ويقول رئيس جهاز الاستخبارات الداخلي الأسترالي مايك بورغيس إن “الذئاب المنفردة تستطيع التخطيط لشن هجوم إرهابي وتنفيذه، وهي تشعر بأنه مستوحى ومصدق عليه من قبل مجتمع اليمين المتطرف”.
وقد حذر الجهاز أواخر الشهر الماضي من “تهديد حقيقي متزايد”، معلنا أن هناك “في الأحياء الأسترالية، تجتمع بعض الخلايا الصغيرة بانتظام لتحية العلم النازي، وتهيئة الأسلحة والتدريب على القتال ومشاركة أيديولوجيتهم التي تنشر الكراهية”.
غير أن نيكولاس فولكس -وهو أحد شخصيات اليمين الأسترالي المتطرف- قال “إن ذلك مبالغ فيه، ولكن صحيح أن هناك المزيد والمزيد من الشباب المهتمين بأفكارنا”.
(المصدر: اللوموند / الجزيرة)