ترمب يُبكر بإعلان “صفقة القرن”.. والصمت العربي سيد الموقف
إعداد يوسف أحمد
عقد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو، صفقة خبيثة، تقوم على تبادل المصالح؛ أصوات اليهود في انتخابات أمريكا لترمب، مقابل اعتراف أمريكي رسمي بسيطرة الصهاينة على أجزاء واسعة من الضفة الغربية والقدس، وضم غور الأردن للاحتلال، بما يضمن أيضاً مزيداً من الشعبية لنتنياهو وفوزه في الانتخابات الصهيونية.
وسيتم الإعلان عن هذه الصفقة في صورة “صفقة القرن” هذا الأسبوع، ربما الأحد أو الإثنين، بحسب المصادر الأمريكية.
الصمت العربي سيد الموقف
ويبدو أن نية الإدارة الأمريكية نشر تفصيلات “صفقة القرن” تأتي في ظل تصريحات أدلى بها عدد من الساسة الصهاينة مؤخراً بشأن ضم أراض من الضفة الغربية إلى “السيادة الإسرائيلية”، إذ أعلن نتنياهو نيته بسط “السيادة الإسرائيلية” على غور الأردن وشمال البحر الميت وجميع المستوطنات في الضفة الغربية، وأعلن جانتس نيته ضم غور الأردن وشمال البحر الميت، بينما أعلن وزير الدفاع نفتالي بينت ضرورة بسط “السيادة الإسرائيلية” على مناطق “ج” في الضفة الغربية.
وسيتوجه نتنياهو، ومنافسه السياسي جانتس، لواشنطن لإطلاعهما على بعض التفاصيل المتعلقة بالصفقة والإعلان عنها رسمياً، وسط تجاهل أمريكي للفلسطينيين وصمت عربي بعدما أعلنت دول عربية دعما للصفقة في وقت سابق.
وكشف ترمب موعد إعلان “صفقة القرن”، وسط دعوات في دولة الاحتلال لفرض “السيادة اليهودية” على المسجد الأقصى، وهو ما بدأ ضمنياً بإبعاد خطيب المسجد الأقصى، وتزايد الاعتداءات على المرابطين لفرض السيطرة الأمنية الصهيونية على المسجد والسماح للصهاينة بتدنيسه.
حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الخميس 23 يناير 2020، أنه يعتزم كشف خطته للسلام في الشرق الأوسط، المنتظرة منذ أمد بعيد، قبل الزيارة التي سيقوم بها كل من رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، ومنافسه جانتس إلى واشنطن الأسبوع المقبل، وسط توعّد الفلسطينيين بإفشالها.
قال ترمب للصحفيين: إن رد فعل الفلسطينيين قد يكون سلبياً في البداية على خطته، لكنه أوضح أنها ستعود عليهم بالنفع، وسط رفض من السلطة الفلسطينية وحركة “حماس”.
فمنذ الإعلان عن الصفقة، في نوفمبر 2016، أبدى الفلسطينيون رفضهم القاطع لهذه الصفقة التي وصفوها بالمحاولة الفاشلة للولايات المتحدة لفرض إملاءات سياسية الهدف الأساسي منها هو حماية المصالح الإسرائيلية.
نتنياهو شارك في وضعها
وقد كشف المحلل السياسي البارز في قناة “مكان” التلفزيونية العبريّة، شبه الرسمية، يارون ديكيل، النقاب عن أن نتنياهو اطلع على الخطة كاملة قبل أن يقوم الأمريكيون بصياغتها بشكلٍ نهائي، لافتًا في الوقت عينه إلى أن الرجل القوي في واشنطن، سفير “تل أبيب”، رون ديرمر، اطلع هو الآخر على الخطة، وأبدى مع نتنياهو ملاحظاته حولها.
وتابع المُحلل قائلاً: إن الخطة ستشمل “مفاجآت كبيرة”، لكي تُرضي اليمين الإسرائيلي، (لا الفلسطينيين) على حد تعبيره!
وكان لافتاً أن نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس، الذي زار كيان الاحتلال بمناسبة منتدى “المحرقة” الدولي، قد اجتمع مع نتنياهو، وخلال الاجتماع وجه بينس دعوة لنتنياهو لزيارة واشنطن للاطلاع على “صفقة القرن”، بحسب الصحف الأمريكية.
تفاصيل الصفقة
وكشف مُحلل الشؤون السياسية في القناة الـ”13″ بالتلفزيون العبري أن الحديث يدور عن إقامة دولة فلسطينيّة منزوعة السلاح على مساحة 80% من أراضي الضفة الغربية المُحتلة وقطاع غزة، ونقل عن مصادر في “تل أبيب” وواشنطن، أن المستوطنات ستبقى كما هي، ولن يتم هدم أي مستوطنة بالضفة الغربية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الزيارة جاءت في الوقت الذي يشرع فيه البرلمان الإسرائيلي في المصادقة على تشكيل لجنة الكنيست، التي ستنظر في طلب نتنياهو الحصانة البرلمانية، مؤكدة أن الرئيس الأمريكي يقدم «فرصة العمر» لنتنياهو من خلال هذا الاجتماع، الذي سيقوم فيه ترمب بالضغط على جانتس لتشكيل الحكومة، وإنقاذ نتنياهو من التهم الموجهة له.
ويتردد أن زعيم المعارضة الصهيونية بني غانز يدرس رفض دعوة ترمب للقائه في البيت الأبيض لمناقشة “صفقة القرن”؛ لأنه يعي أن الخطوة تخدم حظوظ منافسه نتنياهو الانتخابية.
إذ هاجم تحالف “أزرق أبيض” الصهيوني المعارض ترمب بسبب إعلان “صفقة القرن” فقط، واعتبر أن هذه الخطوة “تخدم مصالح نتنياهو الانتخابية”، في حين يصمت حكام العرب مع علمهم أن هذه “الصفقة” تضيع ما تبقى من القضية المركزية العربية وهي أرض فلسطين.
حيث تمثل الصفقة وصفة لتصفية القضية الفلسطينية، ومنح الصهاينة شرعية اقتطاع فلسطين ومقدسات المسلمين فيها، وسيكون إعلان “صفقة القرن” وتشريع ضم غور الأردن والمستوطنات للاحتلال معناه إلغاء وجود السلطة الفلسطينية عملياً.
وقالت صحيفة “واشنطن بوست” في وقت سابق: إن «صفقة القرن» لا تشمل إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، وأن “الخطة تركز بشكل أساسي على تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين؛ ما يعني إلغاء مبدأ حل الدولتين”.
ويتردد أن الخطة تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لمصلحة الاحتلال، بما فيها وضع مدينة القدس الشرقية المحتلة، وحق عودة اللاجئين.
ولا تزال كل تفاصيل «صفقة القرن» سرية حتى الآن، رغم أن الولايات المتحدة قد كشفت عن الجانب الاقتصادي منها في يونيو 2019.
أبرز بنود الجانب الاقتصادي للصفقة
تنفيذ استثمارات بقيمة 50 مليار دولار في قطاع غزة والضفة الغربية والدول العربية المجاورة للأراضي الفلسطينية.
تنفيذ 179 مشروعاً للبنية الأساسية وقطاع الأعمال في الضفة الغربية وقطاع غزة والدول المجاورة، تستهدف بشكل رئيس قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والطاقة والمياه والتكنولوجيا والسياحة والزراعة.
إقامة ممر بين قطاع غزة والضفة الغربية بتكلفة 5 مليارات دولار.
تخصيص عشرات الملايين من الدولارات لعدة مشروعات تهدف لتحقيق اتصالات أوثق بين قطاع غزة وسيناء في مصر من خلال الخدمات والبنية التحتية والتجارة.
توسعة موانئ ومناطق تجارية قرب قناة السويس، فضلاً عن تطوير المنشآت السياحية في سيناء القريبة من البحر الأحمر.
توفير أكثر من مليون وظيفة في الضفة الغربية وغزة وخفض معدل البطالة لرقم في خانة الآحاد وخفض معدل الفقر بنسبة 50%.
ولن تطبق خطة الإنعاش الاقتصادي إلا إذا تم التوصل لحل سياسي للمشكلات التي تعاني منها المنطقة منذ فترة طويلة.
أهداف نتنياهو الحقيقية
تركز حملة نتنياهو للفوز بالانتخابات على العوائد الجيوستراتيجية والاقتصادية لصفقتي الغاز مع مصر والأردن ونسب إنجازات “إسرائيل” في “صفقة القرن” له، وإبراز دور علاقته الشخصية مع بوتين في تمكين جيشه من العمل بحرية في سورية.
وتقول صحيفة “يديعوت احرونوت” العبرية: إن “صفقة القرن” صاغها كل من كوشنر، والسفير الصهيوني في واشنطن الليكودي درمر، دون الاهتمام بموقف الفلسطينيين.
ويبدو أن دعوة ترمب كلاً من جانيس، ونتنياهو، لواشنطن لمناقشة “صفقة القرن” معهما تهدف بالأساس إلى طمس الجدل “الإسرائيلي” حول فساد نتنياهو عشية الانتخابات، مع أنه قد يعلن خطته المعدة لتصفية قضية فلسطين، لأنه يرى أن هذا ثمن زهيد لقاء إنقاذ نتنياهو من السجن.
وتقول صحيفة “هاآرتس”: إن الهدف الحقيقي لـ”صفقة القرن” هو السلام بين نتنياهو، وجانتس، لا السلام بين “إسرائيل” والفلسطينيين.
وتبقى حقيقة أنه في مناسبات عديدة أثبت الأمريكيون مرة بعد أُخرى أن صفقة السلام لا تهدف إلى تحقيق سلام إسرائيلي–فلسطيني، فقد طالبوا بإبعاده القضايا الكبرى مثل الاحتلال والقدس والمستوطنات عن طاولة المفاوضات.
ونقلوا سفارتهم إلى القدس، واعترفوا بالقدس عاصمة صهيونية، والاعتراف بسيادة الاحتلال على مرتفعات الجولان، وقلصوا الأموال المخصصة للسلطة، وأغلقوا مكتبها في أمريكا، وكل هذا تم بدعم قاعدة المؤيدين من الإنجيليين المتطرفين للرئيس ترمب ونائبه مايك بنس.
(المصدر: مجلة المجتمع)