إعداد الأمة لتحرير بيت المقدس
بقلم فتحي عبد القادر
لقد بات من المؤكّد اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى أنّ (الأمَّة) في حاجة إلى إعادة صياغة مفهوم جديد لمصطلح (تحرير فلسطين) بما يتلاءم ومقتضيات المرحلة وتحدياتها، ويستجيب أيضاً لتطلعات شعوب الأمّة نحو الحرية والاستقلال، فمفهوم (التَّحرير) اليوم فَقَدَ روحه ومضامينه ودلالاته الحقيقية وبات مجرّد شعارات وعناوين للمتاجرة والمزايدة السياسية لدى طائفة من الكيانات السياسية الهشّة، ونحن إذ نثير هذا الموضوع في هذه الورقة فإننا نريد أن نلفت الانتباه إلى بعض القضايا المهمة التي ينبغي للأمة مراعاتها أثناء الإعداد لمرحلة التحرير بما من شأنه أن يعيد لهذا المصطلح روحه ودلالته الواقعية.
وفي البداية لابد أن نضع بين يدي هذه الورقة بعض الأسئلة المهمة التي تتعلق بموضوع البحث، وهي: هل (للأمة) رؤية استراتيجية واضحة لتحرير فلسطين أم لا؟ وبناءً عليه، هل ثمّت خطة عمليّة لتحقيق تلك الرؤية؟ وهل هناك إعداد حقيقي من طرف الأمة في مختلف المجالات التي تقتضيها عملية التَّحرير؟ وقبل هذا وذاك، هل بالفعل تُشَكِّل فلسطين (القضية المركزية) للأمة: أنظمة وشعوباً، بحيث تكون (القضية الفلسطينية) دائماً على رأس قائمة أولويات الأمَّة؟ وما هي مؤشرات هذا الاهتمام؟
مقدمات نظرية لا بد منها:
وقبل أن نبدأ في الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، نريد أن نقرِّر بعض المقدِّمات الضَّرورية لتكون بمثابة الإطار النَّظري الذي من شأنه أن يساعدنا على بناء تصور كليّ لعمليّة التَّحرير ومقتضياتها.
المقدمة الأولى:
شاع على ألسنة العامة وبعض المثقَّفين مقولة: (التَّاريخ يُعيد نَفسه)[1]، في قالبٍ يوحي بنظرية (الحتْميّة التّاريخيّة)، التي نادت بها بعض الفلسفات المادية، وقد حاولت بعض الكتابات الإسلامية بناء نظرية استشرافية لمستقبل القضية الفلسطينية من خلال قراءة حرفيّة تستدعي وقائع التاريخ بكل تفاصيلها وإعادة استنساخها بحذافيرها في واقع جديد مختلف تماماً[2]، والحقيقة التي نُريد أن نلفت الانتباه لها هنا هي أنَّه: ليس هناك (تاريخ) يعيد نفسه بالمعنى الحرفيّ السَّاذج، وذلك لعدة اعتبارات ليس هنا مجال التفصيل فيها، ولكن الصَّحيح أنَّ أخذ الإنسان (بالسُّنن) من عدمه هو الذي يُعيد التَّاريخ أو لا يعيده، فـ(التَّاريخ) بدون (سنن) لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعيد نفسه، كما لا يمكن (للسنن) بدون اشتباك الإنسان معها وتفعيلها أن تنطلق وتُحقِّق مرادها بمجرد قوّة الدّفع الذاتي، فالسُّنن، بهذا المعنى، هي القوانين المطردة والثابتة، التي تحكم حركة الحياة والأحياء، وتحكم حركة التاريخ، وتتحكم بالدورات الحضارية، بما يمكن أن نسميه (سُنن التَّداول الحضاري)[3]، ومن هذا المنطلق فإنّه لا يُمكن بأيّ حال من الأحوال أن يتحقق تحرير فلسطين دون مراعاة السُّنن الكونيّة واعتبارها في معادلة النّصر المنشود.
المقدّمة الثَّانية:
ظواهر التَّغيير المجتمعي ليست ظواهر شخصيّة أو حالات بطوليّة فرديّة خارقة للعادات وللسنن، كما يتوهّم البعض، وإنَّما هي نتيجة طبيعة ومنطقية لعوامل موضوعية تتعلق بالتجديد والإصلاح والنهضة، ذلك أنَّ المصادر التَّاريخيّة التي أرَّخت لأحداث (الغزو الصَّليبيّ) تُبيّن بوضوح أنَّ (عماد الدّين زنكي) وابنه (نور الدّين) وأيضاً (صلاح الدّين الأيّوبي)، لم يكونوا سوى طليعة جيل أخرجته حركة تجديد وإصلاحٍ عملت في مجتمع شاعت فيه قبل ذلك عوامل الاضطراب السّياسي والفكري والاجتماعي[4]، وبالتَّالي فإنّه من الخطأ اليوم الرُّكون إلى شعارات تُرفع هنا وهناك مُنتظرةً ظهور شخصٍ (سوبر مان) يوحِّد الأمة ويقودها نحو التَّحرير المنشود، وإنّما ينبغي أن تتركز الجهود حول صناعة بيئة ثقافيّة عامة تُسهم في إخراج جيل وقيادة قادر ين على تحمّل أعباء التَّحرير وتكاليفه، ما لم فإنه بيننا وبين التحرير مسافات طويلة.
المقدمة الثَّالثة:
لابدّ من التَّجرّد من الخطاب العاطفي التَّخديري، والبُعد عن الارتجاليّة والعشوائيّة، فمن آفات العقل العربي والعقل الإسلاميّ المعاصر هي: أنَّه حينما يُواجه التَّحدّيات يقابلها بالسَّطحية والارتجال والعشوائية لا بالتَّفكير العلميّ النَّقدي، في حين أنّ مشروعاً ضخْماً مثل (تحرير فلسطين) لا ينبغي أن يظلّ متروكاً للاجتهادات العشوائيّة غير المدروسة ودون إعداد مُسبق، ولا تخطيط مدروس، على قاعدة: (واعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ من قوة ومن رباط الخيل) (الأنفال: 60)، والاستطاعة هنا، كما جاء تفسيرها على لسان (محمد الطَّاهر بن عاشور)، هي: (كلّ ما يدْخل تحت قُدرةِ النَّاس اتَّخاذُه من العُدّة)[5]، وهو معنى عام يستغرق جميع أنواع الإعداد بكافة مجالاته؛ المعرفي والتَّربوي والاقتصادي والسِّياسي والأمني والعسكريّ وغيره…
المقدمة الرَّابعة:
من الملاحظ –اليوم- أنَّ دور الأمَّة في الإعداد لجيل تحرير فلسطين لم يرْتقِ بعدُ إلى هذا المستوى المطلوب الذي يتناسب وحجم القضية ومشروع التحرير، وإنَّما ظلَّ رهن شعاراتٍ خاويةٍ من أيِّ مضمون حقيقيّ، إلاّ من بعض الجهود المبذولة، محدودة الأثر، المتناثرة في الأقطار المختلفة، ولعلّ لسان حال الأمة يُؤشِّر بشكلٍ واضحٍ، في ظلّ ما يعتورها من صراعات هامشيّة واحتراب داخلي مُتنامي، يوشك أن يُحيل المنطقة (قَاعاً صَفْصَفاً لاَ تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلاَ أَمْتَى)، يؤشّر على مدى تبعثر الأولويات لديها، بحيث لم تعد معه القضية الفلسطينية محلّ نظر أوْلَوي، ولا هي (القضية المركزيّة) كما يحلو للبعض أن يصفها، وإنَّما تراجعت إلى الوراء تاركةً موقعها لقضايا أخرى ذات بعد قُطري، ونحن ندرك تماماً أنّ من مقتضيات التّحرير أن تكون الأمة شريكاً استراتيجياً فاعلاً في خوض غمار معركة التَّحرير.
المقدمة الخامسة:
وفي المقدمة الأخيرة تجدر الإشارة إلى مسألة في غاية الأهميّة تتعلق بالإعداد لمرحلة التَّحرير من منظور (استشراف المستقبل)، أو على حدّ تعبير ابن خلدون (التَّشوّف المُسْتقبلي)[6]، ذلك أنَّ فكْرنا مفتون بإعادة إنتاج الماضي أكثر مما هو مهموم بقراءة المستقبل فضلاً عن الإسهام في صناعته، حتَّى شاعت مقولة ساخرة: (العرب يتنبؤون بالماضي ويتذكرون المستقبل)، ولذلك لا نكاد نجد في عالمنا العربي جهة/مركزاً متخصصاً في (علم المستقبليات)، يقرأ الأحداث قراءةً منهجيّةً ويرْسم السيناريوهات المتوقعة، وإنّما يغلب على تصرفاتنا وسلوكنا السياسي أسلوب ردّات الفعل، حتّى بتْنا أدوات في مشاريع الغير، غير أنّ مشروع تحرير بيت المقدس ليس مجرّد كلمة تُقال باللِّسان وإنَّما هو حقيقة ذات تكاليف وأعباء تستوجب منا استجماع الطاقة والجهد من أجل الاعداد الحقيقي وعدم الرُّكون إلى الرُّؤى والمنامات والتَّنبؤات التي باتت لدى البعض هي الخيارات الاستراتيجية المطروحة على طاولة مرحلة التحرير.
بعد هذه المقدّمات النّظرية يجدر بنا الدُّخول في موضوع البحث.
فما المقصود بـ(الإعداد)؟ وما هي متطلباته؟
في البداية لابد من تحديد معنى (الإعْداد) بشكل دقيق، وبيان المقصود منه، حتى يتسنى لنا معرفة المقتضيات الواقعية التي تتطلبها مرحلة التَّحرير:
فـ(الإعداد) لغةً هو: التَّجهيز والتَّحضير، يقال: أعدّ الشَّيء أي: جهَّزه وحضَّره وهيّأه وكوَّنه، ومنه قوله تعالى: (واعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الخَيْلِ) [الأنفال: 60]، بمعنى خُذوا العُدّة (الاستعداد) لعدوِّكم، و(الإعداد)، كما جاء في (معالم التَّنزيل) للبغوي: (اتِّخَاذُ الشَّيْءِ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ)[7]، والحاجة هنا -كما يظهر لي وكما يشير لها سياق البحث- هي: (مشروع التَّحرير).
أمَّا لفظ (قُوَّة) في الآية الكريمة فقد جاء نكرة مسبوقاً بـحرف (مِنْ) ليفيد العموم والشُّمول وبالتَّالي يسْتغرق كلّ أفراد القوة بمختلف أشكالها، لتشمل كلّ معاني القُوّة: المعرفية والعلميّة والاقتصادية والسّياسيّة والعسكريّة والأمنيّة وغيرها من أنواع القوّة التي تقتضيها مرحلة التَّحرير.
وقال الرَّاغِبُ في (الاستطاعَةُ) هي: عندَ المُحَقِّقينَ: اسمٌ للمعاني التي بها يَتَمَكَّنُ الإنسانُ مِمّا يُريدُه من إحداثِ الفعلِ.[8] (أي: فعل التَّحرير).
وعليه، فإنَّ معاني (إعْداد) و(قوَّة) و(اسْتطاعة) مُجْتمعةً تضع بين أيدينا (استراتيجيات واقعيّة) أمام مشروع التَّحرير المنشود، والتي بدونها لا يمكن لهذا الحُلم أن يتحقَّق أو يرى النُّور بأيِّ حالٍ من الأحوال، فمهما نظّر المنظِّرون، وفكّر المفكِّرون، وحلَّل السِّياسيون، دون أن تأخذ الأمة بأسباب (الإعداد) و(القوّة) حسب ما تسمح به القدرة و(الاستطاعة)، وتعمل على الأخذ بأسبابها حقيقةً في الواقع، وفق رؤية استراتيجية واضحة، فإن بيننا وبين التحرير بُعْد المشرقين وبُعْد المغربين.
وقد جاء في (التَّحْرير والتَّنْوير) للإمام محمد الطاهر بن عاشور في سياق تفسيره للآية (60) من سورة الأنفال قوله: (وتطلق القوة مجازاً على شدّة تأثير شيء ذي أثر، وتطلق أيضاً على سبب شدّة التأثير، فقوة الجيش شدة وقعه على العدوّ، وقوته أيضاً سلاحه وعتاده، وهو المراد هنا، فهو مجاز مرسل بواسطتين، فاتّخاذ السيوف والرماح والأقواس والنبال من القوة في جيوش العصور الماضية، واتّخاذ الدبابات والمدافع والطيارات والصواريخ من القوّة في جيوش عصرنا)[9].
وبهذا المعنى فإنَّ (الإعداد) لتحقيق (القوة) القادرة على تحقيق التَّحرير المنْشود يقتضي مسألتين:
الأولى: الشُّمول والعموم: بمعنى أن يكون (الإعداد) شاملاً لكلّ أنواع القوَّة دون استثناء، وهو مجال واسعٌ جداًّ يستوعب كافة أنواع القوَّة التي تتطلبها عمليّة التَّحرير كما تمت الإشارة له سابقاً.
الثَّانية: (الاستطاعة)، وهو استنفاذ الأمّة لكلِّ ما تستطيع من الجهد والطَّاقة في الأخذ بالأسباب المؤدِّية لتحقيق الغاية المنشودة، وحشد القُوّة والإمكانات المتاحة، وتوفير كلّ مُتطلبات التَّحرير، ومعنى ذلك لو أنّ الأمة تعمّدت، بقصد أو بغير قصد، تأخير أمرٍ من أمور التَّحرير، وكانت قادرةً على الأخذ به، فإنَّ ذلك لا يُعدُّ من فقه الاستطاعة واستنفاذ الجهد المطلوبيْن لتحقيق التحرير.
وبناءً على ما سبق، هل استوعبت الأمَّة اليوم هذه المعاني؟ وهلْ أدركت حقيقتها؟
وهل أخذت بكل أسباب (القوَّة) ومتطلبات (الاعداد) حسب ما يقتضيه (فقه الاستطاعة)؟
ولعلّ واقع حال الأمّة اليوم أكبر شاهدٍ على ما تُعانيه من ضعفٍ وهوانٍ وتشتّتٍ وتيهٍ، وفيه (الجواب الكافي لمنْ سأل عن الدَّواء الشَّافي)[10]، (فليْس بعد العيْن أيْن)[11].
أما فيما يتعلّق بالإعداد لعمليّة التَّحرير فهناك ثلاثة مسارات أساسيّة، سنتطرّق لذكرها بشيءٍ من الاختصار، مع أنّ الموضوع من الأهميّة بمكان، بحيث هناك حاجة إلى دراسات مُعمّقة خاصة به لقلّة ما كتب فيه.
المسار الأول: الاعداد المعرفيّ والفكريّ والتّربويّ:
تُعاني الأمة اليوم من ضحالة فكرية ومعرفية في كُلِّيات القضيّة الفلسطينيّة فضلاً عن تفصيلاتها، والذي ينظر في مناهجنا الدِّراسيّة والجامعيّة في البلدان العربية يُدرك تماما حجم المأساة المعرفيّة التي تعاني منها الأمّة تجاه قضايا الأمَّة، وعلى رأسها (قضيّة فلسطين)، وفي دراسة سابقة[12] تمّ إعدادها في اليمن من طرف (معهد الشِّيخ عبد الله الأحمر للدراسات والمعارف المقدسيّة)، حول المناهج التَّعليميّة في البُلدان العربية والقضية الفلسطينية: اليمن نَموذجاً، يظهر بشكل واضح مدى غياب (القضيّة الفلسطينيّة) عن المناهج العربيّة الرّسمية، وإن وجدت فعلى استحياء، فضلاً على التَّشويه المعرفي الذي يعتورها والذي من شأنه أن يزوِّر الوعي، ويُخدِّر طاقات الأمَّة، ويؤسِّس لوضع فكري هشّ يحرف مسار الأمّة تجاه قضية التَّحرير.
ومن مظاهر هذه الضَّحالة المعرفيّة الطافية على سطح الوعي العربي والإسلامي؛ غياب الوعي تجاه القضية الفلسطينية وضعف الاهتمام بها، وانتشار الأفكار المغلوطة والشُّبهات حولها؛ مما جعل البعض يعتقد أنّها (قضية فلسطينية)، والبعض الآخر يرى أنها (قضية عربيّة)، كما شاع لدى بعض الشُّعوب المسلمة[13] أن (الصّراع العربي / الإسرائيلي) هو صراع بين أبناء العمومة: أبناء (إسحاق) وأبناء (إسماعيل)، وبالتالي ليس هناك من داع للتدخل في الشؤون الداخلية لأبناء العمومة وما يجري بينهم، وقد نشرت امرأة كويتية مسلمة، ذات يوم، على صفحة إسرائيلية على (الفيس بوك)، عنوانها: (إسرائيل تتكلم بالعربية)[14] مقالاً دعت فيه العرب إلى أن يكونوا كرماء، مثلما كان النَّبي -صلى الله عليه وسلم- كريماً، ووضعت حلاً “عبقرياً” – حسب زعمها- ظنّت أنَّه سيضع حداًّ للصراع الدّائر في فلسطين، وذلك بأن يحتفظ المسلمون بالمسجدين: المكِّي والمدني، وأن يُعْطي (المسجد الأقصى) لليهود، وذكرت في سياق كلامها حديثاً -أو بالأحرى غزلاً- مدحت فيه اليهود، لكونهم يسعون إلى السَّلام، وقدّرت أن المشكلة توجد في المسلمين الذين يسعون لإبادة اليهود والقضاء عليهم، وغيرها من الأفكار الشّاذة التي تدل على ضحالة في الفكر، وتَشوّش في الفهم، وسذاجة في الطَّرح، وعدم إدراك للواقع، وهو ما يمكن أن نصطلح عليه (بالتطبيع الثقافي)، و(تهويد العقول).
كما كشف الواقع الفكري أيضاً عن مدى هيْمنة الأفكار التَّوراتيّة والتَّلمُوديّة على مصادرنا التَّاريخية والدِّينية، وهو ما أسهم في صياغة أفكار مشوَّهة حول حقيقة الصِّراع وخلفياته الدِّينية والتَّاريخية، وهو بدوره ما كان سببا في انتشار الكثير من المصطلحات اليهودية ومفاهيمها التي باتت هي البضاعة الرائجة في مناهجنا وخطابنا الإعلامي وخطب الأئمة على أعواد المنابر ولدى المفكرين والسِّياسيين والنُّخب الثَّقافية، وقد يتعجب المرء عندما يسمع ببعض الأفكار المغلوطة الشَّائعة عن فلسطين وأهلها لدى العرب والمسلمين، من قبيل: بيع الفلسطينيين لبيوتهم وأراضيهم لليهود، بل وفرّطوا فيها ابتغاء متاع زائل، وعدم مقاومتهم للمحتل “الإسرائيليّ”، وخيانة العرب للخلافة العُثمانيّة، أو العكس، وأحقية اليهود الدِّينيّة والتَّاريخية بفلسطين، … وهذا يدلّ بلاشك على حجم (النَّكبة المعرفيّة)[15] التي تُعاني منها الأمَّة لدى مختلف المستويات الثقافية لشعوبها، وقد لا يتَّسع المقام للتَّفصيل في هذا الموضوع، فالأمر يحتاج إلى دراسة استقصائية مستقلة تبحث في الأسباب المباشرة وغير المباشرة والخلفيات التي تقف وراء هذا التَّشوه المعرفي وتحدّد مظاهره وأشكاله وكيفية معالجته.
وهذا من نتائجه، بلا شك، أن تكون (القضيّة الفلسطينيّة) في ذيل سلَّم اهتمامات النِّظام العربي الرَّسمي، وأن يبحث لنفسه عن المسوّغات الواهية من أجل التطبيع مع العدو واعتباره جسماً طبيعياً في المنطقة، وأن يعترف به كياناً محتلاً، وقد ظهر ذلك من خلال ما تمخضت عنه (مبادرة السَّلام العربيّة)[16]، حيث نصت: بعد انسحاب “إسرائيل” الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، أن تقوم الدول العربية بما يلي:
- اعتبار النزاع “العربي – الإسرائيلي” منتهياً والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين “إسرائيل” مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.
- إنشاء علاقات طبيعية مع “إسرائيل” في إطار هذا السَّلام الشَّامل).
ومن هذا المنطلق، وحيث أن الأمة على هذا الحال، فلا يمكن أن يستقيم حالها على سوق الصلاح والرّشاد والوعي والنّهوض وهي تعاني من هكذا تشوهات معرفية وفكرية، فلا يمكن أن يستقيم الظل والعود أعوج، ولذلك كان من مقتضيات الإعداد السليم العمل على بناء البيئة المعرفية والثقافية ونشر الوعي السليم وإعادة “تفهيم المصطلحات”[17] ذات الصلة بفلسطين وبيت المقدس وبقضيتها العادلة، من خلال المؤسسات التربوية والتعليمية والمعاهد المتخصصة وإعادة صياغة المناهج الترَّبوية وفق قيمنا ومبادئنا، ومن خلال مختلف المنابر التَّعبوية والتَّوعوية؛ مثل وسائل الإعلام المختلفة: التقليدي والحديث، ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من الوسائل الفاعلة والمؤثرة، وقد جرت سنن التغيير على معادلة عميقة مقتضاها أن تغيير حال الأمة مبنى على نظرية: أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم من أفكار وتصورات وقيم وعادات، والمعرفة هي الأداة القادرة على إحداث التَّغيير في البنية الفكرية والتربوية وتغيير القناعات العميقة.
فالمعرفة هي أساس المنطلق لحركة التحرير والتغيير، ونحن بأي حال من الأحوال لا يمكننا الدفع بالأمة لشراكة استراتيجية حقيقية نحو التحرير إلا من خلال إصلاح الفكر وتشكيل الوعي السليم، أو بتعبير آخر أكثر وضوحا: نحن في حاجة ماسة لبناء فضاء معرفي ايجابي تروج فيه ثقافة التحرير والحرية والعزة والكرامة والمقاومة، وهذا، بلا شك، له متطلباته المختلفة.
والمقصود بالمعرفة هنا بمعناها العام، الذي يشمل كل جوانب الحياة المختلفة؛ الفكريّة والترَّبوية والسّياسية والاقتصادية والعسكرية …
وجيل التحرير المنشود – بلا شك – في حاجة اليوم إلى إعداد معرفي منهجي شامل يتيح له التَّمكّن من أدوات التَّحرير ويعمل على توظيفها بطريقة علمية ومنهجية لتحقيق التحرير المنشود.
المسار الثَّاني: الإعداد السّياسي (بناء الوحدة السياسية):
المعرفة دون أدوات تحرِّكها لا قيمة لها، فأَنْ تعلم دون أن تفعل شيئاً – كما يقول ستيفن كوفي – هو في الحقيقة كأنك لا تعلم شيئاً[18]، وأبرز أداة حقيقة للعمل والتَّأثير في الواقع هي: (الفعل السّياسيّ).
منذ أن احتلت فلسطين عام (48)، عام (النّكبة)، رفعت الأمّة شعار: (الوحدة هي الطريق إلى تحرير فلسطين)، وبعد (النَّكسة)، تغير الشِّعار، وأصبح (تحرير فلسطين هو الطريق إلى الوحدة العربية وليست الوحدة العربية هي الطريق إلى التحرير)، وبين هذا وذاك، وجدليّة الوحدة والتَّحرير ضاعت فلسطين وبيت المقدس، وخَلَت الأجواء للعدو الصِّهيونيّ ليتمدد كلَّ يوم ويقضم أجزاء جديدة من فلسطين، فلا أنظمتنا تحررت من الاستبداد السِّياسي، ولا فلسطين تحرَّرت من الاحتلال الصِّهيوني، بل على العكس من ذلك، لقد نجح العدوّ إلى حدٍّ بعيد في أن يتجاوز حدود فلسطين الجغرافية ويُطبّع علاقته مع البيئة العربيّة المحيطة ويؤثر في مواقفها الّسياسيّة، التي باتت لا تجد غضاضة في أن تتبنى مواقف مؤيدة للعدو، والأيام المقبلة، كما هو ملاحظ، حبلى بأشكال جديدة ومتنوعة من التَّطبيع والاختراق الصهيوني للمنطقة.
واليوم لا تزال (وحدة الأمة) بين مختلف مكوناتها أبعد الأهداف عن التَّحقيق، بل إنّ دولاً عربية باتت اليوم مُهدَّدة في وحدتها ووجود كيانها السّياسي، وهناك مراكز دراسات وبحوث في الغرب تروِّج إلى أن المنطقة مُقْبلة على تفتيت جديد، وهناك خرائط جديدة ترسم داخل أقبية صنَّاع القرار السِّياسي الغربيّ، في إطار إعادة طباعة (اتفاقية سايكس – بيكو) بطبعة جديدة منقحة ومزيدة.
وفي هذا العام (2017) تمر علينا الذكرى المئوية (لاتفاقية سايكس – بيكو)، والدَّلائل تشير، خاصة في السنوات العشر الأخيرة، إلى أن الحدود المرسومة في هذه الاتفاقية المشؤومة تزداد هشاشة وتوشك على السُّقوط والانهيار، ولكن لا يعني ذلك بالضرورة أنّ الأمة مُتَّجهةً نحو الوحدة والاجتماع، وإنّما الصَّحيح أنَّ الأمَّة تتأهّب (لسايكس – بيكو) جديدة تُفَتِّت المُفَتَّت وتُقسِّم المقَسّم، وترسم حدوداً جديدة على أُسُس جديدة في قلب الحدود القديمة، وأغلب الظن أن يكون ترسيم الحدود على أسس عرقية وطائفية ولغوية[19].
والذي يتابع تاريخ مخططات تقسيم المنطقة، على مدار القرن الأخير، وحجم الوثائق الموجود في الأرشيف الغربي (الأوروبي والأمريكي)، وما حاكته سياساتهم وراء الأبواب المغلقة وفي الغرف المقفلة، يدرك تماماً حجم ما يتهدّد المنطقة من مشاريع للتقسيم والتَّفْتِيت[20].
وبالرغم من أن هذه المخططات[21] مُعلنة ومنشورة منذ أكثر من قرنٍ، وتتداولها الأوساط السِّياسيّة، ولكن مع ذلك، ومما يؤسف له، أن أنظمتنا العربية ونخبنا السياسية والثقافية لم تتخذ أيّ خطوات عملية لمواجهة هذه المخططات وإجهاضها، بل إنها تتعامل مع الواقع بسطحية تامة، وسذاجة قلَّ نظيرها، معتبرة أنَّ كلَّ ما تمت الإشارة إليه سابقاً من مخططات للتقسيم داخلٌ فيما يُطلق عليه البعض (نظرية المؤامرة)، بل لا نُبالغ إذا قُلنا أنَّ تلك الأنظمة وُظِّفت، من حيث تدري أو لا تدري، كأدوات لتحقيق مشاريع التَّقسيم تلك، وواقع حالنا السياسي أكبر دليل على ذلك، وهذا ما جعل المحلل السياسي الإسرائيلي (إسرائيل شاحاك) يقول:
(حتى أولئك الذين يتصايحون للتحذير من مخططات الأعداء، يفعلون ذلك بناءً على أوهام يتخيلونها وأساطير يتداولونها، وليس على أساس معرفي علمي، لذلك، يحبذ الخبراء الصهاينة نشر استراتيجياتهم المستقبلية علنًا لتوعية أكبر عدد ممكن من اليهود والإسرائيليين بها، دون أدنى قلق من اطلاع العرب عليها، فإمكانية تصدي حكوماتهم لتلك الخطط إزاء معرفتهم بها شبه معدومة)[22].
وفي ظلِّ حالة التَّمزق والتَّشرذم التي تعاني منها الأمة اليوم نحن أحوج ما نكون إلى مشروع يستنهض الأمة بمختلف توجهاتها ومدارسها الفكرية والسّياسيّة، ويُلَمْلم شتاتها، ويوحِّد رؤيتها الفكريّة والسّياسيّة؛ بما من شأنه أن يحفظ الكيان السياسي العربي ويرفع نير الاحتلال عن كاهل فلسطين، ولعل الوحدة السياسية والدعوة إليها اليوم باتت مهمة أكثر من أي وقت مضى، بل هي واجب الوقت بلا شك.
وأملنا كبير في أن يُسْهم (الرَّبيع العربيّ)، بالرَّغم من التَّحديات الكبيرة التي تقف أمامه، في ترسيخ قيم الحرّية والكرامة وحقوق الإنسان واستقلال الإرادة السِّياسيّة، وتحرير إرادة الشُّعوب من الظُّلْم والطُّغيان والاستبداد؛ ذلك أنّ الخُطوة الأولى الأهمّ نحو بناء كيان سياسيّ عربي موحّد، مستقل وفاعل، هو وعي الشُّعوب، وإدْراك حجمها وحقيقة دورها في معادلة النّهضة والتَّغيير، وتحقيق الوحدة المنشودة.
وهذا، بلا شكّ، من شأْنه أن يزيد من حجم الأعباء الملقاة على عاتق قوى الأمَّة الحيّة، الفاعلة والواعية، في إعادة النَّظر في ترتيب أولوياتها، وتقييم أوضاعها، وتجاوز اختلافاتها، وتحديد أهدافها، وصياغة مشاريعها، وتوحيد صفوفها، وتركيز جهودها، وتحديد بوصلتها، وبناء ذاتها بناءً شمولياً يستوعب كافة مجالات وأنواع (القوّة) المطلوبة شرعاً، ولنا في تاريخنا الإسلاميّ من التَّجارب النَّهضوية الناجحة ما يُغنِينا عن التَّقليد والتَّبعيّة للآخر.
فمُهمّة التَّحرير، كما تبدو لي، ليست مهمّة الشَّعب الفلسطيني لوحده، وإن كان هو رأس الحربة فيها، وإنَّما هي مهمّة الشّعوب والأنظمة العربيّة والمسلمة.
المسار الثالث: المقاومة والمواجهة:
إنَّ هذه المرحلة تُعدّ بحقّ من أهم مراحل إعداد الأمّة لتحرير بيت المقدس، فهي بمثابة الثَّمْرة المرجوَّة من الوعي والنُّضج المعرفيين والعمل السِّياسي الموحّد اللَّذين تمّت الإشارة إليهما سابقاً، وبالتَّالي تعدّ هذه المرحلة هي ذروة سنام عمليّة التَّحرير، فلا قيمة لأيّ وعيٍ أو جهدٍ سياسي لم يُتوّج بعمل مُقاوم ومواجهة حقيقيّة مع العدوّ المحتلّ، والذي يجب أن يأخذ أشكالاً وبرامج ومشاريع عمليّة، متنوِّعة التَّأثير، تصبّ كلّها في خدمة عمليّة التَّحرير وإنهاء حالة الاحتلال الصِّهيونيّ.
فالمقصود بالمقاومة والمواجهة؟
تأخذ المقاومة كما -هو معلوم- أشكالاً مختلفة، وأساليب متنوعة، تتلاءم ومقتضيات المرحلة وطبيعة وشكل الاحتلال، ولعلّ من أبرز أشكال المقاومة وأكثرها وضوحاً (المقاومة المسلحة)، كما هو حاصل في قطاع غزّة اليوم، وهذا الدّور منوط تحديداً بأبناء فلسطين دون غيرهم لاعتبارات كثيرة لا يتّسع المقام لذكرها هنا، على الأقلّ في الظَّرفيّة الرَّاهنة التّي نحن بصددها، ولكن هناك أيضاً أشكالٌ أخرى للمقاومة يجب على الأمّة أن تنهض بها، وتعدّ من صميم واجباتها، ويمكن اختصارها في الأشكال الآتية:
- المقاطعة الفاعلة والشَّاملة للكيان المحتلّ، وعدم التَّعاطي معه بأيّ شكل من أشكال التَّعاطي، و رفض ومقاومة التّطبيع معه بكل أشكاله (سياسياً واقتصادياً وثقافياً وأمنياً وأكاديمياً ..) تحت أيّ عنوان أو أيّ مبرّر، بخاصة إذا علمنا أن هناك هرولة عربيّة وإسلاميّة غير مسْبوقة نحو التَّطبيع مع العدوّ في الآونة الأخيرة، وأن تعمل الأمّة على قطع كافة الشَّرايين التي يمكن أن تمدّه بأسباب الحياة والوجود، والسَّعي إلى عزْله سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً وثقافياً، وغيرها من أشكال العلائق التي يمكن أن تضفي شرعية ما على (الكيان الإسرائيلي المحتلّ)، أو بتعبير أشمل وأكثر عمومية، وبحسب تعبير القرآن الكريم، قطع (حبل النَّاس) عنه. (سورة آل عمران، الآية: 112).
- محاصرته إقليمياً ودولياً، وفضح مجازره وجرائمه التي ارتكبها في حقّ فلسطين: أرضاً وشعباً وتراثاً ومقدّساتٍ، في المحافل الدَّوليّة والقانونية، ومنظَّمات حقوق الإنسان، ومحاكمته قضائياً في الهيئات الدَّوليّة المختصَّة، وتشويه صورته، وتجريم أفعاله، وهتك أستاره، وهو أحد تمظْهرات (إساءة الوجه)، الواردة في قوله تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُم) [الإسراء: 7].
- العمل على تشكيل هيئات للتضامن مع الشَّعب الفلسطينيّ ونصرة قضاياه العادلة، خصوصاً في المجتمعات الأوروبيّة والأمريكيّة، ذات التَّأثير الكبير، وحسن استثمار الفضاءات المتاحة لتفعيل دور النُّخب والتأثير على صنّاع القرار.
- دعم ونصرة المقاومة والاعتراف بحقوق الشَّعب الفلسطيني التِّي أقرَّتها (الشَّرعيّة الدَّوليّة)؛ كحق تقرير المصير، وحق العودة، وحق المقاومة والنِّضال لإنهاء الاحتلال وغيرها من الأشكال التي ضمنتها المواثيق والأعراف الدَّوليّة، وتوفير الغطاء الشَّرعي لمقاومته: سياسياً وإعلامياً ومالياً، والعمل على توفير كل أشكال الدَّعم التِّي من شأْنِها أن تُسهم في تثبيت الشَّعب الفلسطيني على أرضه.
- توحيد الطَّاقات وتشبيك الجهود الشَّعبيّة والرَّسميّة والفعل المشترك، واستخدام أوراق الضَّغط والقوّة الممكنة بكلِّ تجلياتها، وهي كثيرة بفضل الله لو أحسنَّا توظيفها وأتقنَّا تفعيلها.
وخُلاصة ما يمكن قوله في هذه الوقة أن معادلة دور الأمة في التَّحرير يمكن اختصارها على النَّحو التَّالي:
الوعْي المعرفيّ + وحدة الأمَّة وفعْلَها السِّياسيّ + المقاومة = التَّحرير
[1] . ينظر: مقال: هل التَّاريخ يُعيد نفسه؟ جواد البشيتي، موقع (الحِوار المُتمدن)، (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=213298).
[2] . لمزيد من التَّفاصيل حول هذه النَّظرية يُراجع كتاب: (دليلُ المرابطين لتحرير فلسطين) للمؤلفين: أ. محمد مصطفى النُّوباني وم. موسى محمد حداد، بدون دار نشر، الطّبعة الأولى، 1433هـ – 2012م.
[3]. ينظر: مُراجعات في الفكر والدعوة والحركة، عمر عبيد حسنة، المكتب الإسلاميّ، الطَّبعة الثَّالثة (1419هـ – 1998م)، ص (21)، ويراجع في ذلك أيضاً كتابات المفكر الجزائري مالك بن نبي، مثل: وجهة العالم الإسلامي وشروط النَّهضة.
[4] . ينظر: هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس، د. ماجد عرسان الكيلاني، دار القلم للنشر والتوزيع، الإمارات العربية المتحدة، الطبعة الثالثة (1423هـ – 2002م).
[5] – الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد، ويُعرف اختصاراً بـ(تفسير التَّحْرير والتَّنْوير)، الدَّار التُّونسيّة للنشر، 1984م، ج. 10، ص 55.
[6] – أشار إلى ذلك د. أحمد صادق الدجاني في مقال له بعنوان: (رؤية عربية لعلم دراسات المستقبل) في جريدة الأهرام، 19/4/1994.
[7] – أبو محمد الحُسيْن بن مسعود البغوي، تفسير البغوي “معالم التنزيل”، تحقيق: محمد عبد الله النمر، وعثمان جمعة ضميرية، وسليمان مسلم الحرش، دار طيبة للنشر والتَّوزيع، ط1، 1409هـ / 1989م، ج 3، ص: 371.
[8] – الرَّاغب الأصْفهاني، مُفْردات ألفاظ القُرآن، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، دار القلم – الدار الشامية، ط 4، 1430 هـ / 2009 م، ص: 530.
[9] – الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، تحرير المعنى السَّديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد، ويُعرف اختصاراً بـ (تفسير التَّحْرير والتَّنْوير)، الدَّار التُّونسيّة للنشر، 1984م، ج.10، ص: 55.
[10] – هو عنوان كتاب للمحدِّث والفقيه والمسّر مُحمّد بن أبي بكر بن أيّوب، المعروف بـ(ابن قيّم الجوْزية)، ويُعرف الكتاب -أيضا- بعنوان آخر هو: (الدَّاء والدَّوَاء).
[11] – بمعنى أنَّه ليس بعد الرُّؤية البصريّة حاجة للسؤال عن: (أين الدَّليل)؟ فالواقع الماثل اليوم بكل تمظهراته هو أفضل جواب عن الأسئلة المطروحة.
[12] – الدراسة غير منشورة أعدّت عام 2013م.
[13] – من الأفكار الشَّائعة في بعض الدول الإسلامية في افريقيا وغيرها، مثل: (غينيا بيساو) و(ساحل العاج) وغيرها.
[14] – صفحة على (الفيس بوك) عنوانها: (إسرائيل تتكلم بالعربية)، تُدار من طرف وزارة الخارجية للكيان “الإسرائيلي” المحتل، تعمل على تسويق صورة الكيان المحتل في أوساط العرب، باعتباره كيانا (ديمقراطيا) يمكن أن يتعايش مع المنطقة العربية.
[15] – هذا المصطلح من نحْت البروفيسور عبد الفتاح العويسي.
[16] – مبادرة السلام العربية التي أقرها مؤتمر القمة العربي في بيروت في 28/3/2002م، مجلة الدراسات الفلسطينية، المجلد 13، العدد: 51، ص: 187.
[17] – بمعنى تصحيح المصطلحات وإعطائها مفاهيم جديدة.
[18] – سيفن كوفي، العادة الثامنة: من الفعالية إلى العظمة، ترجمة: د. ياسر العيتي، فرنكلين كوفي بأمريكا ودار الفكر بدمشق، ط1، 1426هـ/ 2006م، ص: 67.
[19] – وهو الأساس النظري الذي وضعه المنظر الأمريكي الصهيوني (برنارد لويس)، ونشره في مجلة (Executive Intelligent Research Project)، التي تصدرها وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) واقترح فيها تقسيم الشرق إلى أكثر من ثلاثين دويلة إثنية ومذهبية. ينظر: دور إسرائيل في تفتيت الوطن العربي، أ.د. أحمد سعيد نوفل، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ط2، 1431هـ – 2010م، ص: 29-30.
[20] – ينظر: تفتيت الشرق الأوسط: تاريخ الاضطرابات التي يثيرها الغرب في العالم العربي، د. جيرْمي سُولْت، ترجمة د. نبيل صبحي الطويل، دار النفائس للطباعة والنشر، ط1، 1432هـ – 2011م.
[21] – من هذه المخططات: خطة (يينون 1982م)، المنشورة في مجلة (كيفونيم) وترجمتها (الاتّجاهات)، وعنوان الخطة: الاستراتيجية الإسرائيلية في الثمانينات، وخرائط (برنارد لويس 1992م)، وهي عبارة عن نموذج معدل لخطة (يينون)، في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، وخطة (رالف بيترز) والتي بعنوان: (حدود الدّم) والتي ركز فيها على تفتيت السعودية وإيران وباكستان باعتبارهم منبع الشرور، وغيرها من المخططات والأطروحات الأخرى. ينظر: سايكس بيكو 2016، خرائط تقسيم المنطقة بين الواقع والأساطير، ياسر نجم، ساسة بوست، (https://www.sasapost.com/sykes-picot/).
[22] – (إسرائيل شاحاك): محلل سياسي وأستاذ بالجامعة العبرية ورئيس الرابطة الإسرائيلية لحقوق الإنسان.
(المصدر: هيئة علماء فلسطين في الخارج)