«الإمبراطورية الأمريكية» ودورها الاستعماري في العالم عمومًا وفي العالم الإسلامي خصوصًا
بقلم نور عالم خليل الأميني
أمريكا – التي تقود اليوم الدولَ الأوربيّةَ وتقودها إيّاها القوى الصهيونية – دولة استعمارية بكل ما في الكلمة من معنى تستهدف فيما تستهدف إخضاعَ العالم عمومًا وإخضاعَ العالمين العربي والإسلامي خصوصًا. إنها برزت أقوى دولة وحيدة على مستوى العالم إثر تحطّم الكتلة الشيوعيّة وسقوط الاتحاد السوفياتيّ. إن قواعدها العسكريّة تُغَطِّي 140 بلدًا من بلدان العالم، وقواتُها كانت قد اتخذت قواعد مستقلة في 70 سبعين بلدًا منذ ما قبل حادث 11/سبتمبر 2001م الذي نَفَّذَتْه القوى الصهيونية الصليبيّة بتخطيط دقيق جَعَلَ العالم كله تَعْمَىٰ عليه حقيقتُه – حادث تفجيرات سبتمبر المذكور – والذي استغلّته أمريكا حسب المُخَطَّط مُحْتَسِبَةً للمخاوف الوهميّة التي تظاهرت بها بأنها مُحْدَقَة بأخطار حقيقية من أجلها، وإثر ذلك ضَعَّفَتْ قدراتها العسكرية أكثر من ذي قبل بدرجات كثيرة، حتى فاقت ميزانيتُها العسكرية الميزانيةَ العسكريةَ لدى جميع القوى الكبرى خمسَ مرات.
وتَذَرَّعَت لذلك بأنّها تُحَاوِل بسطَ الأمن والاستقرار والديموقراطية في العالم، على حين أنّها – كما يُؤَكِّد الواقع – ظلّت ضالعةً بنحو مباشر في مُعْظَم الحروب الكبيرة التي شَهِدَها العالم على مدى الأكثر من الخمسين سنة الماضية. وباشَرَتْ شنَّ الحروب الغاشمة في كل من «فيتنام» و«كوريا» و«كامبوديا» و«الصومال» و«لاؤس» و«العراق» – الذي داستْه ودَمَّرَتْه مرتين – و«أفغانستان». وكلا البلدين لايزالان يذوقان أشنعَ أنواع الدمار والخراب من جَرَاء الحروب الأمريكيّة المدروسة، والوجود الأمريكي العسكري، والدسائس الصهيونيّة الصليبيّة، إلى جانب سلسلة من العمليّات العسكريّة التي قامت بها أمريكا في كل من «كيوبا» و«فاناما» و«صربيا» كما لعبت الدورَ الطليعيَّ الفاعل من وراء الستار أحيانًا وعلنًا وجهارًا أخرى في إحداث الانقلابات العسكرية في كل من «إيران» و«غواتيمالا» و«البرازيل» و«إندونيسيا» و«نكارا غوا» و«تشيلى» كما ظلّت عاملة بنجاح في تفشيل وقمع الحركات الشعبيّة في كل من «اليونان» و«الفلبين» وعدد من دول أمريكا الجنوبيّة؛ فقد قال الـمُعَلِّق البريطاني المعروف «Ferdinand Mount»: إن القوات الأمريكية باشرت التدخلَ في أكثر من 168 عملية عسكريّة على مدى العالم، وبلغ ضحايا هذه الحروب من القتلى عدةَ ملايين. وبذلك كانت هذه القوة الاستعماريّة خبيثةً وسفّاحةً للغاية مقابلَ القوى الاستعمارية الماضية. أَكَّدَ هذه الحقائقَ الكاتبُ الغربيّ المعروف «ريتشارد فالك» Richard Falk في كتابه «اختر و قَاوِمْ إثر تفجّر الثورة العربية» Choose and Counter After Arab Revolution Spring الذي صَدَرَ حديثًا و خرج من دراسته وتحليله للواقع بنتائج تختصر في أن الاستراتيجيّة العسكريّة الهامّة للغاية لدى أمريكا في هذه المنطقة تتمثل في أن تقف بجانب الحكومات الاستبدادية الدكتاتورية الظالمة فيها ما دامت وَفِيَّةً مُوَالِيَةً قيادتُها للغرب، فإذا شعرت بأنها لم تَعُدْ مُوَلِّيَةً وجههَا شطرَ الغرب، أو لم تَعُدْ قادرةً على التحكم في مقاليد أمور الدولة حسب ما يهوى الغرب، فإن أمريكا لا تألو في استهدافها؛ حتى تنصب مكانها قيادةً أخرى أصدقَ ولاءً لها منها.
اليوم تخوض أمريكا حربًا سافرةً في «سوريا» بحجة أنها تتصدى لاستئصال «داعش» التي يَتَفَاقَمُ شرُّها في كثير من البلاد العربيّة والإسلاميّة؛ ولكنها إنما تصنع في «سوريا» ما يدلّ دلالة واضحة على النفاق الذي تتعامل به مع المسلمين في العالم؛ فهي تُسَاهِم في تقتيل وتشريد رجال المعارضة ونسائها وأطفالها الذين يذوقون الويلات من جهتين: جهة الأسد البعثي النصيري وأنصاره من القواتالروسيّة والإيرانية وحزب الله اللبناني، وجهة أمريكا التي تُمْطِرُهم بالقنابل بحجّة استئصال شافة «داعش». وتظاهرت في البداية أنها تودّ إقصاء الأسد البعثي الذي يحارب شعبَه السنّي الذي نهض يطالب بحقوقه والتحرر من بطش الأسد ونظامه الدكتاتوري؛ ولكنها في النهاية بدأت تُمَاطِل وتُصَرِّح بأنه لاحاجة إلى إقصاء الأسد والقضاء على النظام البعثي، وإنما الحاجة إلى إجراء الحوار معه ومع ممثلي الشعب والتوصّل إلى الحل من خلال الحوار والمحادثات والاتصالات الدبلوماسيّة. ومن المعلوم أن الحوار معناه إبقاء الأسد في الحكم والإتاحة له أن يبطش بالشعب السوري بأشد من ذي قبل. وإنما تصنع أمريكا ما تصنع صادرةً عن الروح الاستعمارية البغيضة التي تُمْلِي عليها أن تحافظ على مصالحها الصهيونية الصليبية وعلى مصالح ربيبتها إسرائيل وعلى مصالح «إيران» الشيعيّة التي ظلّت تُوَالِيها منذ اليوم الأول وتتظاهر بأنها تعارضها بل تعاديها. وذلك لأن أمريكا – وهي راعية المصالح الصهيونية الصليبية في العالم – تعلم عن دراسة واعية أن إيران الشيعيّة لا تُمَثِّل الإسلام الصحيح المطابق للكتاب والسنة، وإنما هي سرطان خبيث يَفُتُّ في عضد العالم الإسلامي وينخر كيانه؛ علمًا بأنها تتبع الديانة الباطلة التي أوجدها عبد الله بن سبإ اليهودي. ومن ثم فإن أمريكا أو إسرائيل لم ولن تحاربها أبدًا. وكنتُ قد أَكَّدْتُ هذه الحقيقةَ في هذه الزاوية من المجلة أكثر من مرة، وقلتُ: إن «أمريكا» أو «إسرائيل» لن تعارض – فضلًا عن أن تحارب – البرنامجَ النوويَّ الإيرانيَّ، وإنما هما تَوَدَّانِ وتتعاونان مع إيران على تطويره للمستوى المطلوب الذي تقدر به «إيران» على محاربة العالم الإسلامي ولاسيما دول الخليج السنيّة المجاورة. وفعلاً وَقَّعَتْ أمريكا معها على معاهدة الاستمرار في برنامجها النووي من أجل «الأهداف السلميّة» التي تعني أن تُصْبِح «إيران» في مرحلة لاحقة قوةً نوويةً مرهوبةَ الجانب حتى تقدر دائمًا على تأديب كل دولة إسلامية أو عربيّة وعلى بسط سيطرتها عليها في مستقبل الأيّام.
وأمريكا تعلم أن إقصاء الأسد إنما يُنْتِج إقامة حكومة إسلامية سنيّة في «سوريا» لا تُوَالِي طبعًا أمريكا وإسرائيل وإنما ستحارب مصالحهما؛ ولذلك لن ترضى إقصاءَ الأسد، ولاسيّما لأن ذلك شيء لا ترضى به «إيران» التي لا تريد أمريكا أن تُسْخِطَها؛ لأنها – أمريكا – تودّ أن تُوَظِّفها في المرحلة اللاحقة لإحداث صداع رأس بالنسبة إلى الدول الخليجيّة السنيّة عن طريق «إيران» التي تُرَكِّز –أمريكا – على تحويلها دولة نوويّة وقوة عسكريّة تفوق القوى العسكريةَ الإسلاميّةَ كلَّها.
وإذا ألقينا نظرةً على وضع العالمين العربي والإسلامي وجدنا أمريكا الاستعمارية ذات المطامع التوسعيّة تتحكم عسكريًّا واستراتيجيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا في شؤون كل منهما، فهما لا يقدران على اتخاذ قرار في غنى عن إشارتها وإعطاء النور الأخضر من قبلها. فالحوثيون المُمَدُّون من قبل إيران الشيعية الذين نهضوا يُحاربون الحكومةَ اليمنيةَ الشرعيّةَ بأسلحة ثقيلة لا تمتلكها إلا الحكومات، والذي يَلْقَوْنَ هجومًا تأديبيًّا من قِبَلِ التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربيّة السعوديّة، يُؤَكِّد عدد من المُعَلِّقين العالميين أن أمريكا تتعامل في شأنهم بالنفاق والازدواجية؛ فهي تمهلهم وتتعاطف معهم من وراء الستار، ولا تريد أن تنتصر عليهم الحكومة اليمنية أو التحالف العربي، وإنما تحاول أن تطول الحرب حتى تستنزف ثروات المملكة العربية السعودية التي هي التي تتحمل تكاليفَ مقاومة الحوثيين ومصاريف الدولة اليمنية الشرعيّة؛ حيث إن إفقار العالم الإسلامي واستنزاف خيراته هو أحد الأهداف الرئيسة لدى أمريكا الاستعمارية التي تود أن تُصْبِح الشعوب والأمم – ولاسيّما الأمة الإسلامية والشعب الإسلامي – خاضعةً لها تعيش تَبَعِيَّةً ذليلةً لها.
ولا تتجلى قوةُ أمريكا الاستعماريّة في إجراءاتها العسكرية وحدها، وإنما تتجلى كذلك في تحركاتها التجاريّة والمالية هي الأخرى، التي تُعْرَف بـ«Coca Colonization» الذي يعني إنشاء مستعمرة الكوكة. علمًا بأن المؤسسات التجارية الأمريكية تنشر الثقافة الأمريكية في العالم كله عن طريق مُنْتَجَاتها وأشربتها، فيقول الكاتب المعروف الهندي النجار «راهول مهاجان» في كتابه: «الحرب الصليبية الجديدة: حرب أمريكاعلى الإرهاب» The New Crusade American War on Terrorism : إن المؤسسات التجارية في الدول المتقدمة تفوق بدرجات كثيرة المؤسسات التجاريّة في الدول المتخلفة فهي – المؤسسات التجارية في الدول المتقدمة – تجعلها – المؤسسات التجارية في الدول المتخلفة – تندمج فيها أو تُدَمِّرها عن آخرها، ولذلك تكون الاتفاقيات التجارية الحرة التي تُوَقِّعها أمريكا مع الدول المتخلفة رسالة دمار لسياستها الحرة. وقد أقامت لفرض استعمارها على العالم – ولا سيما على العالم المتخلف – من خــلال «النظام العـالمي الجديد» New World Order كُلًّا من «الصندوق المالي العالمي» و«المصرف العالمي» و«المؤسسة التجارية العالمية» التي تبدو مؤسسات دُوَلِيَّةً؛ لكنها جميعًا خاضعةٌ للسيطرة الأمريكيّة وخادمة لمصالحها.
وعن طريق هذه المؤسسات وَرَّطَت أمريكا الدول النامية في القروض الهائلة فهي – الدول النامية – تُضْطَرُّ أن تتقيّد بالالتزامات التي تُفْرَضُ عليها حتى يُتَاحُ لها أن تنال القروض؛ فهي من أجل زيادة حجم صادراتها تُضْطَرُّ أن تخفض رواتب مُوَظَّفِيها، كما تُضْطَرُّ أن تُقَدِّم للشركات العالميّة العابرة القارات تسهيلات للاتجار على أراضيها؛ فهي تزدهر على حساب الشركات الوطنية الإقليمية، التي لايكون بوسعها أن تسابقها. وبهذه الحيلة الماكرة تُسَيْطِر أمريكا ومؤسساتها التجاريّة على التجارة العالميّة، وبفضل «الصندوق المالي العالمي» و«المصرف العالمي» و«المؤسسة التجارية العالمية»تتحكّم أمريكا في الدول النامية كلها، فضلًا عن دول العالم الثالث؛ حيث إنها وإن تبدو مستقلةً؛ ولكنها مُسْتَعْبَدَة بيد أمريكا، التي تُؤَمِّن أن تظلّ أَزِمَّةُ الحكم في هذه الدول بأيدي حكام عملاء لأمريكا مستبدين بالحكم، حتى يظلّوا مُنَفِّذِين لإملاءات سيّدتهم أمريكا، ولا يبالوا بأي أسلوب بالحقوق الإنسانية وتحقيق الخير والصلاح والسعادة للمجتمع الذي يقودونه. والذي يتجرأ منهم أن يشقّ عصا الطاعة ويخرج على أوامر أمريكا، يُفْصَل عن الحكم في ذل يكون عبرةً لكل من يُفَكِّر أن يَنْهَجَ مَنْهَجَه، أو يُغْتَال أو يُعْدَم شنقًا، بشكل يكون درسًا مُرَوِّعًا لكل من تُحَدِّثُه نفسُه أن يسلك هذا الطريقَ المفروش بالأشواك. والمُؤْسِف للغاية أن هذه المسرحيّة تُنَفَّذ باسم الديموقراطية والحقوق الإنسانيّة؛ لأن القوى الاستعماريّة تتذرع دائمًا بالمصالح الإنسانية وتُمَارِس الظلم باسم إقامة العدل ومحو الظلم.
وإلى الحيل التجارية والعسكرية والسياسيّة والمالية، تستخدم أمريكا لبسط استعمارها وسيلةَ الإعلام التي تتحكم فيها الصهاينة، والتي تستغلّها للمصالح الاستعماريّة استغلالاً لاحدود له.
وكما أسلفتُ إن النظام العالمي الاستعماري الجديد – الذي تَتَصَدَّىٰ أمريكا الاستعمارية الصهيونية الصليبية لتنفيذه لاصطياد العالم عمومًا والعالم الإسلامي خصوصًا – إنما يستهدف أصلًا وأساسًا وقبل كل شيء الأمةَ الإسلاميّةَ ولاسيما الحركات الإسلامية التي تواجه أمريكا في مُخَطَّطها الهائل للسيطرة على العالم. وذلك ما لا يخفيه المفكرون الغربيّون وإنما يُجَاهِرون به كلما سَنَحَتْ لهم مُنَاسَبَةٌ؛ حيث يُصَرِّحون بأن الجماعات الساعية لإحياء الإسلام تُشَكِّل خطرًا لهم كبيرًا، فقد قال المفكر الأمريكي «يوشيهيرو فرانسيس فوكو ياما» Yoshihiro Francis Fukuyama في مقاله المنشور في ديسمبر 2001م في مجلة «نيوز ويك» بعنوان «العدو الحقيقي» The Real Enemy : «إن الثوريين الإسلاميين لن يحتملوا الاختلافات، إنهم فاشيّون في عصرنا، ونُضْطَرُّ أن نحاربهم، إن رسالتنا واضحة: إن المسلمين إذا كانوا يريدون أن يُبْقُوا على علاقاتهم بالغرب، فعليهم أن يتنازلوا عن الأيديولوجيا الإسلاميّة،التي لا تنحصر في الطقوس الدينية، بل تحوي جميعَ شعب الحياة اجتماعيةً كانت أو سياسيةً أو ثقافيةً.
ونظرًا للقوة العسكرية الضاربة التي تمتلكها أمريكا إلى جانب وسائل الإعلام الجبارة المتطورة التي يديرها اللوبي الصهيوني؛ والقوة الاقتصادية الهائلة؛ والمؤسسات التجارية التي لا تُغَالَب؛ قد يظنّ كثيرٌ من المفكرين – الذين لم تنضج دراستهم للتاريخ البشري وعوامل التقدم والتخلف لدى المجتمع البشري- أن أمريكا قوة استعمارية منقطعة النظير لايمكن تسخيرها، منهم المفكر الغربي «فوكوياما» المذكور آنفًا مؤلف كتاب «نهاية التاريخ والإنسان الأخير» The End of History and The Last Man الذي يعتقد أن أمريكا ستظل دائمًا قوة كبرى مُسْتَعْصِيَةً على التسخير والإخضاع؛ ولكن هناك مفكرين غربيين يرون رؤيةً جِدِّيَّةً إيجابيّةً واقعيّةً، منهم «نيل فرغوسان» Niall Ferguson الذي رغم مناصرته القويّة للإمبرياليّة وانتصاره الصارخ للحرب على العراق يقول في كتابه «صعود وهبوط الإمبراطورية الأمريكية الضخمة» The Rise and Fall of Colossus American Empire : إن أمريكا لن تستطيع الحفاظ على قوتها الاستعمارية، والذي سيؤدي إلى سقوطها ودمارها هو قواها الداخلية.
ومهما زعمت أمريكا أنها أكبر ديموقراطية على وجه الأرض؛ ولكنها ليس بوسعها أن تشذّ عن مسار الاستعمارية المتشددة التي تفرضها عليها العصابة المتشددة المناصرة للعنف التي بيدها المفتاح الاقتصادي الأمريكي وهي اللوبي الصهيوني من البليونيرين اليهود الذين يحكمون أمريكا أصلاً، سواء أكان الحكمُ بيد الحزب الديموقراطي أو الحزب الشعبي.
وهذه العصابة هي التي نسجت مؤامرةَ تفجيرات 11/9 وحاولت تحميلَ مسؤوليتها – بعد تنفيذها – شبابًا عربي الأسماء نَمَتْهم إلى المملكة السعودية، وهي التي حاولت أخيرًا طرح مشروع 11/9 في البرلمان الأمريكي والحصول على الموافقة عليه، حتى تُدِين السعودية علنًا وجهارًا وتتقاضاها تعويضات ماليّة كبيرة، ولم تتناهَ عن نيّتها لطرح المشروع في البرلمان رغم أن السعودية كانت قد قَدَّمَتْ إنذارًا واضحًا بأنها ستَسْتَرِدُّ مبلغ 750 بليون دولار كانت قد استثمرته في شتى القطاعات الأمريكية.
وكانت هذه التفجيراتُ مُنَفَّذَة عن الروح الاستعمارية الماكرة حيث استهدفت فرض استعمار شامل على البلاد العربية بنطاق أوسع وقوة أكثر ونشاط أدهى، شمل العمليات العسكرية الهائلة المتواصلة، وإبادة الإنسان العربي والإسلامي الجماعية، وتدمير البنية التحتية في البلاد العربية والإسلاميّة، واستنزاف خيراتها وثرواتها، وتحويلها مفلسة تُضْطَرّ أن تعيش تَبَعِيَّةً اقتصاديةً تستتبع تبعيّةً سياسيّةً واجتماعيّةً وثقافيّةً لا مَحَالَةَ. وفعلاً قد استولت على منابع البترول في عدد من البلاد العربية بما فيها «العراق»و«ليبيا» وَمهَّدَت الطريقَ لدمار كل من «سوريا» و«اليمن» ونصبت في مصر حكومة مُوَالِيَة لها يقودها الدكتاتور العسكري «السيسي» وساعدت على إسقاط الحكومة الديموقراطية الشرعية فيها التي كانت قد اختارتها الشرائح الشعبيّة كلها.
وتذرعت بتلك التفجيرات إلى وصف جميع المسلمين المتدينين في العالم بالإرهاب، وأوجدت منظمات متشددة ونسبتها إلى المسلمين لإيجاد مُبَرِّر للإبادة الجماعيّة للإنسان العربي والمسلم، وزرعت البلادَ العربيّةَ والإسلاميّةَ بالقلاقل والاضطرابات واللا استقرار، وأثارت فيها الحرب الأهليّة التي لا تكاد تنتهي بأي حيلة حكيمة.
(المصدر: مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند)