مقالاتمقالات مختارة

منافقو هذا الزمان.. هم العدو فاحذرهم!

منافقو هذا الزمان.. هم العدو فاحذرهم!

بقلم صلاح الدين حفافصة

لقد عزمت قبل الشروع في كتابة هذا المقال أن أكتب أسامي الفرق التي سأشير إليها أثناء حديثي عن منافقي هذا الزمان، ولكن ارتأيت أن لا أذكر الأسماء حتى يكون النص صالحا لكل زمان ومكان، وحتى لا أحصر كلامي في زُمرة معينة من الناس، لقد ابتلينا في هذا العصر باللامنطقية والعبثية في كل شيء خاصة عندنا نحن المسلمين، وفي خضم هذه العبثية المبرمجة من قبل الأعداء يوجد لدينا جماعات أضحت شوكة في خاصرة هذه الأمة، فمن هم هؤلاء وهل هم بالفعل أشد خطرا من المنافقين الأوائل؟ نحاول الإجابة عن هذه التساؤلات في سياق هذا المقال.

يجب أن تضع قاعدة عامة نُصب عينيك وهي أنّ المنافقين في هذا الزمان هم من يتّخذون الحياد منهجا لهم أثناء المخاض العسير الذي تعانيه هذه الأمة، ففي حين يرون تكالب الأعداء وقتل المسلمين بكل وحشية، يلتزمون الصمت والحياد كنوع من عدم التدخل في شؤون الآخرين، وهذا عين الجهل وقمة الخطأ، إنّ الآيات والأحاديث لأكثر من أن تحصر بخصوص الحث على موالاة المؤمنين والوقوف معهم مهما اقتضت الظروف، وهذا يذكّرني بقول الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين: نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة.. هكذا بكل بساطة يجب أن تكون الموالاة والأخوة الايمانية.

ومن جهة أخرى فقد ظهر لنا قوم يمكن أن نسميهم “عبيد الحكام” أو سمّهم ما شئت، قد نزّهوا الحكام عن الزلل ورفعوهم لمقام الآلهة، فصار قول كلمة حق أمامهم سببا للتكفير وإخراج قائلها من الملة، بل وتمادوا أكثر من ذلك، فحتى من ينأى بنفسه يصفونه بشرّ الأوصاف، ويشوّهون صورته ويجعلونه شيطانا يستحق الرجم.. وما سلمان العودة عنّا ببعيد. إنّهم نفسُ الناس الذين يقولون عن كثير من المصلحين والدعاة والثابتين اليوم “خوارج” أو “كلاب النار” بحجج واهية وبراهين باطلة لا يقبلها الطفل الصغير قبل الكبير، فاجتمعوا مع العلمانيين والملاحدة -وهذه عادتهم دائما فهم أقرب ما يكونون للعلمانية وهذا ظاهر لكل ذي بصيرة- في بغض أهل الحق والدعوة، وكم شمتوا بعالم أُدخل السجن فطاروا فرحا بذلك، وكم بلّغوا عن مصلح أُدخل أيضا بسببهم السجن وعُذب، وهم مع كل هذا في قمة النشوة والاستمتاع بذلك، وحقيقة لم أجد الكلمات المناسبة للتعبير عن هذه العيّنة من البشر، فهم فعلا حالة نادرة تطير بالألباب.

هذه الزمرة من المنافقين غالبا ما تدّعي أنها لا تحب الحرب وتطلب السلم والأمن والأمان، وأنّ كل ما تقوم به هو لحفظ دماء المسلمين وممتلكاتهم، ولكن لو نظرنا إلى الواقع لرأينا غير ذلك، رأيناهم في سوريا الجريحة وهم يتحالفون مع روسيا وبشار الأسد، ويتلقون التمويل من آل سعود لتمرير مخططاتهم، وإبقائهم حجر عثرة أمام أي مشروع يحفظ للشعب السوري كرامته وحقّه، ولو ذهبنا إلى اليمن، فقد ارتكبوا الفظائع، بل ولم يحملوا السلاح ضد الحوثيين مع ما فعلوه في الشعب اليمني إلا عندما اقتربوا من معقلهم في الحديدة، عندها فرّطوا في كل دعواتهم لطلب السلم والأمن، وكشّروا عن وجههم الحقيقي المختبئ خلف تلك الكلمات الرنانة ولباس البراءة والضعف.

ننتقل إلى ليبيا والوضع هناك أشد وطأة وأعظم بلية، فقد تحالفوا مع اللواء حفتر المولود في الولايات المتحدة والذي يحمل مشروعا علمانيا تغريبيا بامتياز، واستعانوا بطائرات الناتو، كل هذا لأجل هزيمة “الإخوان” وغيرهم بُغية التشريد بهم من خلفهم، فقد حاصروا مدينة درنة لشهور طويلة ومنعوا عنها كل أساسيات الحياة، ومارسوا عليها القصف بشكل يومي، فلما دخلوها بعد ترويع أهلها وتدمير بيوتهم، قاموا بحملات خطف واعتقال للأئمة والناشطين وكل من خالفهم الرأي.

إنّ هؤلاء هم الشر المطلق، هم أخطر من يهدد الإسلام وأهله في هذا الزمان، فلا يُعقل في زمن الحريات و”الديموقراطية” أنّ أي مخالف لك تلفّق له تهمة بأنه “إخواني” أو “خارجي” ثم بعدها تستبيح دمه هكذا بكل بساطة، إنه فعلا أمر خطير لم يسبق أن حدث مثله في تاريخ الإسلام، وفوق كل هذه المصائب التي تخلّفها هذه الفرقة، فإنّ المخابرات الغربية تسيّرهم وتستغلهم أحسن استغلال لتنفيذ برامجها ومخططاتها الاستراتيجية من تقسيم لدولنا وتفتيت لمناهضين لهم، وتنكيل بالمسلمين بدون أي اقتراب من الساحة أو ظهور علني، فأصبح هؤلاء المنافقون مطايا لكل من هبّ ودبّ لشقّ صف المسلمين وتشتيت جمعهم ومحاربتهم في عقر دارهم.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى