د. البشير عصام المراكشي يكتب: منهج الرد على الإلحاد
بقلم د. البشير عصام المراكشي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله.
سألني أحد الشيوخ الأفاضل عن منهج لفهم قضايا الإلحاد المعاصر، والتأهل للرد على دعاته. فدونتُ هذا المنهج المقترح على عجالة، راجيا الأجر من الله سبحانه.
وقبل تفصيل المنهج، لا بد من تنبيهات ثلاثة:
أولها: أن القراءة في الموضوع ينبغي أن تكون على قدر الحاجة. فمن لم يُبتل بمقارعة الإلحاد بشكل مباشر، لست أرى له أن يكثر النظر في شبهات القوم والرد عليها، بل تكفيه المعرفة الفطرية، وأصول الاستدلال العقلي على وجود الله، الموجودة في كتب العقيدة. ومَن ابتلي بشبهة مخصوصة، فلينظر في ما كُتب في الرد عليها خصوصا. ومن تصدر للرد على الملاحدة، فالمجال أمامه مفتوح للتوسع في هذه المباحث.
ولا يكون هذا التصدر إلا بعد التمكن العلمي، وهذا موضوع:
التنبيه الثاني: وهو أنه لا بد من التمكن في العلوم الشرعية عموما، وفي العقيدة خصوصا لمن يخوض هذا المجال. وما أكثر من أقبل على مناقشة الملاحدة بزاد قليل من العلم، فوقع في مزالق عقدية خطيرة، وهو يحسب أنه يحسن صنعا! كما أن مناقشة الملاحدة لا بد أن تتطرق إلى مناقشة الشبهات اللادينية؛ ولا سبيل إلى كشف هذه الشبهات إلا من طريق العلم الشرعي. وكثير من كتب الرد على الإلحاد تطفح بالمخالفات الشرعية، لأن مؤلفيها غير مسلمين، أو مسلمون لديهم انحرافات عقدية. فالمبحر فيها يحتاج إلى بوصلة العلم، ليصل إلى بر الأمان، دون أن يغرق في غطمطم الانحراف !
التنبيه الثالث: لا بد من الاعتصام بالله وصدق اللجأ إليه، وعدم الاعتداد بالعقل ولا التعويل على قدرته في التعامل مع الشبهات دون عون من القدير سبحانه. وما أكثر المنتكسين الذين سقطوا في مستنقع الحيرة أو الإلحاد الصريح، بسبب كثرة اعتدادهم بعقولهم، وخوضهم في محاراتها، دون اعتماد على الباري سبحانه.
المرحلة الأولى: التأسيس
* لفهم طبيعة الإلحاد المعاصر: قراءة “ميليشيا الإلحاد”، لعبد الله العجيري. وفي آخره لائحة طيبة للكتب المؤلفة في الرد على الإلحاد.
* للتشبع بالحصانة العقدية اللازمة: قراءة “الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد”، لسعود العريفي، و”المعرفة في الإسلام”، لعبدالله القرني. وفائدتهما ترسيخ الركائز العقلية والفلسفية التي تقوم عليها أصول العقائد في الإسلام، ومنها قضية الوجود الإلهي.
المرحلة الثانية: التقرير
* لتقرير أدلة وجود الله عموما: قراءة “شموع النهار”، لعبد الله العجيري.
* لتقرير الأدلة العلمية، قراءة الكتب الآتية:
◆ خرافة الإلحاد، لعمرو شريف. فيه مناقشات علمية طيبة مع الملاحدة، ولا بد من الحذر من مذهب المؤلف في تقرير “التطور الموجه”، وهو خطأ عقدي جلي. ويمكن إضافة كتاب “رحلة عقل” له أيضا، وفيه بيان رحلة “أنتوني فلو” من الإلحاد إلى الإيمان.
◆ الفيزياء ووجود الخالق – جعفر شيخ إدريس. فيه مباحث عامة في وصف الإلحاد المعاصر وبيان أدلة وجود الله مع مناقشة الاعتراضات عليها، مع التركيز على مجال الفيزياء خصوصا.
◆ العلم يدعو للإيمان، كريسي موريسون. وهذا العنوان من المترجِم، والعنوان الأصلي هو “الإنسان لا يقوم وحده”، وهو رد على كتاب جون هكسلي “الإنسان يقوم وحده”.
* لتقرير الأدلة العقلية الفلسفية المجردة، يقرأ كتاب: “الله موجود” للاهوتي الفرنسي فرديريك كييو، وترجمتُه إلى العربية في طور الطباعة. وهو محاولة لإحياء الاستدلال العقلي الفلسفي على وجود الله، ومقاومة التأثير الكانطي في هذه القضية.
المرحلة الثالثة: التوسع
المقصود من هذه المرحلة قراءة كتب مختلفة في محورَيْ: “تثبيت الدين، ومناقشة الملحدين”. وهذا فضاء واسع جدا، وهذه مقترحات يسيرة، قد تغني عما سواها.
* “النبأ العظيم” و”الدين”، كلاهما لعبد الله دراز.
* عقائد المفكرين في القرن العشرين، لعباس محمود العقاد. وقد أبان فيه عن سعة اطلاعه، وعمق أفكاره. ومن أهم فصوله: الفصل المتعلق بمسألة الشر.
* “الاقتراب من الله، بحث في أصل الكون وكيف بدأ”، لـبول ديفيز.
* ثلاث رسائل في الإلحاد والعلم والإيمان، لعبد الله الشهري.
* “كامل الصورة” و”سابغات”، كلاهما لأحمد السيد.
* الإلحاد، وثوقية التوهم وخواء العدم، حسام الدين حامد.
* التطور الموجه بين العلم والدين، هشام عزمي.
* الله يتجلى في عصر العلم، مجموعة من العلماء الأمريكيين.
* عقيدتنا في الخالق والنبوة والآخرة، لعبد الله نعمة.
* الدين في مواجهة العلم، لوحيد الدين خان.
والله الموفق.
(المصدر: هوية بريس)