المشروع الفرنسي ودول الساحل.. الجزائر داخل حلقة النار المغلقة!
بقلم رضا بودراع
تعتبر موريتانيا المرتكز الجيوستراتيجي لمشروع العودة الفرنسية (الذي يبدو في آخر مراحله) حيث تبدو موريتانيا على الخريطة الحاجز الخالي الضخم بين معظم دول الساحل الغربي الذي تمثل أفريقيا الفرنسية (AOF)، وبين دول الشمال الإفريقي الوعاء البشري والخزانات النفطية”..والمنجم الكبرى للعمادن الاستراتيجية
ونقصد بالمرتكز”المنصة الإستراتيجية التي تضمن قوة العودة الفرنسية وقانونيتها”!!
فموريتانيا الوحيدة من دول المغرب الإسلامي من توجد بينها وبين فرنسا اتفاقية الحماية العسكرية، وهي الدولة الوحيدة التي لها خلافات حدودية مع جميع جيرانها، تعتبر ساحة الصراع بين الجزائر والمغرب حول الصحراء الغربية (مراسلات بومدين الحسن الثاني من شهادة ولد الطايع)، وطلبت بصفة غير رسمية من فرنسا تفعيل اتفاقية الحماية الضغوطات الجزائرية والمغربية خشية تحولها لساحة حرب بين الجزائر والمغرب، واستغلت فرنسا ذلك في مشروع العودة الاستعمارية لتقنين انتشارها في الساحل والمضي في تقسيم مالي، ووضعت موريتانيا منطقة عازلة (بحجم بلجيكا مرة ونصف) بينها وبين بلد شقيق مالي، ودعت موريتانيا بإيعاز فرنسي تحت بنود اتفاقية الحماية بتجنيد دول إفريقيا الفرنسية القديمة AOF وباقي دول الساحل معتمدة على تشاد في الجهة الشرقية.
تولت فرنسا قيادة البعثة العسكرية في مالي MINUSMA بعدما أفشلت البعثة السابقة (الاوميسما) ووجدت جيشا كاملا وممولا لتستعمله في عملية بارخان على الازاواد شمال مالي بمشاركة القوى الفرنسية المرابطة في كل من موريتانيا تشاد وبوركينا فاسو.
تولت موريتانيا كما أسلفت الطلب الرسمي لتشكيل قوة عسكرية مشتركة للتصدي للجماعات الإسلامية المسلحة والقبائل الأمازيغية الطوارق الرافضين لمشروع القومنة (الدولة القومية).. شريطة أن يتم القضاء عليهم مباشرة ولا يستفزهم فقط فينقلبون عليها ويقررون قتالها.
فرنسا تجد المنصة القانونية في الطلب الموريتاني وتشكل من خمس دول الساحل جيش G5 لم تنخرط في الجزائر واكتفت بالدعم اللوجستي.. وتعلن للجميع نيتها التدخل العسكري في مالي وتطالب الجميع بالدعم المالي والعسكري، وترفع درجة التأهب القصوى في قواعدها العسكرية بتشاد بوركينا فاسو وجنوب موريتانيا.
أما موريتانيا فتعلن عجزها عن التمويل وتطلب مقابلا وضامنا مقابل التكفل بمراقبة المنطقة العازلة بينها وبين مالي.. وتبلغ الفرنسيين أنها ستغلق كامل حدودها في حالة بدء العملية الفرنسية تجاه مالي والجزائر يدعوها إلا يكون ذلك بطريقة ملفتة.. وتغلق الحدود مع الجزائر في صمت للخارجية الجزائرية (يبدو توافقا) مع تحفظ الجزائر.. وتحرك القضية الصحراوية شعورا بالخطر وانتهازا للفرصة قد تحول موريتانيا لساحة حرب مفتوحة بين الجزائر والمغرب.. وربما عودة حرب الرمال -لا قدر الله- لكنها في موريتانيا
مجلس الأمن يكلف فرنسا بمشروع العودة ويضمن لها الغطاء الدولي والتمويل اللازم.. أما الاتحاد الأوربي فقد فشل في قدرته التموضع كقطب في التوازنات الدولية الجديدة بين مشروع اوراسيا والتيليلوكراسيا (الأطلسي).. جعله يتوجه إلى إستراتيجية و يدعم بقوة مشروع العودة الفرنسي الاستعماري لتأمين احتياجات الطاقة خاصة الغاز الصخري والاستفادة من الثروات الأفريقية.
وتبين خريطة التوجه الأوروبي إلى الشمال الأفريقي انه سيتم عبر دول الساحل ثم يتم الإطباق على دول الشمال.
الوجود الأمريكي المتزايد في الساحل والشمال الأفريقي يعتبر الداعم الأكثر خطورة للمشروع الفرنسي ..(ولعل خلافات ماكرون مع وزير الدفاع من دلائل تقارب رؤية ترامب وماكرون)
آخر رصد للتموضع العسكري
تم تجنيد جميع الجيوش في الشمال (الجزائر تونس والمغرب) لتكون الداعم اللوجستي في العملية الفرنسية في مالي خاصة والساحل عموما.. وتم تشكيل الجيش الغازي والمكون من، 15000 مقاتل من دول الساحل الخمس.. و5000 جندي فرنسي منتشر في موريتانيا مالي تشاد وبوركينا فاسو، وتم تدعيمهم بـ4500 جندي فرنسي بعد زيارة ماكرون الأخيرة للمنطقة ليصبحوا 9500 جندي فرنسي.. وإنشاء غرفة عمليات مشتركة بين القوات الفرنسية والأمريكية من المركز الأمريكي في أفريقيا AFRICOM
ما هو الهدف النهائي الأول لمشروع العودة الفرنسية؟
هو استرجاع السيطرة والتحكم في المناطق الخالية من الصحراء والساحل.. وفق اتفاقيات الاستقلال المشروط لتلك الدول ومفاده انه عليها ضمان السيطرة والأمن على كامل التراب المُسلّم (الوطني).. وبما أنها عجزت أمام داعش والقاعدة و…، فليس هناك مناص من العودة الفرنسية لضبط حدودها انظر الخريطة ويرجى الاطلاع على شروط الاستقلال للجزائر 19 مارس 1962.
الهدف النهائي الثاني اقتطاع الصحراء من دول الشمال وضمها إلى الدولة الساحل (الفرنسية) الجديدة.
متى سيبدأ التحرك العسكري؟
سري لكن غلق موريتانيا للحدود مع الجزائر يمكن اعتباره العد التنازلي للعملية، وعدد الحشد العسكري يبين أن الهدف اكبر من مالي وأنا اجزم انه الجزائر.. كنا أن عدد الجنود الهائل المنتشر لا يتناسب مع 900 عنصر إسلامي مسلح 400 منهم في الجزائر و500 في مالي والساحل !!!؟؟
ملاحظة مهمة:
القضية الليبية تعتبر أكبر مهدد استراتيجي لمشروع العودة للاستخراب الفرنسي.
هذه ورقة على عجل فالملف كما تلاحظون معقد ومفخخ جدا ولا يجوز تناوله من باب السخرية بالشعب الموريتاني فتلك الحقيقة فيها رائحة عنصرية مقيتة.
البريكسيت البريطاني وقدوم ترامب وانشغال روسيا في سوريا سيدفع أصحاب القرار في الاتحاد الأوروبي للبحث عن التمويل للعمليات العسكرية القادمة دون التعويل على أمريكا ماليا.
الجزائر داخل حلقة النار المغلقة.
(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)