مقالاتمقالات مختارة

من يحاكم القاتل إيهود باراك؟

من يحاكم القاتل إيهود باراك؟

بقلم مصطفى أبو السعود

الاعتراف سيد الأدلة” هذه نظرية قانونية بامتياز يعمد لها رجال القضاء في إصدار حكم على المتهم وفقًا لقاعدة “من فمك أدينك”، لكن هل بقيت هذه النظرية تكفي للحكم على الإنسان بأنه هو من ارتكب الجريمة؟ وهل لا زال الاعتراف يتربع على عرش الأدلة؟

إن قاعدة “الاعتراف سيد الأدلة” لم تعد هي المعيار الأساسي للحكم على المتهم، نظراً لأنه قد يعترف نتيجة خضوعه لتعذيب شديد، خاصة إذا كان المتهم ضعيفا وبلا سندٍ يحميه، والشواهد على ذلك كثيرة، لكن لو كان الذي اعترف بما اقترف قوياً وجاء اعترافه من باب التفاخر وليس نتيجة الإكراه، فإن المسألة تأخذ أبعادًا أخرى تتربع على عرشها الغطرسة والعنجهية.

قرأنا مؤخراً اعتراف “إيهود باراك” لإذاعة صهيونية بأنه “عندما كنتُ وزيراً لجيش الاحتلال قتلت أكثر من 300 من أعضاء حماس في غضون 3 دقائق ونصف الدقيقة في هجوم نفذه سلاح الجو” في إشارة منه إلى العدوان الصهيوني الذي شنه في 27 ديسمبر 2008، استشهد 225 فلسطينيا بينهم نساء وأطفال وعناصر الشرطة، واعترف مفتخراً “بأنه شارك في عملية أخرى أسفرت عن مقتل شخص واحد فقط، لكنه كان بمثابة رئيس أركان حركة حماس في ذلك الوقت” في اشارة منه للشهيد أحمد الجعبري، متهماً نتنياهو بأنه “يستسلم لكل نزوات حماس وينهار تحت النار، وهو أمر غير معقول”.

ترى لماذا اعترف باراك؟

في حالة “باراك” لا يوجد مؤشر على أن اعترافه كان بسبب التعذيب أو بطريقة غير قانونية حتى أن حديثه لم يكن ضمن تحقيق أو استجواب، باراك اعترف وبلا أدنى خشية من العرب أو احتراما لهم، وافتخر بما فعله من قتل وتدمير في غزة إبان العدوان الصهيوني عام ٢٠٠٨ لأنه متأكد أنه لن يسأل داخلياً أو خارجياً، لأن على الصعيد الصهيوني الداخلي فإن معيار أفضلية أي شخصية صهيونية عن شخصية أخرى عند الجمهور الصهيوني هو مدى توغل هذه الشخصية في دماء الفلسطينيين باعتبارهم أغيارا إرهابيين وباعتبار أن “العربي الجيد هو العربي الميت”، أما خارجياً فليست ثمة دولة أو محكمة يمكنها ملاحقته هو أو أي أحد من بني وحشيته، لأنها تنظر لهم على أنهم يدافعون عن أنفسهم ضد الغلاة والمتطرفين الفلسطينيين، أو في أحسن الأحوال فإنها “لن تكون ملكية أكثر من الملك” كناية عن السلطة الفلسطينية التي لم تكن نشيطة بالقدر الذي يجعل المحاكم الدولية تستمر في عملها لملاحقة المجرمين، ولا ينسى أحد أنه بعد عدوان ٢٠٠٨ أن السلطة هي من سحبت تقرير “غولدستون” الذي أدان فيه الإجرام الصهيوني بحق غزة.

أظن أن تاريخ باراك حافل بالدم الفلسطيني، فهو الذي قتل خليل الوزير أحد أبرز قادة الثورة الفلسطينية، وهو الذي شارك في قتل المناضلة الفلسطينية دلال المغربي، لكن البعض يحاول طمس الحقائق من خلال النظر لباراك والترويج له، ولغيره على أنهم رجال يسعون للسلام على اعتبار أنه من حزب العمل.

ختاماً: علينا معرفة أنه إذا كانت الأمور والحقائق خلال الفترة الماضية قد تاهت، وأن دماء شهداء غزة، قد توزّعت بين أنياب قادة الاحتلال، فمن الأجدى الآن تقديم قادة الاحتلال للمحاكم الدولية، والمسألة لن تحتاج لكثير من التحقيقات، لأنه وحسب قاعدة (من فمك أدينك) فقد اعترف القاتل بفعلته، فما على المحاكم إلا أن تعلن الحكم ضد القاتل، وتسعى لتحقيق العدالة حسب ما تنص عليه القوانين الدولية، وأولى هذه الخطوات أن تكون لدى السلطة رغبة جادة في هذه المسألة.

(المصدر: موقع بصائر)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى