مكانة العقل في الإسلام (1) بناء العقل المنهجي
“العقل” في اللغة يدور معناه على الحبس والمنع والإمساك.
قال ابن فارس في”معجم مقاييس اللغة” 4/69:” (عقل): العين والقاف واللام أصل واحد منقاس مطرد، يدل عُظمُه على حُبسةٍ([1])في
الشيء أو ما يقارب الحبسة. ومن ذلك العقل، وهو الحابس عن ذميم القول والفعل.
وأما في الاصطلاح فقد ذكر الفلاسفة والمتكلمون تعريفات للعقل في بعضها حصر في المعاني وبعضها ليس بصواب.
والعلماء المحققون يقولون: العقل يقع بالاستعمال على أربعة معانٍ: الغريزة المدركة، والعلوم الضرورية، والعلوم النظرية، والعمل بمقتضى العلم.
الأول: الغريزة التي في الإنسان، فبها يعلم ويعقل، وهي فيه كقوة البصر في العين، والذوق في اللسان، فهي شرط في المعقولات والمعلومات، وهي مناط التكليف، وبها يمتاز الإنسان عن سائر الحيوان.
المعنى الثاني: العلوم الضرورية أو البديهيات العقلية وهي التي يتفق عليها جميع العقلاء كالعلم بأن الكل أكبر من الجزء إلى غيرها من البديهيات وهي علوم لا تحتاج إلى دليل لإقرارها وغير مكتسبة ولو لزم كونها تحتاج لبرهان لأفضى ذلك
الثالث: العلوم النظرية، وهي التي تحصل بالنظر والاستدلال، وتفاوت الناس وتفاضلهم فيها، أمر جليّ وواقع، وهي التي تدعو الإنسان إلى فعل ما ينفعه وترك ما يضره.
الرابع: الأعمال التي تكون بموجب العلم، وحقيقة العقل في النصوص والآثار هي توحيد الله والعمل بطاعته، والإمساك عن القبيح، وقصر النفس وحبسها على الحسن.
فلذلك تجد أن القرآن العظيم لم يمدح العقل لذاته، وإنما المدح والذم لعملية التعقل إن كانت حقا أو باطلا.
فوصف الكفار بأنهم لايعقلون، كما في قوله تعالى:{وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [البقرة: 171]، وفي قوله تعالى:{وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [المائدة: 58].
ويوم القيامة يعترف الكافرون بذنبهم أنهم لا يعقلون، كما قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ } [الملك: 10، 11].
وبناء على ما تقدم فالعقل ينمو وينضج، والنضج العقلي هو كالنضج النفسي، وكلما تنور العقل بالعلم والإيمان كلما كان أرفع وأرقى، فلذلك كان أكمل الناس عقولا هم الرسل والأنبياء ثم أتباعهم من الحواريين والصحابة.
قال ابن القيم في”الصواعق المرسلة” (4/ 1514):” إن أعقل الخلق على الإطلاق الرسل، وأتباعهم بعدهم أعقل الأمم، وأهل الكتاب والشرائع الكبار أعقلهم، وأعقل هؤلاء المسلمون، وأعقل المسلمين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان، وأهل السنة والحديث أعقل الأمة بعدهم على الإطلاق.
والبرهان القاطع على هذا أنه قد ظهر على أيدي الرسل من العلم النافع والعمل الصالح ومصالح الدنيا والآخرةما لم يظهر مثله ولا قريب منه ولا ماله البتة نسبة بوجه من الوجوه على أيدي غيرهم من العقلاء، ومن تدبر سيرتهم في أنفسهم وفي خاصتهم وفي العامة، وصبرهم وزهدهم في الدنيا ورغبتهم في الله وما عنده، واشتمالهم من الأخلاق على أزكاها، ومن الشيم على أرضاها، وأنهم أصدق الخلق وأبرهم قلوبا، وأزكاهم نفوسا، وأعظمهم أمانة، وأكرمهم عشرة، وأعفهم ضمائر، وأطهرهم سريرة، لم يشك أنهم أعقل خلق الله على الإطلاق، ولا ريب أن كل من كان إليهم أقرب كان حظه من العقل أوفر، والعلوم والأعمال والسيرة والدلائل على ذلك، وأما أعدائهم وخصومهم فقد ظهر من نقصان عقولهم ما كان الحيوان البهيم أحسن به حالا منهم” انتهى.
وقد اعتنى القرآن العظيم في بناء العقل المنهجي من خلال التأصيل والتفصيل، والصيانة والحماية، الحسية والمعنوية من خلال ما يلي:
1- الحثُّ على بناء العقل بالعلم وخاصة العلم الشرعي، فكما أن نمو الجسم بالطعام فإن نمو العقل بالعلم، وقد رفع الله أهل العلم فكانت شهادتهم مقترنة بشهادة الله عز وجل والملائكة المكرمين، قال تعالى:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18].
وقال تعالى:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11].
2- الحث على فحص المعلومات، فلا يقبل أي معلومة- وخاصة إذا كانت متعلقة بالدين- حتى تمر على طريق التصفية والتقنية، قال تعالى:{ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء: 36]، وقال أيضا:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات: 6].
3- الحث على النظر والتأمل والتدبر في الآيات الكونية والشرعية.
قال تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 190، 191]، وقال أيضا:{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]، وقال أيضا:{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد: 24].
كذلك حث العقل على السير في أعماق التاريخ للاعتبار،مع السير في الأرض ليعتبر بمخلوقاته، كما قال تعالى:{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }[الأنعام: 11]، وقال أيضا:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحج: 46]، وقال ايضا:{ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [العنكبوت: 20].
4- التحذير من الانتقائية في قبول الحق، فيقبل بعض الحق ويترك الآخر، وهذا لايكون إلا باتباع الهوى بالتقليد والتعصب، فالحق يقبل مطلقا، كما أن الباطل يرد مطلقا من غير قيد ولا شرط.
قال تعالى:{وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26]، وقال أيضا:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [البقرة: 85]، وقال أيضا:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } [النساء: 150، 151].
5- النهي عن التقليد والتعصب الأعمى للآباء والعوائد المخالفة للحق، فقد نعى الله على الكافرين المقدمين آباءهم وعوائدهم على الوحي.
قال تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ} [البقرة: 170]، وقال أيضا:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} [المائدة: 104]، ونعى على الكفار أنْ لم تكن لهم حجة إلا اتباع آبائهم: {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا} [يونس: 78].
6-وحذَّر القرآن الكريم من اتِّباع الظَّنِّ والأوْهام، فالظَّنُّ لا يُغني من الحق شيئا.
قال تعالى:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ } [الأنعام: 116]، وقال أيضا:{ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} [الأنعام: 148]، وقال أيضا:{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} [يونس: 36]، وقال أيضا:{أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [يونس: 66]، وقال أيضا:{ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى } [النجم: 23]، وقال أيضا:{وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا } [النجم: 28].
7- وحذر القرآن من الانقياد للأهواء التي تعمي وتصم، وتضلُّ الإنسان عن الحق وقبوله والعمل به وله؛ سواء كان الهوى نابعا من النفس أو كان من أهواء الآخرين.
قال تعالى:{يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}[ص: 26].
وقال أيضا:{وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 150].
وقال أيضا:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا } [الكهف: 28].
فمن لم يتبع الحق فهو متبع للهوى ولابد، كما قال تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: 50].
وقال تعالى:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } [الجاثية: 23].
8- وقد حرم الإسلام كل ماكان وسيلة تؤدي إلى إفساد العقل وتعطيله وتحويله عن مسار الحق والهدى؛ قال الله تعالى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } [المائدة:90- 91].
وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – : أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:” كل مُسكر خمر وكلُّ مسكر حرام ، ومن شرب الخمر في الدنيا ومات وهو يُدْمِنُها لم يَتُبْ منها ، لم يشرَبْها في الآخرة”.
كل هذا حفاظاً على العقل وعلى بقائه، وجعل الدية كاملة على من تسبب في إزالة العقل كاملا.
وخلاصة القول: إنَّ العقل المنهجي المرضي عند الله، هو الخاضع المستسلم لأمر الله سبحانه، المتنور بنور الوحي، على طريقة أكمل الناس عقولا، النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، ومن سار على طريقتهم من الأئمة الأعلام.
([1])(عظم الشيء): معظمه وأكثره، و(الحبسة): من الاحتباس وهو الثقل في الشيء والمنع