قال ابن حزم رحمه الله :
«ناظرتُ رجلاً من أصحابنا في مسألةٍ فعلوته فيها لِبُكُوْءٍ ( عيبٍ ) كان في لسانه، وانفصل المجلسُ على أني ظاهرٌ، فلما أتيت منزلي ؛ حَاكَ في نفسي منها شيء، فتطلبتها في بعض الكتب ؛ فوجدت برهانًا صحيحًا يُبيِّن بُطلان قولي وصحةَ قولِ خصمي، وكان معي أحدُ أصحابنا ممن شهد ذلك المجلس فعرّفته بذلك، ثم رآني قد علّمتُ على المكان من الكتاب، فقال لي: ما تريد ؟
فقلت: أريد حمل هذا الكتاب وعرضه على فلان، وإعلامه بأنه المُحِق وأني كنتُ المُبْطِل، وأني راجع إلى قوله، فهجم عليه من ذلك أمرٌ مبهِت، وقال لي: وتسمح نفسك بهذا ؟!
فقلتُ له: نعم، ولو أمكنني ذلك في وقتي هذا لما أخّرته إلى غد» .
ثم علق ابن حزم على قصته قائلاً :
«واعلمْ أن مثل هذا الفعل يُكسِبك أجمل الذِّكر، مع تحليك بالإنصاف الذي لا شيء يَعدِله، ولا يكن غرضك أن تُوهم نفسك أنك غالب، أو تُوهم من حضرك ممن يغتر بك ويثق بحُكمك أنك غالب، وأنت بالحقيقة مغلوب ! فتكون خسيسًا وضيعًا جدًا، وسخيفًا البتة، وساقط الهمة».
____________________________
[ رسائل ابن حزم : ٤ / ٣٣٧ ]