مقالاتمقالات مختارة

لماذا الآن أعلن البهائيون عن أنفسهم في الأردن؟

لماذا الآن أعلن البهائيون عن أنفسهم في الأردن؟

بقلم بشار طافش

قبل أسبوعين تقريبا سمَحت الحكومة للطائفة البهائية أو التيار السياسي البهائي إن صح التعبير في الأردن، بأن يقيمون مؤتمرهم الأول، في البداية وحسب رأيي المتواضع القابل للضحد فإن إطلاق مسمى التيار السياسي على هذه الجماعة هو المسمى الأنجع، لأنها ليست دين أو طائفة، لا يوجد دين تأسس فقط قبل أقل من مئة وخمسين سنة، بل هي تيار سياسي بامتياز، قاتَلَ أصحابه طويلا كي يصبح تيارهم هذا دين رسمي تعترف به الأمم المتحدة أخيرا، وهم الذين تم دعمهم ودعم فكرهم بداية منتصف القرن الفائت من أجل شرعنة الاحتلال اليهودي لفلسطين. أنا شخصيا أثمن هذه الخطوة التي تمثلت بموافقة الحكومة الأردنية على إقامة هذا المؤتمر، فنحن نشجع على الديموقراطية والمساواة وعدم إلغاء الآخر أو قمعه، وهذا هو ديدن دول المؤسسات.

لكن من جهة أخرى فإن هذا الشخص صانع القرار في البلد الذي وافق على إقامة التيار السياسي البهائي لمؤتمره الأول في الأردن هو ذات الشخص الذي منع بعض الشباب الأردني من اللقاء والتجمع لمناقشة قضية سياسية في كوفي شوب مثلا أثناء شربهم للشاي والأرجيلة وهذا المنع حدث بالفعل، وهو نفس الشخص الذي منع إقامة حفل خطابي عن القدس المحتلة، أمر غريب حقيقة أليس كذلك أعزائي؟ من الذي يدير البلد على رأي الإعلامي حسام غرايبة، وكيف يديرها بهذه الشكل البعيد كل البعد عن المؤسساتية التي اتفقنا عليها للتو؟ في الحقيقة فإن أمثال هؤلاء لا يُديرون البلد بل هم يُديِّرونَهُ حسب مصالح جهات لا نعلمها، الله فقط يعلمها، وأمثال هؤلاء يتم وضعهم في هذه الأمكنة الحساسة من صنع القرار ليتخذوا قرارات من هذا النوع بناء على أمزجتهم وقناعاتهم التي تتفق أبدا مع من وضعهم وليس بناءً على المؤسساتية والقانون والتوجه العام للبلد والشعب كما يحدث في البلدان المتقدمة ذات الحكومات التي تديرها المؤسساتية.

لكن ما المشكلة في أن وافقت الحكومة أو هذا الشخص الذي يُديِّر البلد على إقامة مؤتمر تيار البهائيين؟ للإجابة على هذا التساؤل يجب أن نعرّج قليلا على تاريخ هذه الجماعة، في البداية البهائيين يُخفون أنفسهم ولا يعلنون أنهم بهائيون وهذا أمر خطير للغاية، فهم يتواجدون بيننا ونتعامل معهم ولا نعرف أنهم بهائيين، هم يقولون عن أنفسهم بأنهم مسلمين وموحدين، وربما يكون أحدهم إمام لأحد المساجد ولا نعرف لا نحن ولا وزارة الأوقاف بحقيقته، قد يحدث ذلك لا نعلم في الحقيقة، وقد حدث في السابق وكان الإمام ينتمي إلى إحدى الطوائف الغريبة التي لا تمت للإسلام بشئ.

لا يهمنا كثيرا ما هو هذا الدين الذي اخترعه من اخترعه وأولئك الذين يتبعونه بقدر ما يهمنا ما كان مِن وراء استثمار هذا الإختراع، هناك سؤال كبير يدور حول البهائين اليوم، لماذا يُخفون توجههم عن الناس ويذوبون في المجتمع دون أن نعلم حقيقتهم، والآن ومع كل هذا للغط الذي دار ويدور حول ما سمي بصفقة القرن والتطبيع والعلنية الوقحة في التطبيع مع الكيان الصهيوني من أنظمة عربية كنا نظن أنها محافظة، والدعوة العلنية لقبول الكيان الغاصب المحتل، ظهر فجأة هؤلاء البهائيين للعلن وصاروا يعقدون المؤتمرات؟ هل من بهائي يجيبنا على هذا التساؤل؟

كيف سنجد بهائي يجيبونا عن هذا التساؤل ومركزهم وقبلتهم التي يتوجهون لها في صلواتهم صنعت لهم هناك في عكا بفلسطين المحتلة رغم أن، بهاء الله، مؤسس هذه الحركة والذي يعتبرونه رسول الله بعد سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم هو أصلا من إيران، حيث نُفي منها إلى العراق ومن ثم إلى تركيا ليستقر أخيرا بعكا بفلسطين المحتلة حيث توفي سنة 1892؟ الآن تعتبر مدينة عكا قبلة صلاتهم التي يؤدونها بشكل فردي دون جماعات، ومدينة حيفا المقر العالمي للبهائية وفيها المركز العالمي للدين أو للحركة البهائية، لا يوجد دور عبادة للبهائيين في الأردن ولا في أي مكان آخر من العالم عدا هذا المقام بحيفا المحتلة، الأمر غريب أليس كذلك؟ هم يتواجدون الآن في 182 بلد حول العالم إلا أنهم شاؤوا للتو الإعلان عن أفسهم في الأردن رغم أن 99 بالمئة من الأردنيين لا يعلمون أن هناك بهائيين يعيشون بين ظهرانيهم، ولهم مدارسهم الخاصة أحدها في منطقة طبربور شمال عمان، ومقرا لهم في أحد ضواحي عمان الشرقية، أمر مريب أيضا أليس كذلك أعزائي؟ وهذا التخفي هو لسان حال تواجدهم في باقي بلداننا العرببة كمصر والكويت والمغرب والعراق واليمن وفلسطين وغيرها.

الذي يهمنا أن منتسبي البهائية في الأردن يبلغ عددهم حسب خبراء وكتاب صحفيين ألف شخص، كلهم من أصول إيرانية، وإن اعتبرنا جدلا بأن البهائية دين، فهو غير معترف به رسميا في الأردن، لا يهم، أنا أدعوا إلى الإعتراف به كدين، لكن ما يجعلنا نشعر بالريبة تجاه البهائيين وحركتهم ليس ذاك اللغط الذي يدور حول معتقدهم الغريب والوليد ومحاولتهم ترويجه كدين من الأديان، بصراحة ليس هذا ما يُشعرنا بالريبة، بل الذي يُشعرنا بالريبة هو وجود نجمة داوود كرمز لهم من بين الرموز الكثيرة الذي يضُمها شعارهم.

أنا لا أدعوا لإلغاء اليهود أو اليهودية عدا أولئك الذين يحتلون فلسطين، لكن ألا تتفقون معي بأنه لا يجب أن نتعاطف مع أي يهودي حول العالم وما زال اليهود يحتلون أرضا، ويشردون شعبها، ويقتلون أبنائها وأطفالها ونسائها وشيوخها، ويسرقون مقدراتها، غازها ونفطها ومياهها وسمائها وبحرها ونهرها، ويعيثون فسادا وتدميرا بمزارع أهلها، ويقلعون أشجار زيتونها، ويهدمون منازل أصحابها، وفوق ذلك كله يزرعون الفتن في أوطاننا من نجدٍ إلى يمنٍ إلى مصرَ فتطوانِ؟

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى