كيف تقود الحكومات المستبدة مواطنيها للثورات؟
بقلم صهيب الزبيدي
إن ما يواجه الشعوب من ظلم وقهر وسلب للحقوق يؤدي بالنتيجة إلى ثورات وعنف غضبي ليس بالضرورة أن يكون له أهداف سياسية ولكن قد ينجم عنه نظام وشكل مختلف للدولة كما في الثورة الفرنسية وغيرها من الثورات التي كانت فيها مشاركة شعبية كبيرة نتج عنها تكوين نظام وشكل سياسي جديد.
من الصعوبة تحديد البداية التاريخية للثورات بشكل عام إلا أن علماء الاجتماع أشاروا أن الحركات الاجتماعية بلغت أوجها في القرن التاسع عشر وخصوصا بعد الحرب العالمية الثانية حيث بدأت الحركات الاجتماعية بالتزايد وخاصة الحركات الطلابية عام 1960 وبعدها النسائية والبيئية والعمالية. وكذلك كثير من الثورات منها الثورة الفلاحية وتمردات سكان ضواحي المدن في العصر الصناعي حيث تعبر عن غضب شعبي سببته السياسات المتبعة سواء كانت على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الحقوقي.
تقسم الحركات الاجتماعية إلى نوعين، النوع الأول فهي الحركات السلمية مثل حركة السود بقيادة لوثر كينك في أمريكا وكذلك غاندي وحركته المشهورة التي تسببت بإخراج المحتل البريطاني من الهند. أما النوع الثاني، فهي الحركات الغير سلمية وهذه الثورات غالبا ما تبدأ سلمية وينتهي بها الأمر إلى صراع مسلح مثل الثورة الليبية والصراع مع المستبد القذافي وكذلك الثورة السورية والصراع مع المستبد بشار وغيرها الكثير.
سياسة إثارة الشائعات وتكوينها في المجتمع من خلال وسائل الإعلام وغيرها يعتبر من أهم السياسات الناجحة لكثير من الدول |
إن الحكومات المستبدة في عصرنا تستعمل كافة الطرق والوسائل للحفاظ على ديمومتها أكبر فترة ممكنة من خلال وسائل كثيرة منها، الهرب من المواجهة والتظاهر بأن شيء لم يكن، حيث نجد أن كثير من القنوات الرسمية تتجاهل وتبث اشياء ليس لها علاقة بالواقع مثل ما فعلت إحدى القنوات ببث وثائقي عن تزاوج البطاريق خلال إحدى الثورات.
إن أغلب الحكومات والسلطات المستبدة تقوم بمواجهة الثورات والحركات الشعبية بعنف وردات فعل قوية. فمن هذه الدول من يتبع اسلوب فض التظاهرات والاعتصامات ومنها من يقوم بسياسة القتل والتدمير ورمي المعارضين في السجون والتعامل مع المتظاهرين على أنهم ثلة إرهابية يجب قتلها وإبادتها كما حدث في سوريا فيتحول الصراع من سلمي إلى مسلح وها نحن نشهد سنون طوال على الثورة السورية. وكذلك مثل ما حدث في مجزرة الحويجة في العراق ومجزرة رابعة في مصر وهناك مجازر أخرى كثيرة على ذلك لا يسعنا ذكرها هنا.
سياسة إثارة الشائعات وتكوينها في المجتمع من خلال وسائل الإعلام وغيرها يعتبر من أهم السياسات الناجحة لكثير من الدول. حيث نشاهد كثير من العبارات التي تردد مرارا وتكرارا منها (إرهابيين، تكفييريين، عملاء للأمريكان، تابعين للماسونية) لتسقيط رموز هذه الثورة وإبعاد اتباعهم ومن يؤمن بهم وتشتيتهم بشكل كلي أو جزئي.
الظلم الواقع على الشعوب وتهميشهم وسلب أبسط حقوقهم يؤدي بالنتيجة إلى غضب شعبي كبير لا يجب الاستهانة به من قبل الحكام والدول المستبدة
غطاء الدين (أفيون الشعوب) يعتبر من أهم المخلصات والوسائل بالنسبة للدول المستبدة للبقاء على سدت من خلال استعمال الدين وتسيسه في صالح الفئة الحاكمة كما يحدث في إيران لقمع الثورات والسيطرة على الشعب الإيراني. كما تستعمل دول أخرى شيوخ الدين المستأجرين وجعلهم يفتون بأن الخروج على ولي الأمر كفر على سبيل المثال حتى وإن كان هذا الحاكم ظالما مبخسا لا يؤدي ما عليه من حقوق تجاه الشعب المسكين.
إن الظلم الواقع على الشعوب وتهميشهم وسلب أبسط حقوقهم يؤدي بالنتيجة إلى غضب شعبي كبير لا يجب الاستهانة به من قبل الحكام والدول المستبدة. قد تكون هذه الدول قوية تسيطر على كافة جوانب الحياة وتتحكم بها إلا إن إرادة الشعوب كانت وما زالت هي المغير والأمل القادم للتحرر من كل القيود التي فرضت للتوجه إلى بناء جيل جديد وأمة جديدة قادرة على بناء نهضة جديدة سواء على الصعيد الاجتماعي أو على الصعيد الشخصي.
(المصدر: مدونات الجزيرة)