التكوير على التحرير والتنوير (18)
الشيخ محمد خير رمضان يوسف
(خاص بمنتدى العلماء)
الجزء الثامن عشر
سورة المؤمنون
6- {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}.
المرادُ بذلك الإماء. (فتح القدير وغيره).
21- {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً}.
قال: تقدَّمَ أنها الإبل، في غالبِ عرفِ العرب. اهـ. وذكرَ عند تفسيرِ الآيةِ (142) من سورةِ الأنعام، أنها الإبلُ والبقرُ والشاءُ والمعز.
22- {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ}.
السفن. (ابن عطية).
27- {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُون}.
ذكرَ أن نظيرَهُ تقدَّمَ في سورةِ هود:
{بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}: (الآية 37) قالَ ما مختصره: الأعينُ استعارةٌ للمراقبةِ والملاحظة، والمرادُ الكنايةُ بالمعنى المجازيِّ عن لازمه، وهو الحفظُ من الخللِ والخطأ في الصنع. والمرادُ بالوحي هنا الوحيُ الذي به وصفُ كيفيةِ صنعِ الفُلك (السفينة).
{فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ}: (الآية 40) قالَ هناك مختصرًا: (الأمرُ) هنا يحتملُ أمرَ التكوينِ بالطوفان، ويحتملُ الشَّأن، وهو حادثُ الغرق، وإضافتهُ إلى اسمِ الجلالةِ لتهويلهِ بأنه فوق ما يعرفون. ومَجيءُ الأمرِ حصوله. والفورانُ غليانُ القِدر، ويطلقُ على نبعِ الماءِ بشدَّة، تشبيهاً بفورانِ ماءٍ في القِدْرِ إذا غلي. والتنورُ هو الموقدُ الذي ينضجُ فيه الخبز، فكثرتِ الأقوالُ في تفسيرِ التنور، بلغت نسبةُ أقوالٍ منها ما لا ينبغي قبوله… والذي يظهر لي أن قوله {وَفَارَ التَّنُّورُ} مثَلٌ لبلوغِ الشيءِ إلى أقصَى ما يتحمَّلُ مثله، كما يقال: بلغَ السيلُ الزُّبَى، وامتلأَ الصاع، وفاضتِ الكأس. والتنورُ محفلُ الوادي، أي: ضفَّته، فيكونُ مثلَ طَما الوادي، من قبيلِ بلغَ السيلُ الزُّبَى. والمعنى بأن نفاذَ أمرنا فيهم وبلغوا من طولِ مدةِ الكفرِ مبلغاً لا يغتفرُ لهم بعدُ. {وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ}: أهلُ الرجلُ قرابتهُ وأهلُ بيته. وزوجهُ أولُ من يبادَرُ من اللفظ. و{مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} أي: من مضَى قولُ الله عليه، أي: وعيده. فالتعريفُ في {الْقَوْلُ} للعهد، يعني: إلّا من كان من أهلِكَ كافراً.
{وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ} (تابع للآيةِ 37 من سورةِ هود)، قالَ باختصار: دلَّ النهيُ في قوله: {وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ} على أن كفارَ قومهِ سينزلُ بهم عقابٌ عظيم. ولعلَّ هذا توطئةٌ لنهيهِ عن مخاطبتهِ في شأنِ ابنهِ الكافرِ قبلَ أن يخطرَ ببالِ نوحٍ عليه السلامُ سؤالُ نجاته، حتى يكونَ الردُّ عليه حين السؤالِ ألطَف. وجملةُ {إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ} إخبارٌ بما سيقع، وبيانٌ لسببِ الأمرِ بصنعِ الفُلك.
29- {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ}.
{مُبَارَكًا}: البركةُ في السفينة: النجاة، وفي النزولِ بعد الخروج: كثرةُ النسلِ من أولادهِ الثلاثة. (البغوي).
32- {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ}.
أشارَ إلى نظيرها في الآيةِ (23) من السورة: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُون}. ومما قالَهُ هناك: المعنى: اعبدوا الله الذي تركتم عبادته، وهو إلهكم دونَ غيره، فلا يستحقُّ غيرهُ العبادة، فلا تعبدوا أصنامكم معه… وفرِّعَ على الأمرِ بإفرادهِ بالعبادة، استفهامُ إنكارٍ على عدمِ اتِّقائهم عذابَ الله تعالى.
33- {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا}.
قالَ في نظيرها، في الآيةِ (24) من السورة، وهي عن قومِ نوح: وصفُ الملأِ بأنهم الذين كفروا، للإيماءِ إلى أن كفرَهم هو الذي أنطقهم بهذا الردِّ على نوح، وهو تعريضٌ بأن مثلَ ذلك الردِّ لا نهوضَ له، ولكنهم روَّجوا به كفرَهم خشيةً على زوالِ سيادتهم. وقوله {مِنْ قَوْمِهِ} صفةٌ ثانية.
34- {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ}.
يقولُ تعالى ذكرهُ مُخبرًا عن قيلِ الملأ من قومِ صالحٍ لقومهم: {وَلَئِنْ أطَعْمتُـمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ} فاتَّبعتُموهُ وقبلتُم ما يقولُ وصدَّقتموه، إنَّكم أيها القومُ إذًا لمغبونونَ حظوظَكم مِن الشرفِ والرفعةِ فـي الدنـيا بـاتِّبـاعكم إيّاه. (الطبري).
44- {فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ}.
قالَ في الآيةِ (41) من السورة: فُرِّعَ على حكايةِ تكذيبهم دعاءٌ عليهم وعلى أمثالهم دعاءَ شتمٍ وتحقير، بأن يَبْعَدوا تحقيراً لهم وكراهية، وليس مستعملاً في حقيقةِ الدعاء؛ لأن هؤلاء قد بعدوا بالهلاك. وانتصب (بُعداً) على المفعوليةِ المطلقةِ بدلاً من فعله..
وقالَ الشيخ إسماعيل حقي: في أكثرِ التفاسير: بعدوا بعدًا، أي: هلكوا. (روح البيان).
50- {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً}.
أي: حجَّةً قاطعةً على قدرتهِ على ما يشاء، فإنهُ خلقَ آدمَ مِن غيرِ أبٍ ولا أمّ، وخلقَ حوّاءَ مِن ذكرٍ بلا أُنثَى، وخلقَ عيسَى مِن أُنثَى بلا ذكر، وخلقَ بقيَّةَ الناسِ مِن ذكرٍ وأُنثَى. (ابن كثير).
56- {نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ}.
ذكرَ أنه جمعُ خير، وأشارَ إلى تقدُّمهِ في سورةِ التوبة {لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الآية 88)، وانتهى إلى أن المقصودَ منافعُ الدنيا والآخرة. وفي الآيةِ (90) من سورةِ الأنبياء {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا}، قالَ هناك: الخيرُ ضدُّ الشرّ، فهو ما فيه نفع. اهـ.
وقالَ البيضاوي في تفسيره: … فيما فيه خيرُهم وإكرامُهم.
57- {إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُون}.
أي: من خوفِ عذابهِ حذرون. والخشيةُ خوفٌ يشوبهُ تعظيم.. (روح البيان).
59- {وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ}.
أي: لا يعبدونَ معهُ غيره، بل يوحِّدونَهُ ويعلمونَ أنه لا إلهَ إلا اللهُ أحدًا صمدًا، لم يتَّخذْ صاحبةً ولا ولدًا، وأنه لا نظيرَ له ولا كُفءَ له. (ابن كثير).
61- {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}
هؤلاء الذين هذه الصفاتُ صفاتُهم, يبادرون في الأعمالِ الصالحة، ويطلبون الزلفةَ عند اللهِ بطاعته. (الطبري).
63- {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا}.
أي: في غفلةٍ وضلالة. (ابن كثير).
65- {لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ}.
قالَ في معنى الجؤارِ عند تفسيرِ الآيةِ السابقة: يصرخون، ومصدرهُ الجأر. والاسم: الجُؤَار، بضمِّ الجيم، وهو كنايةٌ عن شدَّةِ ألمِ العذاب، بحيثُ لا يستطيعون صبراً عليه، فيصدرُ منهم صراخُ التأوُّهِ والويلِ والثبور.
72- {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}.
فأجرُ ربِّكَ على نفاذِكَ لأمرهِ وابتغاءِ مرضاته، خيرٌ لك من ذلك، ولم يسألهم صلى الله عليه وسلم على ما أتاهم به من عند الله أجراً… واللهُ خيرُ مَن أعطَى عوضًا علـى عملٍ ورزقَ رزقًا. (الطبري، باختصار).
84- {قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون}.
المرادُ بمن في الأرضِ الخلقُ جميعاً، وعبَّرَ عنهم بـ(مَن) تغليباً للعقلاء. (فتح القدير، وغيره).
86- {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}
قُلْ لهم أيضًا: مَن هو خالقُ السَّماواتِ السَّبع، وما فيها مِن النُّجومِ والكواكب، ومِن الملائكةِ الخاضعين لأمرِه؟ ومَن هو ربُّ العرشِ العظيم، المرتفعِ على السَّماواتِ كلِّها؟ (الواضح).
100- {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}.
… أقولُ لا إله إلا الله، وأعملُ بطاعته، فيدخلُ فيه الأعمالُ البدنيةُ والمالية. (الخازن).
102- {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
أي: الذين فازوا، فنجَوا من النار، وأُدخلوا الجنة. (ابن كثير).
105- {أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}.
{فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذّبُونَ} وتزعمون أنها ليستْ من الله تعالى؟ (النسفي).
109- {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}.
لقد كانَ جماعةٌ مِن عباديَ المؤمنين يوحِّدونَني، ويدعونَني لأَغفِرَ لهم، وأرحمَهم، واللهُ خيرُ مَن رَحِمَ وعفا. (الواضح).
111- {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ}.
أي: جزيتُهم بصبرهم الفوزَ بالجنة. (الخازن).
112- {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِين}.
أي: كم كانت إقامتُكم في الدنيا؟ (ابن كثير). يقال: لبثَ بالمكان: أقامَ به ملازمًا له. (روح البيان). {فِي ٱلأَرْضِ} أي: في الدنيا وفي القبور. (البغوي).
116- {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}.
لا معبودَ تنبغي له العبودةُ إلا اللهُ الـمَلِك الحقّ. (الطبري).
117- {إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُون}.
لا نجاة. (ابن كثير). لا يسعد. (البغوي).
118- {وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}
… خيرُ مَن رَحِمَ ذا ذَنب، فقبلَ توبتَهُ، ولـم يعاقبْهُ علـى ذنبه. (الطبري).
سورة النور
4- {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
وأولئكَ هم الذين خالفوا أمرَ اللهِ وخرجوا مِن طاعتهِ ففسقوا عنها. (الطبري).
12- {وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِين}.
كذب. (ابن كثير، فتح القدير).
18- {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
والله عليمٌ بكم وبأفعالكم، لا يخفَى عليه شيء، وهو مجازٍ المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته، حكيمٌ في تدبيرِ خَلقه، وتكليفهِ ما كلَّفهم من الأعمال، وفرضَهُ ما فرضَ عليهم من الأفعال. (الطبري).
19- {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ}.
{الَّذِينَ آَمَنُوا}: المرادُ بالذين آمنوا جميعُ المؤمنين. (الخازن)، فحبُّهم شياعَ الفاحشةِ في المؤمنين متمكنٌ على وجهه؛ لعداوتهم في أهلِ الإيمان. (ابن عطية)، {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي ٱلدُّنْيَا} بإقامةِ الحدِّ عليهم، {وَٱلآخِرَةِ} بعذابِ النار (فتح القدير).
21- {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا}.
… ما طهَّرَ أحدٌ منكم نفسَهُ من دنسِها ما دامَ حيًّا. (فتح القدير).
23- {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ}.
من قولهِ في نظيرها في الآيةِ الرابعةِ من السورة: الرميُ حقيقتهُ قذفُ شيءٍ من اليد. وشاعَ استعمالهُ في نسبةِ فعلٍ أو وصفٍ إلى شخص. والمحصناتُ هنَّ المتزوجاتُ من الحرائر. والمحصَنُ اسمُ مفعولٍ من أحصنَ الشيءَ إذا منعَهُ من الإضاعةِ واستيلاءِ الغيرِ عليه، فالزوجُ يحصنُ امرأته، أي: يمنعُها من الإهمالِ واعتداءِ الرجال. ولا يطلقُ وصفُ (المحصَنات) إلا على الحرائرِ المتزوجات، دون الإماء؛ لعدمِ صيانتهنَّ في عرفِ الناسِ قبل الإسلام.
26- {أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ}.
منزَّهون. (البغوي).
30- {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ}.
قالَ في نظيرها، في الآيةِ (28) من السورة: أفضلُ وخيرٌ لكم…
وقالَ الإمامُ الطبري هنا: أطهرُ لهم عند الله وأفضل.
31- {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}.
قالَ عند تفسيرِ الآيةِ السابقة: مادةُ الغضِّ تفيدُ معنى الخفضِ والنقص. والأمرُ بحفظِ الفروجِ عقبَ الأمرِ بالغضِّ من الأبصارِ لأن النظرَ رائدُ الزنى، فلما كان ذريعةً له قصدَ المتذرِّعُ إليه بالحفظِ تنبيهاً على المبالغةِ في غضِّ الأبصارِ في محاسنِ النساء. فالمرادُ بحفظِ الفروجِ حفظها من أن تباشرَ غيرَ ما أباحَهُ الدين.
33- {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}.
العفَّةُ عن الحرامِ والزنا. (البغوي). والعفَّة: حصولُ حالةٍ للنفسِ تمتنعُ بها عن غلبةِ الشهوة. والمتعفَّف: المتعاطي لذلك بضربٍ من الممارسةِ والقهر. والاستعفاف: طلبُ العفَّة. والمعنى: ليجتهدْ في العفَّةِ وقمعِ الشهوة. (روح البيان).
35- {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ}.
أي: قبلَ أن تصيبَهُ النار. (البغوي).
37- {رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ}.
{عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ}: عن حضورِ المساجدِ لإِقامةِ الصلاة، {وَإِقَامِ} أي: لإقامةِ {ٱلصَّلَاةِ}، حذفَ الهاءَ وأرادَ أداءها في وقتها؛ لأن من أخَّرَ الصلاةَ عن وقتها لا يكونُ من مقيمي الصلاة، وأعادَ ذكرَ إقامةِ الصلاةِ مع أن المرادَ من ذكرِ الله الصلواتِ الخمسَ؛ لأنه أرادَ بإقامةِ الصلاةِ حفظَ المواقيت. {وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـوٰةِ} المفروضة، قالَ ابنُ عباس رضيَ الله عنه: إذا حضرَ وقتُ أداءِ الزكاةِ لم يحبسوها. وقيل: هي الأعمالُ الصالحة. (البغوي، باختصار).
وقالَ ابنُ كثير: أي يقدِّمون طاعتَهُ ومرادَهُ ومحبتَهُ على مرادهم ومحبتِهم، قالَ هشيم: عن سيّار قال: حُدِّثتُ عن ابنِ مسعود، أنه رأى قوماً من أهلِ السوقِ حيثُ نوديَ للصلاةِ المكتوبة، تركوا بياعاتهم ونهضوا إلى الصلاة، فقالَ عبد الله بنُ مسعود: هؤلاء من الذين ذكرَ الله في كتابه: {رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـٰرَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ}.
40- {يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}.
{سَحَابٌ}: ذكرَ أن السحابَ تقدَّمَ في سورةِ الرعد (الآية 12). وفيه حديثٌ عن تكوينه. والسحابُ هو الغيم.
{إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} أي: لم يقاربْ رؤيتها من شدَّةِ الظلام، فهذا مثلُ قلبِ الكافرِ الجاهلِ البسيطِ المقلِّدِ الذي لا يعرفُ حالَ من يقوده، ولا يدري أين يذهب، بل كما يقالُ في المثلِ للجاهلِ أين تذهب؟ قال: معهم، قيل: فإلى أين يذهبون؟ قال: لا أدري! (ابن كثير).
41- {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ}.
كلُّ مصلٍّ ومسبِّحٍ علمَ الله صلاتَهُ وتسبيحه. وقيل: معناه: كلُّ مصلٍّ ومسبِّحٍ منهم قد علمَ صلاةَ نفسهِ وتسبيحَهُ. (البغوي).
42- {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}.
وإليه المصيرُ لا إلى غيره، والمصير: الرجوعُ بعد الموت. (فتح القدير)… وتذكيرهُ بأمرِ المصيرِ إليه والحشرِ يقوِّي أمرَ التخويفِ من الله تعالى. (ابن عطية).
43- {فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ}.
{وَيَصْرِفُهُ عَمَّنْ يَشَآءُ} فلا يضرُّه. (البغوي).
44- {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ}.
… ممَّن له فهمٌ وعقل. (الطبري).
45- {يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
يُحدِثُ اللهُ ما يشاءُ مِن الخَلق، إنَّ اللهَ على إحداثِ ذلكَ وخَلقهِ وخَلقِ ما يشاءُ مِن الأشياءِ غيره, ذو قدرة، لا يتعذَّرُ علـيه شيءٌ أراد. (الطبري).
51- {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
أي: الفائزون بكلِّ مطلوب، والناجون مِن كلِّ محذور. (روح المعاني).
53- {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لاَّ تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون}.
{أَيْمَانِهِمْ}: اليمين: الحلف. (البغوي). واليمينُ في الحلفِ مستعارٌ من اليد، اعتبارًا بما يفعلهُ المعاهدُ والمحالفُ وغيره. (المفردات للراغب).
{إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون} أي: هو خبيرٌ بكم وبمن يُطيعُ ممَّن يعصي، فالحلفُ وإظهارُ الطاعةِ – والباطنُ بخلافهِ – وإنْ راجَ على المخلوق، فالخالقُ تعالَى يعلمُ السرَّ وأخفَى، لا يروَّجُ عليه شيءٌ مِن التدليس، بل هو خبيرٌ بضمائرِ عباده، وإنْ أظهروا خلافَها. (ابن كثير).
54- {فَإِنْ تَوَلَّوْا}.
يعني: أعرَضوا عن طاعةِ الله ورسوله. (الخازن).
56- {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ}.
{وَأَقِيمُوا} أيها الناسُ {الصَّلَاةَ} بحدودها فلا تضيِّعوها، {وَآتُوا الزَّكَاةَ} التي فرضها الله علـيكم أهلَها. (الطبري).
57- {وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ}
{وَمَأْوَاهُمُ} في الدارِ الآخرةِ النَّار، وبئسَ المآلُ مآلُ الكافرين، وبئسَ القرار، وبئسَ المهاد. (ابن كثير، باختصار).
58- {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ}.
الجُناح: الإثم (مفردات الراغب).
59- {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
ذكرَ أن القولَ فيه كالقولِ في نظيرهِ المتقدِّمِ آنفًا (الآيةِ السابقة)، وقد قالَ هناك ما ملخصه: أي: مثلُ ذلك البيانِ الذي طرقَ أسماعَكم يبيِّنُ الله لكم الآيات، فبيانهُ بالغٌ الغايةَ في الكمال، حتى لو أُريدَ تشبيههُ لما شُبِّهَ إلا بنفسه. والمرادُ بالآياتِ القرآن، فإن ما يقعُ فيه إجمالٌ منها يبيَّنُ بآياتٍ أخرى. {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} المعنى: يبيِّنُ الله لكم الآياتِ بياناً كاملاً، وهو عليم، حكيم، فبيانهُ بالغٌ غايةَ الكمالِ لا محالة.
61- {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون}.
{جُنَاحٌ}: الجُناح: الإثم (مفردات الراغب).
{لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون} أي: لكي تفقهوا ما في تضاعيفها من الشرائعِ والأحكامِ والآداب، وتعملون بموجبها، وتفوزون بذلك بسعادةِ الدارين. (روح البيان).
62- {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}.
إنَّ اللهَ غفورٌ لذنوبِ عبـادهِ التائبـين، رحيـمٌ بهم أنْ يعاقبَهم علـيها بعد توبتِهم منها. (الطبري).
64- {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
{قَدْ يَعْلَمُ}: ذكرَ عند تفسيرِ الآيةِ السابقة، أن “دخولَ (قد) على المضارعِ يأتي للتكثيرِ كثيراً؛ لأن (قد) فيه بمنزلةِ (رُبَّ) تستعملُ في التكثير..”.اهـ.
{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}: واللهُ ذو علمٍ بكلٍّ شيءٍ عملتموهُ أنتم وهم وغيركم، وغيرِ ذلكَ مِن الأمور, لا يخفَى عليه شيء, بل هو محيطٌ بذلكَ كله, وهو مُوفٍ كلَّ عاملٍ منكم أجرَ عملهِ يومَ تُرجَعونَ إلـيه. (الطبري).
سورة الفرقان
7- {فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا}.
داعيًا. (البغوي). معينًا له في الإنذار، معلومًا صدقهُ بتصديقه. (روح البيان). يكونُ له شاهداً على صدقِ ما يدَّعيه. (ابن كثير).
8- {أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا}.
بستان. (البغوي).
10- {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}.
{تَبَارَكَ}: تقدَّس.
{جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}: بساتينَ تجري في أصولِ أشجارِها الأنهار (الطبري).
15- {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ}.
… أم بستانُ الخُـلد الذي يدومُ نعيمهُ ولا يَبيد، الذي وعدَ مَن اتَّقاهُ في الدنيا بطاعتهِ فيما أمرَهُ ونهاه؟ (الطبري).
20- {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ}.
ابتلاءٌ ومحنة… (روح البيان).