عائشة خيرت الشاطر
بقلم أ. محمد إلهامي
تتابع الأخبار أن حالتها الصحية حرجة، وأن وضعها الصحي يقترب من الموت!! ذلك أنها تحتاج لعملية زرع نخاع شوكي، وهو أمر لا يمكن أن يتم في مستشفى السجن، وربما أيضا لا يتم في مصر كلها..
السجان يعرف ذلك، لا مجال هنا للحديث عن التمارض واصطناع الألم.. هذا أمر تكشفه التحليلات والبيانات!
لكن ما الذي يمنع الإفراج عن عائشة الشاطر؟!
إلى الآن لا تُعرف التهمة التي سُجِنت لأجلها أكثر من عام حتى الآن!
بعضهم يقول سُجِنَت لأنها ابنة الشاطر، فالطاغية لم يهدأ صدره ولم يسكت غيظه بسجن أبيها وأخيها وزوجها وتخريب بيوتهم ومصادرة أموالهم.. فسجنها!
وبعضهم يقول: كانت جزءا من مجموعة تقوم على كفالة أسر الشهداء والمعتقلين! والذي يردد هذه التهمة أطراف قريبة من السلطة..
إذن، فلو أخذنا برواية المقرب إلى السلطة هذا، فإنها لم تفعل إلا الخير، الخير كما نعرفه من القرآن والسنة وتاريخ المسلمين، بل الخير كما نعرفه من أخلاق الناس ذوي الفطرة السليمة في أي مكان ومهما كان دينهم، بل الخير كما لا يعترض عليه القانون الوضعي المجرم الذي كتبه أوساخ البشر في الدولة المصرية الوسخة!.. فالقانون لا يمنع مساعدة من فقد عائله بالمال والرعاية..
لا بأس.. لا بأس..
سنتصور أن الشيطان كتب قانونا جَرَّم به عمل الخير، وقرر أن القانون هو أن نقتل “الإرهابي” أو نحسبه ثم يكون من عقوبته ترك زوجته وأبنائه حتى يموتوا من الجوع!
لنتصور أن هذا هو القانون الشيطاني الجديد الذي تنفذه دولة أعداء الله وأعداء البشر: الدولة المصرية الوسخة القذرة التي يحكمها عدو الله السيسي وأعداء الله جنوده وعناصر جيشه وأجهزة أمنه وإعلامه وقضائه (دعواتكم أن يلعنهم الله جميعا وأن يشفي صدور المؤمنين بعذابهم في الدنيا والآخرة).
إذا تصورنا هذا.. فهاهي قد أخذوها، وعذبوها وأفردوها في الحبس، واشتد عليها المرض، وصارت عبرة لمن يعتبر.. وسينظر الجميع إلى عائشة خيرت الشاطر ليتذكر مصيرها فلا تجرؤ نفسه أن تحدثه أن ينفق على زوجة وابن الشهيد أو الأسير حتى يراهم يموتون جوعا خشية على نفسه.. ها قد صارت عبرة.. فلماذا إذن لا يفرج عنها؟!
إن للقانون نفسه مداخل كثيرة، ليس أولها العفو الصحي الطبيعي الذي يفرج به عن المسجون، ولا آخرها الإعلان عن رحمة الرئيس السيسي وإنسانيته ورقة قلبه، أو حتى رقة قلب زوجته السيدة الأولى نصيرة المرأة والطفل و.. إلخ!.
فلماذا إذن لا يفرج عنها؟!
ما الذي سيستفيده السيسي (عدو الله حقا) لو أن عائشة الشاطر ماتت في محبسها، فأضيف إلى سجل جرائمة جريمة جديدة لابنة قيادي معروف، مأخوذة في غير تهمة؟!.. ألا يعطي على الأقل مادة لكلاب إعلامه ليتاجروا فيها بإفراجه عنها!
رأى رجل يوما نبينا صلى الله عليه وسلم يقبل أحفاده فتعجب وقال: إن لي عشرة من الأبناء لم أقبل منهم واحدا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “من لا يرحم لا يُرحم”، وفي رواية: “وماذا أفعل لرجل نزع الله الرحمة من قلبه”
كان عدم تقبيل الولد من علامات نزع الرحمة من القلب، وكان صاحبها ممن يدخل في وعيد الله ألا تناله الرحمة.. فكيف بهذه البشاعة التي نراها الآن؟!
ولسنا نذكر هنا حديث “دخلت امرأة النار في هرة حبستها”.. بل ولسنا نذكر قول العلماء أن صاحب القطة لو أنها مرضت عنده في داره لوجب عليه الإنفاق عليها حتى تبرأ أو تموت ولا يجوز له أن يخرجها من داره.. هذه مقامات عالية جاء بها الإسلام!
إنما نذكر قول الله تعالى (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك، فهي كالحجارة أو أشد قسوة، وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء، وإن منها لما يهبط من خشية الله، وما الله بغافل عما تعملون)
قسوة الحجارة.. وقسوة البشر.. فيهما قال الله تعالى (نارا وقودها الناس والحجارة، عليها ملائكة غلاظ شداد، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون).
وما عائشة إلا واحدة من ملايين المسلمين، سطر في موسوعة المذبوحين الكبرى، في عالم المظالم الضخم، لا يحصيهم إلا الله.. ويوم القيامة يسترد كل مظلوم مظلمته، ويشف الله صدور قوم مؤمنين..
(المصدر: صجيفة الأمة الالكترونية)