مقالاتمقالات مختارة

المؤسسة المسجدية وأدوارها

المؤسسة المسجدية وأدوارها

بقلم د. حسن خليفة

مازلتُ أعتقد أن أحد أهم المناشط الدعوية الإصلاحية، إنما هو ذلك المتصل بالعمل والنشاط المسجدي؛ حيث يمثل المسجد (أو المؤسسة المسجدية) ذلك القطب الكبير في مجال النشاط الدعوي الإصلاحي ذي الأذرع المتعددة: الدينية والاجتماعية والإنسانية والعاطفية، فضلا عن كونه أحد أهمّ الوسائل في نشر الخير والحق، وتعزيز الأخلاق والفضائل والتزكية والتربية.

وحيث إن الجمعية تجتهد ـ ضمن محاور العمل والنشاط لديها ـ في هذا الحقل أي العمل المسجدي، وتتعاون مع كثير من الإخوة الأئمة والمديريات الوصية (مديريات الشؤون الدينية والأوقاف)..كما أن الكثير من أعضائها وكوادرها يدرّسون في المساجد في كثير من الولايات والبلديات، لذلك يسعدني طرح بعض الأفكار ذات العلاقة بالعمل المسجدي، على أمل أن يكون الاجتهاد أكبر وأعمق، والتفكير أقوى وأوسع في تهيئة البيئة المسجدية لعدد أكبر من الأنشطة والبرامج والعمل، تحقيقا للآثار المطلوبة في عمل المسجد، وهي جزء من النتائج الممكن تحصيلها إذا تمّ الاهتمام بالمسجد على النحو الذي يُسهم في تطوير الخطاب المسجدي خاصة، والديني عامة وهو أمر عظيم وجليل.

ومن الطبيعي هنا التأكيد على أن  النشاط المسجدي لا ينبغي أن يقتصر على الدروس والمحاضرات ولكن يمكن التطلع إلى نشاط متنوع ومتكامل، ومن هنا يمكن اقتراح بعض أوجه هذا النشاط في هذه الورقة على أن نجتهد في الجمعية في لجنة الدعوة والإرشاد والإفتاء، مع كثير من المهتمين وما أكثرهم، بمن فيهم الجهات الرسمية، في تطويرها وتحسينها، ليكون كلّ ذلك في شكل برنامج سنوي أو سداسي على الأقل يغطي شهورا كاملة بإيقاع برامجي منتظم، يسمح بإعطاء فكرة عن”حركية المسجد” كما يعمل على استقطاب كل من يمكن أن يفيد وينفع، كما يعطي فكرة عن ضرورة العمل من الجميع دون استثناء؛ خدمة لديننا وترسيخا لفضيلة التعاون على البر والتقوى، ومن الأفكار الأولية ما يلي:

العمل على تنشيط المسجد كمؤسسة متكاملة، وذلك باقتراح عدد من الأنشطة البصرية في صيغ مختلفة، تعزيز دور المسجد في المحيط المحلي (الجواري) وغير الجواري، وأما الأنشطة المقترحة فمنها:

 المعارض:  والمقصود معرض دائم متواصل إن أمكن متنوّع في الموضوعات في ردهات المسجد، كل معرض يتناول موضوعا حيويا مهما مثل: المخدرات، التدخين، الأمراض الفتاكة، الآفات الاجتماعية، علم المواريث، أخطاء المصلين، إلى جانب الموضوعات المناسباتية (رمضان ـ العيدين ـ المناسبات الوطنية ـ الخ) وفي أحيان أخرى: التعريف بالقرآن والسنة سير الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام…وهذه تحتاج إلى إشراك من يعنيه الأمر من رواد ورائدات المسجد شباب، أساتذة، وسواهم والعكوف على تحضير كل معرض على حدة بالصور، الملصقات، التعريفات، النصوص الخ..

2ـ مسابقات مختلفة عن القرآن والسنة النبوية والتاريخ الإسلامي، التاريخ الوطني في أشكال مختلفة: مكتوبة، أو الكترونية باستخدام الوسائط الإعلامية كطرح أسئلة يجاب عنها في آجال محدودة؛ خاصة في المناسبات الدينية والوطنية.

مسابقات أخرى في شكل بحوث وعروض مختصرة في قضايا تُدرس والهدف منها محو الأمية الدينية.

3ـ دروس متنوعة باستخدام شرائح  “الباوربوانت” وما أكثرها في أمور مختلفة؛ خاصة منها ما يتصل بتجديد التفكير، الاستقامة، الخشوع في الصلاة الخ، إدارة الوقت، التأهيل الأسري، اغتنام الفرص.

وتجب هنا الاستفادة الكاملة من المعطيات العلمية الرائعة الموجودة في الشابكة ـ الانترنيت ـ كما يمكن إعداد بعض الأمور إعدادا محليا خالصا (أي كل مسجد يقوم بأعمال خاصة به عن طريق الشباب الموجود في المسجد أو محيطه)..الشرط الوحيد هنا هو توفر “جهاز الإسقاط” ـ الداتاشو ـ وهناك بعض المساجد اشترت الجهاز وصارت تعمل به أسبوعيا. يمكن الاهتمام بهذا الأمر عن طريق الاستعارة، أو الطلب من بعض المحسنين شراء واحد وهو بسعر مقدور عليه.

4ـ مجلة حائطية متخصصة وفاعلة تكون دورية كل شهر أو نصف شهر مثلا، على أن تكون جذابة ومفيدة وسهلة القراءة وغير مكثفة المادة، وكم كانت المجلات مؤثرة ومفيدة في سنوات سابقة.

 5  – أسبوع القراءة بشعار “زدني علما بديني”(مثلا)  يُطلب فيه قراءة بعض المؤلفات الدينية والإسلامية والاجتماعية وتلخيصها ، وربما يمكن عرضها في شكل نشاط شهري مناسب، المهم هنا هو وضوح الهدف، وهو العمل على دفع الشباب إلى القراءة وتعلم مهارات القراءة والتلخيص والاستفادة من الكتب.

  6  – أسبوع الدعوة والإيمان (أو الأسابيع العلمية) في شكل ندوات من الخميس إلى الأحد ـ كل ثلاثة أشهر مثلا. واختيار الموضوعات المناسبة والأساتذة والدعاة المناسبين من المدينة نفسها (حيث يوجد المسجد) أو استقدام أساتذة ودعاة من ولايات مجاورة للتنويع وتقديم الوجوه الجديدة.

7ـ استحداث صيغ تعاون مع المساجد والمؤسسات الدينية والاجتماعية المختلفة للقيام بنشاط نوعي في أكثر من حي أو في حي واحد تتآزر فيه كل الإرادات والكفاءات على أن ينتقل النشاط إلى مكان ـ حي ـ آخر بعد مدة وهكذا يتم التنويع وتوزيع الخير (والعلم أعظم خير) على كل الأحياء والمساجد.

8ـ اعتماد صيغ تذكير إبداعية كالتذكير قبل صلاة المغرب أو العشاء من كل يوم بحديث من الأحاديث النبوية الشريفة وغير المعروفة لدى الجمهور العريض، أو الإشارة إلى آية وشرحها في دقيقة أو دقيقتين على الأكثر، بشعار”غذاء الأرواح” أو أي شعار آخر، ومن ذلك ما يتعلق بتصويب بعض أخطاء المصلين أو التنبيه إلى أمور مهمة.

9– الاهتمام  بالأولاد ـ الأبناء والبنات ـ والتفكير في إمكان تقديم المساعدة لهم في شكل دروس دعم أو دورات وورشات بالنسبة للمقبلين على الامتحانات الخارجية، باكالوريا ورابعة متوسط . سيثير ذلك اهتمام وحماسة الأولياء وسيكون المسجد نقطة إشعاع مركزية مؤثرة.

10 ـ  الاهتمام بكل ما يحيط بالمسجد والعمل على ضبط وتيرة تفاعل إيجابي مع أهل الحي ومع رواد المسجد بدفعهم إلى الانخراط الإيجابي بين وقت وآخر في مسألة ما: نظافة، تكافل، تزاور، تبرع بالدم، تدوير اللباس، الدواء…التذكير بأهمية أن يكون الإنسان مسؤولا وفاعلا وفتح مجال الخير له ودفعه برفق وحب إلى البذل والعطاء؛ لأن ذلك من أمارات الإيمان.

11ـ تعاون المسجد مع هيئات وإدارات أخرى تقدم بدورها ماله علاقة بالنفع العام.

نسأل الله أن يبصّرنا ويسدد خطانا.

(المصدر: صحيفة البصائر الالكترونية)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى