تقارير وإضاءات

الإسلام والمسلمون في جمهورية “ترينيداد وتوباجو”

الإسلام والمسلمين في جمهورية ترينيداد وتوباجو، باعتبارها إحدى دول البحر الكاريبي.

جمهورية ” ترينيداد وتوباجو” هي دولة تقع في جنوب “البحر الكاريبي”، أمام الساحل الشمالي الشرقي لجمهورية فنزويلا وأمام مصب نهر أورينكو – أهم أنهار فنزويلا-، على بعد 11 كم من ساحل “فنزويلا”. وتبعد جزيرة “توباجو” عن جزيرة “ترينداد” حوالي 32 كم نحو الشمال. وتعتبر “ترينيداد وتوباجو” أرخبيلاً مكوناً من جزيرتين رئيسيتين هما ” ترينيداد” – أكبر جزر “ترينيداد وتوباجو” – و”توباجو”، بالإضافة إلى 21 جزيرة صغيرة أخرى، وعاصمتها “بورت أوف سبين” Port of Spain وتعني “الميناء الإسباني” وقد تم اكتشافها من خلال رحلة “كريستوفر كولومبوس”، وأعلنت استقلالها عام 1962. وتبلغ مساحتها 5128 كم، ويعيش في هذه الدولة حوالي 1.3 مليون شخص، ويعتنق الغالبية العظمى من السكان المسيحية و18%من الهندوس.

يشكل المسلمون 8٪ من السكان وهم في الغالب من أصول هندية شرقية، حيث يزيد عدد المسلمين على 100 ألف مسلم، والأغلبية تعيش في “ترينيداد”، كما يلعب المسلمون دوراً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً مهماً في هذه الدولة، حيث تجدر الإشارة إلى أن العديد من الشركات مملوكة للمسلمين. وتشكّل “ترينيداد” مجتمعاً يجري فيه الاعتراف بالتقاليد الدينية والثقافية واحترامها. وقد أوجد هذا النوع من الممارسة مجتمعاً منفتحاً يجري فيه الترحيب بالمسلمين للتشارك في عاداتهم، ولهذا تحتفل الحكومة رسمياً بالأعياد الإسلامية، فضلاً عن اعتبار يوم عيد الفطر عُطلة رسمية. ويحتفل المسلمون بشهر رمضان مثل أي بلد عربي كما تحترم باقي الطوائف الدينية احتفال المسلمين بهذا الشهر الكريم، وفي رمضان تكون صلاة التهجد والقيام بمكبرات الصوت الخارجية. وتلعب المرأة المسلمة دوراً مهماً في الدعوة الإسلامية وفي تدريس القرآن الكريم والعلوم الشرعية.

وللتأكيد على تعايش المسلمين هناك ودورهم المجتمعي، يشارك المسلمون مع المسيحيين والهندوس في حملات لتوجيه الانتباه إلى المشاكل المتزايدة المتعلقة بإدمان الكحول والمخدرات والجريمة العنيفة.

الإسلام في ترينيداد وتوباجو

وصل أوائل المسلمين إلى البلاد من بين العبيد الذين جلبهم المستعمرون من أفريقيا وتعد تلك كمرحلة أولى، وكانت المرحلة الثانية هي الأهم؛ وأتت عن طريق العمال الهنود والباكستانيين للعمل في الزراعة سنة 1844، واستمرت الهجرة حتى عام 1912، وكان بين هؤلاء العمال كان هناك العديد من المسلمين الذين تمسكوا بالإسلام، ولا سيما العناصر ذات الأصل العربي من سوريا ولبنان.

وكان المسلمون خلال المرحلة الثانية يعملون في الحقول ويمارسون معتقداتهم في أماكن العمل وفي بيوتهم، حتى تم بناء مسجد في قرية ” كالكوتا ” Calcutta عام 1863، وكان الشيخ الراحل “دوكي ميه” Dookie Meah أول إمام للمسجد. وفي عام 1868 أَعفى الحاكم آنذاك في وثيقة مكتوبة بخط اليد، المسجد الأول من دفع الرسوم والضرائب، حتى يومنا هذا، وإمام المسجد الحالي هو الشيخ وجيد على لانجتون Wajid Ali Langton.

ويوجد في ترينداد وتوباجو حوالي 115 مسجداً، و14 منظمة إسلامية، وبعض المدارس الإسلامية، وتستهدف تلك المؤسسات نشر المفاهيم الصحيحة للإسلام والدعوة لجذب أتباع الديانات الأخرى للدخول في الإسلام، وتخليص العقيدة الإسلامية من المغالطات الفكرية الدخيلة التي تتبناها الجماعات المتطرفة.

أما فيما يتعلق بحالة التعليم في هذه الدولة فنستطيع الحكم بتميزها، حيث تهتم الجالية المسلمة بالتعليم الإسلامي والثقافة الإسلامية، وتأهيل المدرسين المسلمين المحليين في اللغة العربية واللغات المحلية، وتوفير المصاحف والكتب الإسلامية، وما إلى ذلك من الأنشطة التي تحفظ عليهم دينهم. وهناك في “ترينيداد” مدارس إسلامية ابتدائية وثانوية، حيث تأسست كلية ASJA للبنين وهي أول مدرسة ثانوية إسلامية في البلاد، عام 1960.

ويمكن أن نخلص إلى أن جمهورية “ترينداد وتوباجو” تُعد أرضاً خصبة لبث المفاهيم الصحيحة للدين الإسلامي، على الرغم من وجود بعض التحديات ومنها اختلاف المذاهب، وعدم التعاون بين بعض الجمعيات. ويرى المرصد (مرصد  الأزهر) أنه يمكن أن يكون هناك دور لمساعدة المسلمين في هذه الدولة وتنمية قدرات أبنائها من المسلمين مثل تقديم منح دراسية لمختلف التخصصات الشرعية للمسلمين هناك، بالإضافة إلى إقامة دورات متخصصة للعاملين بالمجال الدعوي، والتعليم الإسلامي والثقافة الإسلامية وتنظيم زيارات دورية للعلماء.

* (نقلاً عن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف باللغات الأجنبية)

(المصدر: الملتقى الفقهي)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى