مقالاتمقالات مختارة

الخطاب الديني في مرض السكري

الخطاب الديني في مرض السكري

بقلم أ. د. مسعود صبري

يمثل الخطاب الديني واحدا من أهم الخطابات في المجتمع على كافة الأصعدة والمجالات، وذلك لمكانة الدين في نفوس الناس وتأثرهم به، على أنه مع كل الجهود المبذولة من المؤسسات الدينية الرسمية والشعبية في مجال تطوير الخطاب الديني، إلا أن الخطاب الديني المعاصر ما زال قاصرا عن مجريات الأحداث وتقديم رؤية معاصرة للقضايا التي تعيشها المجتمعات البشرية، ونضرب على ذلك مثلا بالخطاب الديني فيما يتعلق بمرض السكري الذي يعد من أكثر الأمراض انتشارات في العالم.

وعلى الصعيد العالمي فإن يوم 14 تشرين الثاني ( نوفمبر) هو اليوم العالمي لمرضى السكري، وقد جعلته الأمم المتحدة من الأيام العالمية لخطورة مرض السكري، وانتشاره وازدياد نسبته في العالم،

وبهدف اليوم العالمي للسكري إلى تسليط الضوء على أهمية احترام قواعد التغذية الصحية من قبل المرضى، ويوضح أن العلاج بالأدوية وحدها غير كافٍ للحفاظ على توازن نسبة السكر في الدم. بدأ الاحتفال باليوم العالمي لمرض السكري عام 1991، وهو التاريخ الذي حدده كل من الاتحاد الدولي للسكري ومنظمة الصحة العالمية لإحياء عيد ميلاد فريديريك بانتين الذي أسهم مع شارلز بيست في اكتشاف الإنسولين عام 1922.م.

إحصائيات:

وحسب موقع منظمة الصحة العالمية فإن عدد المصابين بمرض السكري تجاوز 422 مليون نسمة حول العالم، وتشير إحصائيات الاتحاد الدولي للسكري أنه بحلول عام 2035م، فإنه من المقدر أن يصل العدد إلى 592 مليون شخص.

وحسب منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 80% من وفيات السكري تحدث في البلدان منخفضة الدخل، وأنه بحلول عام 2030 سيصبح السكري سابع أسباب الوفاة الرئيسة في العالم.

تعريف مرض السكري:

تعرف منظمة الصحة العالمية السكري بأنه: مرض مزمن يحدث عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج مادة الأنسولين بكمية كافية، أو عندما يعجز الجسم عن استخدام تلك المادة بشكل فعال.

معالم الخطاب الديني في مرض السكري:

انحصر الخطاب الديني في مرض السكري – غالبا- في بيان حكم الصيام لمرضى السكري، ومن أشهر الاجتهادات الفقهية في هذا، قرار رقم (183) الصادر عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي، المنعقد في دورته التاسعة عشرة في إمارة الشارقة (دولة الإمارات العربية المتحدة) من 1 إلى 5 جمادى الأولى 1430هـ، الموافق 26-30 نيسان (إبريل) 2009م، والذي عرف مرض السكري وأنواعه المتعددة، وتصنيف مرضى السكري للفئة الأولى والثانية، وبعض الفئات الأخرى من المرضى ذوي الاحتمالات المتوسطة والاحتمالات الضعيفة، ثم بين القرار حكم الفئتين الأولى والثانية أنه على الطبيب أن يستنفد الإجراءات الطبية المناسبة التي تمكن المريض من الصوم دون تعرضه للضرر، وإلا أجاز لهما الفطر مع الضرر، ولم يجز للفئة الثالثة والرابعة الفطر ، وجاء في نص القرار:

حكم الفئتين الأولى والثانية:

حالات هاتين الفئتين مبنية على التأكد من حصول الضرر البالغ أو غلبة الظن بحصوله بحسب ما يقدره الطبيب الثقة المختص، فيتعين شرعا على المريض الذي تنطبق عليه إحدى الحالات الواردة فيهما أن يفطر ولا يجوز له الصيام، درءًا للضرر عن نفسه، لقوله تعالى: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة : 195]، وقوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء: 29]، كما يتعين على الطبيب المعالج أن يبين لهم خطورة الصيام عليهم، والاحتمالات الكبيرة لإصابتهم بمضاعفات قد تكون –في غالب الظن – خطيرة على صحتهم أو حياتهم.

تطبق أحكام الفطر في رمضان لعذر المرض على أصحاب الفئتين الأولى والثانية عملاً بقوله تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) [البقرة : 184].

ومن صام مع تضرره بالصيام فإنه يأثم مع صحة صومه.

وانتهى ببعض التوصيات على من الإحاطة ببعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالموضوع، وإرشاد الدعاة والفقهاء للمرضى إلى الأحكام الفقهية، وتوسيع طرق التثقيف، وإصدار نشرات وكتب تتعلق بالحكم الشرعي لصيام مرضى السكري، ونداء وزارات الصحة بتفعيل البرامج الصحية.

وعلى الرغم من أهمية الفتوى وتلك التوصيات، إلا أنها قاصرة في قضية واحدة وفي جانب واحد، ألا وهو بيان الحكم الشرعي المتعلق بالصيام دون غيره حتى من المسائل الأخرى التي تتعلق بالفقه ذاته.

فالخطاب الديني أوسع من بيان الحكم الشرعي، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

مقترحات لتطوير الخطاب الديني فيما يتعلق بمرض السكري:

  • قيام وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أو المؤسسات الدعوية الرسمية وغير الرسمية بتناول مرض السكري في خطبة جمعة، أو دروس وعظية.
  • قيام الندوات التثقيفية الدينية فيما يتعلق بمرض السكري.
  • طباعة كتب ومنشورات دينية حول مرض السكري.
  • تناول الحديث عن النظام الغذائي وهدي الإسلام في تناول الطعام والشراب بشكل عام، وتناوله بشكل خاص فيما يتعلق بمرض السكري.
  • بيان أهمية الكشف الطبي لمريض السكري وتوجيه الإسلام في هذا.
  • بيان العناية من الوقاية من مرض السكري من خلال هدي الإسلام فيما يتعلق بحفظ بدن الإنسان من أسباب مرض السكري.
  • بيان العناية بممارسة الرياضة في الإسلام، وأثرها في الوقاية والعلاج في مرض السكري.
  • نشر ثقافة السعرات الحرارية وأثرها على الصحة.
  • الإرشاد الديني والصحي حول الأطعمة الضارة خاصة الجاهزة من بعض المطاعم ونحوها، لا لذات المطاعم، ولكن لذات الأطعمة.
  • بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العادات الصحية التي تساهم في حفظ بدن الإنسان، حيث إن الإسلام جاء بنظام صحي متكامل، يحفظ على الإنسان بدنه وعقله.
  • تفعيل الخطاب الديني لدفع الناس إلى الالتزام بالتوجيهات الصحية…
  • التأكيد على مقصد حفظ النفس وبيان مفهومه وأهميته ووسائله..

(المصدر: مجلة المجتمع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى