بقلم أ. عبد العزيز الفضلي
كثير من حقوق الناس تضيع بسبب أن الخصم صاحب نفوذ أو سلطان، أو بسبب قدرة المجرم على إخفاء الجريمة وآثارها، أو لتلاعب المعتدي في الأدلة، أو قد يكون بسبب عدم توافر محاكمة عادلة تأخذ للمظلوم أو الضحية حقه.
لكن على كل من تسوّل له نفسه ظلم الناس أو أكل حقوقهم أو تضييعها، أن يُدرك بما لا مجال للشك فيه، أن المظلوم سيأخذ حقه، إن عاجلا أو آجلا، وإن لم يأخذه في دهاليز المحاكم الدنيوية، فحتما سيسترجعه في الآخرة عند المحكمة الإلهية.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «لتُؤدّن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقاد للشاة الجلحاء – التي لا قرن لها – من الشاة القرناء»!
فإذا كانت الحقوق تُأخذ من البهائم يوم القيامة، فأخذها من بني آدم أولى.
والمشكلة أن وفاء الحقوق يوم القيامة لن يكون بالدينار والدرهم، وإنما بأخذ الحسنات من الظالم والمعتدي، وهو في ذلك الموقف أحوج ما يكون إلى الحسنة الواحدة.
وقد أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه عن الرجل، يأتي يوم القيامة بحسنات كثيرة، لكنها تُؤْخَذ منه وتعطى لمن أكل مالهم أو شتمهم أو سفك دمهم أو ضربهم، فإن انتهت حسناته، أُخِذ من سيئات المظلومين فطُرِحت عليه ثم طُرِح في النار، وسمّى هذا الصنف «بالمُفلس».
والواجب على كل عاقل أن يعجّل بإرجاع الحقوق إلى أصحابها قبل مغادرة هذه الدنيا والذي يكون عادة بغير سابق إنذار.
يُروى أن الرشيد سجن أبا العتاهية بغير ذنب، فكتب أبو العتاهية على جدار السجن:
أما والله إن الظلم شؤم وما زال المسيء هو الظلوم
إلى دَيّان يوم الدِّين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في الحساب إذا التقينا غدا عند المليك من الظّلوم
فبلغ ذلك الرشيد فبكى وأمر بإطلاق سراحه، وأرسل له بألف دينار، وطلب منه أن يُحلّله.
فحذار أن تتسبب في ظلم إنسان أو أكل حق من حقوقه، أو تكون طرفا في إلحاق الضرر به، أو تتسبب في تجويعه أو موته.
رأى النبي عليه الصلاة والسلام امرأة تُعذّب في النار، وقطّة تخدشها، فسأل عنها، فقيل: هذه امرأة حبست الهرّة حتى ماتت جوعاً، لا هي أطعمتها ولا أرسلتها تأكل من خشاش الأرض.
فيا لعظمة العدل الإلهي يؤخذ حق حيوان بهيم من إنسان ظلوم غاشم.
فكيف بمن يحاصرون شعوبا، فيمنعون عنهم الدواء والطعام؟
وكيف بمن يسجنون الأبرياء، حتى يموتوا مرضاً أو جوعاً؟
«ولا تحسبنّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون».
(المصدر: مجلة الراي الالكترونية)