بقلم د. زياد الشامي
كثيرة هي مظاهر العنصرية والتمييز ضد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية التي ازدادت حدتها وتضخمت وتنمرت بعد دخول ترامب ما يسمى “البيت الأبيض” , ومن تلك المظاهر التي برزت مؤخرا طرد المسلمين من رحلات الطائرات الأمريكية داخل مدن الولايات وخارجها بدوافع عنصرية واضحة .
آخر مشاهد تلك العنصرية المقيتة نقلته الكثير من وسائل الإعلام التي أكدت قيام الشرطة الأمريكية بطرد امرأة مسلمة حامل من على متن طائرة بعد أن اشتكت من وجود كلبين بالرحلة بسبب معاناتها من الحساسية إزاء الحيوانات , فما كان من الشرطة الامريكية إلا أن أبقت الكلبين في الرحلة وطردت المرأة الحامل المسلمة !!!
ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي تداولوا أمس الأحد مقطعا مصورا يظهر لحظة طرد السيدة المسلمة والتي تدعي “أنيتا دولتزاي” من على متن الطائرة التابعة لشركة “ساوث ويست” الأمريكية التي كانت متجهة من مدينة بالتيمور إلى مدينة لوس أنجلوس بتاريخ الــ26 من سبتمبر أيلول الماضي .
تفاصيل ما حدث نقلته صحيفة «واشنطن بوست» التي ذكرت أن المرأة المسلمة التي تدرس في كلية الفنون بمعهد “ماريلاند” لم تزد على بث شكواها لمضيفي الطائرة من أنها تعاني من حساسية من الحيوانات بعدما لاحظت وجود كلبين , فما كان من موظفي الطائرة إلا ن طلبوا من الراكبة “دولتزاي” أن تنزل هي من الطائرة !!
شريط الفيديو الذي التقطه أحد الركاب أظهر رجال الشرطة وهم يسحلون ويجرون السيدة بعنف من داخل الطائرة لإنزالها منها بالقوة بعد أن رفضت الانصياع لطلب موظفي الطائرة بالنزول طوعا ليتبين فيما بعد أنها حامل أيضا .
محامي المرأة “أرغون إس سيثي” التي قدمت شكوى رسمية لدى الشرطة أكد لوسائل الإعلام كذب ادعاءات شركة الطيران التي أدلى بها المتحدث باسمها “كريس ماينز” والتي زعم فيها رفض المرأة المسلمة تقديم شهادة طبية تفيد بأنها تعاني من الحساسية بناء على طلب الشركة .
وقال المحامي : إن عملية طرد موكلته “أنيتا دولتزاي” : “لم ترتبط بالشهادة الطبية وإنما لكونها مسلمة وامرأة واصفا تصرف شركة الطيران بالعنصري” , وهو ما أكدته “أنيتا” في شهادتها حيث قالت : إن مضيف الطائرة لم يطلب منها تقديم شهادة طبية كما تدعي الشركة , مضيفة أن “الشرطة تعاملت معها بشكل وحشي وأن الضباط أدلوا بتصريحات عنصرية بشأن المهاجرين” .
قد لا يكون تصرف الشرطة الأمريكية العنصري مستغربا أو مفاجئا في ظل صخب التمييز ضد المهاجرين عموما والمسلمين منهم على وجه الخصوص في عموم الولايات المتحدة وارتفاع أصوات العنصرية العلني منذ وصول الرئيس ترامب إلى السلطة .
كما أن سجل العم سام العنصري تجاه ركاب الطائرات الأمريكية من المسلمين يؤكد أن الحادثة الأخيرة ما هي إلا حلقة جديدة في مسلسل التمييز الممنهج ضد المسلمين هناك , ودليل جديد على درجة الانهيار شبه الكامل لأكذوبة شعارات الحرية والعدالة والمساواة وحماية حقوق الإنسان التي رفعتها الدول الغربية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية .
سيطول بنا المقام إن رحنا نعدد الحوادث العنصرية المشابهة خلال العام الحالي والماضي , فقد تم طرد المهندس المصري الذي يحمل الجنسية الأمريكية محمد أحمد رضوان من على متن طائرة أمريكية لمجرد شكوى تقدم بها ضد مضيفة الطيران التي حذرته عدة مرات عبر ميكرفون الطائرة بشكل علني ودون مبرر بأنها “تراقبه” لكونه مسلما ويحمل اسم “محمد” حسب ما نقلت صحيفة “تليجراف” البريطانية !!
وفي إبريل من العام الماضي تم طرد عائلة مسلمة مكونة من 5 أفراد من على متن طائرة تابعة لخطوط الطيران الأمريكية “United Airlines” بسبب مظهرهم الإسلامي حسبما أكدت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية .
مشهد طرد المسلمين من على متن الطائرات الأمريكية لأسباب عنصرية بحتة تكرر في شهر أغسطس من العام الماضي مع شركة “دلتا” الأمريكية للخطوط الجوية التي قامت بطرد زوجين مسلمين من على متن رحلتها المتوجهة من العاصمة الفرنسية باريس إلى ولاية أوهايو الأمريكية، لمجرد انزعاج أحد أفراد الطاقم من وجودهما .
صحيفة “إندبندنت” البريطانية فى تقرير لها ذكرت حينها أن فيصل علي وزوجته نادية تم استبعادهما من الرحلة بعدما زعم طاقم الطائرة ملاحظته لعلي يتصبب عرقا وتلفظه بكلمة “الله” الأمر الذى نفاه الزوجان ……
لا يمكن فهم سلوك شركات الطيران الأمريكية العنصري بمعزل عن حملة خطاب الكراهية الذي نما وتضخم في الولايات المتحدة خلال حملة “ترامب” الانتخابية وبعد وصوله للسلطة , كما لا يمكن عزل ذلك السلوك عن العداء للإسلام المتجذر في عقلية المتحكمين بسياسة العم سام , إذ باتت مضايقة المسلمين واضطهادهم والنيل من حقوقهم المشروعة وسيلة للانتقام من دينهم الحنيف الذي ينتشر في قارات العالم رغم حملات التشويه والحرب المعلنة ضده .
(المصدر: موقع المسلم)