مقالاتمقالات مختارة

أين الخلل في أطروحات العلمانية؟

بقلم أبو لجين إبراهيم

أمام الواقع الأليم الذي أحاط بالأمة، نبتت أطروحات متعددة، في محاولة للنهضة، وانتشال الأمة من رقدتها التي طالت، ووضعها على الخريطة الحضارية مجدداً، وهي التي كان من المفترض أن تكون قاطرة الأمم، تقودها بهديها إلى طريق الإصلاح والنهضة.

وكانت النماذج النهضوية والحضارية، الحاضرة منها والماضية، ماثلة في أذهان الرواد، على كافة توجهاتهم واختلاف مشاربهم وأفكارهم ورؤاهم لعملية الإصلاح، التي باتت فريضة عينية لازمة على كل من يرى في نفسه القدرة والمعرفة والكفاءة.

كان رواد المشروع العلماني التغريبي، حاضرين بثقلهم في المشهد، وكانت لهم إسهاماتهم، وأطروحاتهم التي يرون فيها السبيل الممكن والمتاح أمام الأمة كي تخرج من كبوتها إلى رحاب النهضة، ومن ظلمات التخلف الحضاري إلى حيث التقدم.

ورواد هذا المشروع ـ والذين نختلف معهم فكرياً في كثير من أطروحاتهم ـ لا يمكن أن نقلل من أن مشروعهم قد انطلق من مقومات رئيسية..

أول تلك المقومات، أن الحالة التي عليها الأمة، في مختلف الميادين، حالة متردية، لا تسر الناظرين، ومن ثم فهو مشروع ينطلق حقيقة من معاناة الأمة، ومن رؤيته لواقعها المظلم البغيض.

ثاني تلك المقومات، هي الشعور بالحاجة إلى نهضة حقيقة، وشاملة، تليق بهذه الأمة، أي أنه مشروع يبحث عن مخرج حقيقي للأمة، بغض النظر عن مكونات هذا المشروع، وتوجهه، والحكم على مدى صوابيته من خطئه.

ثالث تلك المقومات، تأكيده على أهمية العلم، كمرتكز رئيس لعملية النهضة والانبعاث الحضاري لهذه الأمة، إذ بدون العلم، لا يمكن أن تخطو الأمة خطوة واحدة في طريق النهضة المرجوة.

رابع تلك المقومات، رؤيته لضرورة النظر إلى الأنموذج، والمثال، الذي يجب أن نحذو حذوه ونقتفي أثره، لأنه بدون الأنموذج، قد لا يتصور، ذهنيا، ما نطمح إليه، وما نرجوه لهذه الأمة.

خامس تلك المقومات، هي رؤيته لمكانة الدين، في عملية النهضة، إذ انقسم رواد هذا المشروع على أنفسهم، إلى فريقين يرى الأول منهما أن الدين سبب رئيس في التخلف، ومن ثم لا مجال للنهضة إلا باستبعاده، والآخر اتفق في النتيجة واختلف في السبب، إذ رأى أن الدين مكانه في دور العباد وفقط، ولا علاقة له لما سوى ذلك.

تلك المقومات، شكلت مرتكزات أساسية في انطلاقة المشروع العلماني، ولكنه، فشل في تحقيق النهضة، رغم أنه مُكن، من سدة الحكم في كثير من بلاد العرب والمسلمين وما زال، فأين الخلل في أطروحات ذلك المشروع؟

ولنا مع الإجابة على هذا التساؤل وقفات أخرى بحول الله وقوته.

(المصدر: موقع تواصل)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى