مقالاتمقالات مختارة

إلى العلماء الذين يبررون عجزهم وجبنهم

بقلم إسلام عبد العزيز

إلى العلماء الذين يبررون عجزهم وجبنهم بفقه أعرج: “ولم يقف الأمر عند حد الكلام فقط، أو إصدار الأحكام، إنما تعداه إلى الفعل المصنف في باب الاحتجاج بكل صوره ومنها مقاطعة الحكام المستبدين الظالمين وكل ما يقرب منهم، كمناصب أو عطايا أو خلافه.

وهذا من أنجع وسائل محاولة إسقاطهم وإظهار الاحتجاج عليهم، فلو لم يجد المستبد وزيرًا يقبل وزارة أو قاضيًا يقبل قضاء أو معاونًا له على فعله، فسينكشف أمره، وسيفشل لا محالة فعله، وسينتهي سريعًا أجله.

ومن أمثلة ذلك ما كان يفعله طاووس بن كيسان حينما لم يشرب إلا من المياه القديمة الجاهلية مقاطعة لما أقامه الأمويون من مرافق عامة ومنها الآبار، وهذا سفيان الثوري يقرر أن من تبسم في وجه ظالم صاحب سلطة أو أخذ من عطائه فقد نقض عري الإسلام وكتب من جملة أعوان الظلمة.

وهذا عمرو بن عبيد يقوم الخليفة أبي جعفر المنصور، بعرض منصب عليه فيرفض قبوله قائلا له: في بابك ألف مظلمة أردد منها شيئًا نعلم أنك صادق”.

حتى الحسن البصري الذي يحتج المنبطحون به كثيرًا فإن التحقيق في مجمل آرائه يؤكد أنه لم يرفض الثورة ذاتها في حال توافرت إمكانيات نجاحها وضمانات العدل فى البديل الذى تقدمه”

ونقول :

هذا حال من جانب السلاطين، ورأى السلامة في البعد عنهم، وإن كنا نقرأ هذه السير وقت الطلب، ثم  إننا كنا نرى مثل الإمام أبي يوسف الذي ولي القضاء للعباسيين، فنقول : ما بال أبي يوسف تقلدها!!

ولكن، مع تقلد أبي يوسف لقضاء دولة لا ينقصها الغشم، وبدأت ميلادها بسفك الدماء، حتى احتفظت لبعض رءوسها بلقب السفاح….مع هذا، كيف كان حال أبي يوسف معها؟

هذه مقتطفات من خطاب أبي يوسف لهارون الرشيد من كتابه الخراج : “هذا ما كتب به أبو يوسف رحمه الله إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد”

 كتب إلينا عمر بن عبد العزيز “لا تدعن في سجونكم أحدا من المسلمين في وثاق لا يستطيع أن يصلي قائما، ولا تبيتن في قيد إلا رجلا مطلوبا بدم، وأجروا عليهم من الصدقة ما يصلحهم في طعامهم

وأدمهم، والسلام” فمر بالتقدير لهم ما يقوتهم في طعامهم وأدمهم، وصير ذلك دراهم، تجري عليهم في كل شهر يدفع ذلك إليهم؛ فإنك إن أجريت عليهم الخبز ذهب به ولاة السجن والقوام والجلاوزة.

وولى ذلك رجلا من أهل الخير والصلاح.

ومن مات منهم ولم يكن له ولي ولا قرابة غسل وكفن من بيت المال وصلي عليه ودفن؛ فإنه بلغني وأخبرني به الثقات أنه ربما مات منهم الميت الغريب؛ فيمكث في السجن اليوم واليومين حتى يستأمر الوالي في دفنه، وحتى يجمع أهل السجن من عندهم ما يتصدقون ويكثرون من يحمله إلى المقابر فيدفن بلا غسل ولا كفن ولا صلاة عليه؛ فما أعظم هذا في الإسلام وأهله.

وانظر كيف واجه هارون الرشيد بأن كثرة المساجين، هو المتسبب فيها بعدم بسطه الأمن والعدل، يقول :

“ولو أمرت بإقامة الحدود لقل أهل الحبس ولخاف الفساق وأهل الدعارة ولتناهوا عما هم عليه.”

وانظر ماذا قال له في إطالة الحبس الاحتياطي، أو الاعتقال: “وإنما يكثر أهل الحبس لقلة النظر في أمرهم؛ إنما هو حبس وليس فيه نظر. فمر ولاتك جميعا بالنظر في أمر أهل الحبوس في كل أيام؛ فمن كان عليه أدب وأطلق، ومن لم يكن له قضية خلي عنه. وتقدم إليهم أن لا يسرفوا في الأدب ولا يتجاوزوا بذلك إلى ما لا يحل ولا يسع؛ فإنه بلغني أنهم يضربون الرجل -في التهمة وفي الجناية- الثلاثمائة والمائتين وأكثر وأقل، وهذا مما لا يحل ولا يسع. ظهر المؤمن حمى إلا من حق يجب بفجور أو قذف أو سكر أو تعزير لأمر أتاه لا يجب فيه حد، وليس يضرب في شيء من ذلك، كما بلغني أن ولاتك يضربون، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ضرب المصلين ( أي المسلمين)

فأين هذا من  علماء قالوا لمن جعل الحبس الاحتياطي بلا سقف زمني : جزاك الله خيرا!!

(المصدر: موقع الأمة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى