
وقفات رمضانية… لبناء الذات( ٢٣ )
بقلم د. عمر عبدالله شلح ( خاص بالمنتدى)
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ).. من الأشياء المهمة في بناء الذات، هي مسألة تشكيل الوعي لدى الإنسان.. فكما هو معروف، أن أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، تعرف باسم “أمة إقرأ “.. وأن أول ما جاء به الإسلام، هو الدعوة للقراءة، وهذه القراء، يُفترض بها أن تشكل وعي الإنسان..
وفي هذا الجانب نسجل نقطتين مهمتين جاء بهما الإسلام العظيم..
النقطة الأولى، هي الدعوة للقراءة..
والنقطة الثانية، هي نوعية ومادة القراءة التي نريد أن نقرأها..
وفي النقطة الأولى، هل فكر كل منّا في مسألة القراءة وتشكيل الوعي..؟؟ خاصة في حالة الحرب الطاحنة الآن في العالم، والتي جزء منها كبير على الوعي، وعلى الرواية، أو السردية التي تحاول أن تفرض ذاتها على الواقع والجماهير.. إذاً، في هذه النقطة، لا بد من ضرورة اتخاذ قرار بالقراءة ” إقرأ باسم ربك الذي خلق..”.. وهنا، ضروري أن نميز بين أمرين في هذه القراءة، نميز بين القراءة المنهجية والتربوية التي تتم من خلال العملية التربوية في المدارس والجامعات، وبين القراءة العامة والتي في النهاية تنتج انساناً مثقفاً.. وهذا يقودنا إلى النقطة الثانية، وهي نوعية ومادة القراءة التي نريد أن نقرأها.. ومن خلال فهمنا لمسألة القراءة التي جاء بها الإسلام، يمكن أن نقول بأن الإسلام نظّم عملية القراءة، من خلال عرض ما نقرأه على منهج الحق، وعلى دين الله.. فإن توافق مع ما جاء به الإسلام، فيمكن أن نقرأ ذلك، وإن تعارض مع ذلك، فهذه قراءة منبوذة، تنتج عقلاً مشوّهاً، غير قادر على التمييز بين الغث والثمين.. مع التنويه إلى أن هناك من قال من أهل العلم، يجوز لمن هو متمكن من أمور دينه، أن يقرأ تلك الكتابات بهدف الرد عليها ودحضها وكشف كذبها وزيفها..
وفي العلم والمعرفة قال الإمام على رضى الله عنه ” العلم يحفظك، وكلما أخذت منه فهو في ازدياد..” وروى عنه أنه قال أبياتاً جميلة في هذا المجال..
ما الفخــــر إلا لأهل العلم إنهم
على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه والجاهـلون لأهل العـلم أعداء
فـفـز بعلم تعش حيـا ً به أبــدا الناس موتى وأهل العلم أحياء..
القراءة مهمة للإنسان، وكلما ازداد الإنسان من القراءة، ازداد توازناً وقوة وتواضعاً.. والإنسان غير القارئ، هو إنسان فارغ مثل الطبل أجوف..
وهنا، ولو من باب المحاولة، كل يوم تقرأ صفحتين، في نهاية الشهر ستكون قرأت كتاب.. وهكذا حتى تتعود على القراءة.. وتذكر أن لكل شئ غذاء.. وغذاء العقل هو القراءة.. فمن أراد أن يحفظ شخصيته، ويجدها حينما يطلبها، فعليه بالقراءة.. كأنها نور من الله، يلقيه سبحانه في قلب العبد وعقله.. اللهم ثباتاً على الحق.. وغلبة في الميدان.. ونصرة على يهود.. صباحكم صباح القراءة لبناء الذات.. صباحكم صباح غزة.. تواصل قتالها بمعيّة الله.. فتنتصر بإذن الله .