مقالاتمقالات المنتدى

لماذا يخوفنا القرآن بالنار؟

لماذا يخوفنا القرآن بالنار؟

بقلم د. بشير المساري( خاص بالمنتدى)

قالت امرأة غربية بعد أن أسلمت كنت وأنا أقرأ القرآن أجد آيات العذاب مرعبة وفيها تصوير عجيب ومخيف فقلت لماذا هذا الكتاب يخوف الناس بالنار؟ لتجد أن الله فعلا ذكر أنه يخوف عباده بالنار: { لَهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ ظُلَلࣱ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحۡتِهِمۡ ظُلَلࣱۚ ذَ ٰ⁠لِكَ یُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِۦ عِبَادَهُۥۚ یَـٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ }
[سُورَةُ الزُّمَرِ: ١٦].

(ذلك يخوف الله به عباده) لماذا يخوف عباده؟ الجواب في قوله: (يا عبادي فاتقون).
أي ليتقي العبد عذاب ربه بطاعته.

وهذا التخويف وبذلك التصوير الدقيق لأهوال القيامة هو من عدل الله ورحمته بعباده حتى يضعهم أمام الحقيقة المستورة بحجب الغيب .. فيحسبوا حسابهم ويرفع الله بذلك عنه حجتهم يوم القيامة.

فهاهي ذي صورة الكافر الأخروية التامة المكتملة كحقيقة تصل إليه في الدنيا وإن كانت مرة لكنها أفضل ألف مرة من الوهم المريح .. وإننا لنشاهد أحداث القيامة أمامنا بتفاصيلها وجزئياتها كما لم يعد الغيب غيبا فنرى ذهول العقول .. وشخوص الأعين .. وهواء القلوب .. وغبرة الوجوه .. وقنوع الرؤوس .. وأغلال الأعناق .. وتقريع الملائكة وزجرها .. ومشاهد الذل والانكسار والحسرة والندامة.

فهل ما فعله الله من التحذير والتصوير واستيفاء سردية الآخرة مجرد حمل العبد على الإذعان وجره إلى الطاعة من باب التخويف ولا مصلحه له في ذلك؟
بل ليس ذلك إلا لمصلحته فملك الله لا ينقص بمعصية العاصي ولايزيد بطاعة المطيع.

إن عدل الله يقتضي أن يري عباده ما أعد للعاصين من الجزاء فقبل أن تقع بهم الواقعة وينزل بهم عقابه .. يخوفهم عذابه ويريهم مسيرة الخلود كاملة: (لئلا يكون للناس على الله حجة).

فماذا لو وجد المستحقون لجهنم يوم القيامة تلك الأهوال وذلك المستوى من العذاب الموافق في قدره وعظمه قدر من يُعصى دون أن يكون لهم بذلك سابق علم؟ لو ترك الله ذلك سرا مغلقا وفاجأهم به لقالوا يارب: أين عدلك فينا؟ أين حجتك علينا؟ كيف لم تخبرنا بكل هذا ولا نزال في حياة التكليف؟ لو أخبرتنا بكل هذا لطلبنا رضاك واتبعنا منهجك واتقينا عقابك؟

لذلك سمي الله المرسل منه نذيرا وبشيرا..ينذر بالعذب أي يخوف الناس ويخذرهم ويبشرهم بالنعيم إن استحابوا لله ورسوله.

قال عز جاهه: (أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير).
(فأنذرتكم نارا تلظى).

وأن يكون من أنواع عبادة الله من يعبده خوفا فذلك أيضا محمود وقد امتدح الله ذلك كصفة من صفات المؤمنين: (يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) (يخافون يوما كان شره مستطيرا).

وشنع على الكفار المعاندين بقوله: (ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا) (كلا بل لايخافون الآخرة).

نسأل الله أن يلهمنا السداد وفعل الرشاد والإعداد ليوم المعاد.

إقرأ أيضا :وقفات رمضانية… لبناء الذات( ١٣ )

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى