مقالاتمقالات المنتدى

وقفات رمضانية.. لبناء الذات ( ٥ )

وقفات رمضانية.. لبناء الذات ( ٥ )

 بقلم د. عمر عبدالله شلح ( خاص بالمنتدى)

(….وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ).. مرة أخرى، نعود للحديث عن آفات اللسان، واليوم نتحدث عن الغيبة.. ولذلك بدأنا هذا الصباح، بآية الغيبة من سورة الحجرات، والتي تعرف باسم سورة ” الأخلاق “..
والخطاب في رأس الآية، موجه للذين آمنوا.. والغيبة تكون موجودة لدى الإنسان الذي غابت عنه فكرة المراقبة الذاتية لله سبحانه.. وفي تعريف الغيبة، فهي كما جاء في الحديث ” يا رسولَ اللهِ، ما الغِيبةُ ؟ قال : ذِكْرُك أخاك بما يَكْرَهُ. قيل: أفرأيْتَ إن كان في أخي ما أقولُ؟ قال: إن كان فيه ما تقولُ فقد اغْتَبْتَه، وإن لم يكنْ فيه ما تقولُ فقد بهَتَّه..”
وفي أصعب تشبيه لها في السلوك، أن الله شبه الذي يغتاب الآخر، فكأنما يأكل لحمه وهو ميت..!!
تشبيه صعب ومرير.. نحاول أن نتخيل المشهد، كأننا نرى شخصاً يجلس بجوار جثة إنسان ميت، ويمسك منها لحماً ويأكل..!! لمجرد الفكرة، فهذا أمر مقزز وغير مستصاغ.. فكيف لو حدث هذا الأمر فعلا مع شخص ما..؟؟ هذا حال الذي يغتاب أخيه المسلم..
وفي حديث الرجلين الذين كانا يعذبا في القبر، فأحدهما كان يمشي في الغيبة.. وقد جاء في الحديث أيضاً قصة الامرأتين اللتين عنفهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في آخر الحديث “…. إنَّ هاتينِ صامتَا عمَّا أحَلَّ اللهُ لهما، وأفطَرَتا على ما حرَّمَ اللهُ عليهما؛ جلسَتْ إحداهما إلى الأُخرى، فجعَلَتا تأكُلانِ لُحومَ النَّاسِ..”..
في هذه الأيام المباركة من شهر الله، هناك فرصة لأن يحاول المرؤ أن يضبط لسانه، ويتذكر أن الغيبة تسئ للصيام وتجرحه.. ورحم الله الشافعي وهو يقول:
إذا رُمتَ أنْ تَحيا سَليماً مِن الأذى
وَ دينُكَ مَوفورٌ وعِرْضُكَ صَيِنُّ
لِسانُكَ لا تَذكُرْ بِهِ عَورَةَ امرئٍ
فَكُلُّكَ عَوراتٌ وللنّاسِ ألسُنُ..
فلنحذر من النفس والشيطان والهوى، فكل منهم يريد أن يأخذنا إلى المعاصي وإشباع الرغبات.. وهي أيام معدودات.. لعلها لا تضيع منا دون أن نجني ثمارها الجيدة..
اللهم ثباتاً على الحق.. وغلبة في الميدان.. ونصرة على يهود..
صباحكم صباح الحذر من الغيبة.. صباحكم صباح غزة.. تواصل قتالها بمعيّة الله.. فتنتصر بإذن الله .

إقرأ أيضا: الرد على الشيخ عثمان الخميس(٢)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى