
غاية الإسلام إسعاد الناس!
بقلم أ. د.فؤاد البنا
هناك أعداد من المتدينين تعاني من أمية فكرية بصورة جعلتهم يتعاملون مع الإسلام كأنه دين لاهوتي مثل المسيحية والبوذية، أي أنه جاء لتنظيم علاقة الإنسان بخالقه!
وفي هذا السياق حضرت ذات عام مؤتمرا يضم أعدادا ضخمة من أهل العلم والصلاح والدعوة، وكانت جدران القاعة التي تتسع لما يزيد عن ٤٠٠٠ شخص تعج بالشعارات المتصلة بمقاصد الإسلام وقيمه العظمى، كالحرية والعدالة والكرامة والمساواة والوحدة وقداسة حقوق الإنسان وحرمة الظلم والفساد وكل ما ينال من حقوق الناس، وتجريم كافة العصبيات المختلفة، فقام أحد المحسوبين الكبار على علوم الشريعة مخاطبا آلاف الحضور، فقال ما مضمونه بأنه أجال نظره في القاعة فلم يجد شعارا إسلاميا واحدا!
ولقد صعقني ذلك الرجل بهذا الكلام الغريب، فما هو يا ترى الإسلام إن لم تكن هذه القيم من صميم الإسلام؟!
وفي ذات السياق يروى أن مهاتير محمد عندما تولى رئاسة الوزراء في ماليزيا، قام في البرلمان فألقى خطابا تحدث فيه عن الاقتصاد والتنمية والتعليم والصحة والتطوير والحداثة وبناء الإنسان.
وبعد أن انتهى من خطابه سأله أحد المحافظين من الصنف المذكور اعلاه: وماذا عن الإسلام والدين ..؟! فأجابه مهاتير بكل ثقة ويقين: «عن الإسلام كنت أتحدث».
فمتى سنتخلص من الأمية الفكرية التي تجعل نظرتنا للإسلام منقوصة؟ ومتى سنتدبر القرآن لندرك أن الإسلام جاء من أجل الناس وليس من أجل الله الذي هو غني عن عبادة العالمين؟ ومتى سندرك بأن ما هي حقوق لله في منظومة العبادة إنما هي محطات للتزود الروحي الذي يعين المؤمن على الانتصار على شوائب التراب في تكوينه المادي، بحيث يحرص على أن لا يجده الله في مواضع انتهاك حقوق الناس وحرماتهم، ولا يفقده في مواضع التعامل الراقي مع الناس وإعطاء الحقوق لأصحابها والأمانات لأهلها، وخدمة الناس من خلال تخصصه المهني ومركزه الريادي؟!
إقرأ أيضا:الاستبداد_والفساد