مقالاتمقالات المنتدى

أمانات إدارة شؤون الناس

أمانات إدارة شؤون الناس

  بقلم أ. د.فؤاد البنا

وجّه لي أحد الأصدقاء سؤالا يقول: كيف نخون الله والرسول ونخون أماناتنا ونحن نعلم؟ وما تفسير الآية التي تتكلم عن هذا الموضوع؟
فقلت: من المعلوم أن الإنسان يعصي الله، إما بعلم وذلك على نمط اليهود الذين كانوا على قدر وافر من العلم والفهم لمراد الله لكنهم عصوه جحودا، وإما بجهل على شاكلة النصارى الذين أرادوا بصدق قلبي الانسلاك في طريق الحق، لكنهم أخطؤوا الفهم وضلوا الطريق؛ بسبب جهلهم وضلال عقولهم.
ولأن معصية الله بعلم أشد جرما وأفدح وزراً من المعصية بجهل، فقد أطلق الله على اليهود ومن هم على منهجهم الجاحد وصف المغضوب عليهم، كما في سورة الفاتحة، بينما أطلق على النصارى ومن يشبههم في الجهل والضلال بحسن نية وصف الضالين!
ومن صور الخيانة بعلم أن نضع في المناصب من نعلم أن هناك من هم أفضل منهم أمانة ودراية، فإن هذا الخلل الذي يراه البعض بسيطا سيتضخم مع الأيام مثل الخلايا السرطانية، حتى يصيب جسد الأمة بالشلل والخبال!
ولهذا فقد أمر الله تعالى المؤمنين بأن يكونوا أمناء عند تولي شؤون الناس، بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب وإعطاء كل شخص ما يستحق، حيث تدخل هذه القضية ضمن معاني قوله عز وجل: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}، ولخطورة الموضوع فقد استخدم المولى صيغة (يأمركم) بدلا عن فعل الأمر (أدّوا)، واستخدم فعل المضارع (يأمر) الذي يفيد الديمومة والاستمرار، بحيث تبقى القضية متوقدة في الذهن ولا يستجيب المسؤول للأهواء والعواطف ولا لضغوط العصبيات!
وفي السياق نفسه وردت تحذيرات نبوية متعددة الصيغ والمناسبات، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: “إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة”، والمقصود بالساعة هنا ساعة السقوط من العلياء إلى مهاوي الهلاك والخراب، فكأن المجتمع الذي يحدث له هذا الزلزال قد قامت قيامته، وقد لمسنا هذا الأمر بوضوح في عدد من البلدان مثل سوريا واليمن والعراق والسودان!

إقرأ أيضا:(أقلام البشر تجاه المرابطين في الثّغر)!!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى