مقالاتمقالات المنتدى

الاستبداد_والفساد

الاستبداد_والفساد

بقلم الأستاذ: أنور الخضري ( خاص بالمنتدى)

حيث يحل الاستبداد، تحت أي لافتة دينية أو مذهبية أو سياسية أو اجتماعية، يحل الفساد، ولأن الاستبداد يرضع الفساد ولأن الفساد يدافع عن الاستبداد تصبح العلاقة بين الجهتين علاقة لازمة وضرورية ومصيرية. فإذا ذهبت تواجه الفساد تصدى لك الاستبداد، وإذا ذهبت تواجه الاستبداد تصدى لك الفساد.
وهذا القانون يسري على الجميع، بما فيها الجماعات والحركات الإسلامية، إذ لا عصمة لها منه. وعندما يسكت الخيرون عن بذور الاستبداد فإنهم يساعدون في تشكل جنين الفساد في رحمه، ومع طول التبرير والاعتذار يتمكن الاستبداد وينجب الفساد ابنا شرعيا له، فيصبح الخيرون أمام وحش له مخالب، لا يرحم ولا يترك للرحمة أن تبذل.
ومع الوقت، ومهما بذلت مساحيق التجميل، يظهر قبح الاستبداد والفساد للناس، وبالذات ممن ظنوا خيرا في أصحابه، وشيئا فشيئا يفقد المجتمع ثقته في “الإسلاميين” عندما يظهر لهم الوجه الفاضح لواقع جماعاتهم وجمعياتهم وشركاتهم وأحزابهم ومؤسساتهم، ويبدأ السخط الداخلي يكشف المخبوء شيئا فشيئا!.
لهذا، يجب على الجماعات الإسلامية ما يلي:
– محاربة الاستبداد تحت أي صيغة ومبرر، وتفعيل المؤسسية والشورى والأجهزة الرقابية، وتعيين القوي الأمين المتجرد من المطامع والأهواء والمستغني في الضروريات والاحتياجات.
– إشاعة ثقافة المؤسسية والتشاور في الأفراد ومن المستويات الدنيا، وعبر مناهج وأساليب تربوية وتنظيمية.
– تشكيل قضاء داخلي، وإحالة أي مخالف للنهج الشوري أو فاسد له، لاتخاذ الإجراءات المناسبة في حقه، بحيث يظل القضاء حامي حمى الحقوق والأمانات والمسئوليات، وغياب القضاء الداخلي لهذه الجماعات مؤشر من مؤشرات الاستبداد والفساد الحقيقي.
– تفعيل الحسبة الواعية والتي من شأنها صيانة الجماعة أو الحركة أو الحزب من الانحرافات الخطرة المتعلقة بمسار الكيان كله وطبيعة القيم والمبادئ السائدة فيه.
– الشفافية في النظم واللوائح والقرارات والهياكل لكافة الأعضاء المنتسبين، بحيث يتحرك العضو في عالم معروف له وتحت الأضواء، لا في مجال غامض مبهم تطغى فيه صياغة العقول بالأوهام والأخيلة بعيدا عن الواقع. فكما تستلب فرق الشيعة والصوفية عقول أتباعها دينيا فإن الجماعات والحركات الإسلامية تستلب عقول أتباعها دنيويا، فقد يصح منهم الدين ولكنهم يدارون في العمل الدنيوي القائم على السنن والأسباب بانفصال تام عن الواقع.
هذا الأمر سيتوقف عليه التصحيح الداخلي، فإذا تمكنت الجماعات والحركات من التصحيح الداخلي كانت مؤهلة للتصحيح الخارجي على مستوى المجتمع والدولة، ما لم فإن فاقد الشيء لا يعطيه.

إقرأ أيضا: القرن_الإسلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى