ولكني أتمنى رجالاً أستعين بهم على إعلاء كلمة الله عز وجل…
بقلم د. أبو البراء وائل بن أحمد الهمص. (خاص بالمنتدى)
في دارٍ من دور المدينةِ المباركةِ جلس عمرُ رضي الله عنه إلى جماعةٍ من أصحابه، فقال لهم: تمنوا؛ فقال أحدُهم: أتمنى لو كان لي مثل هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه في سبيل الله، ثم قال عمر: تمنوا، فقال رجلٌ آخر: أتمنى لو كان لي مثل هذه الدار مملوءة لؤلؤاً وزُبُرْجُداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق به، ثم قال: تمنوا، فقالوا: ما ندري ما نقولُ يا أميرَ المؤمنين؟ فقال عمر رضي الله عنه: ولكني أتمنى رجالاً مثلَ أبي عبيدةَ بنِ الجراح ومعاذِ بنِ جبلٍ وسالمٍ مولى أبي حذيفة، فأستعينُ بهم على إعلاء كلمة الله عز وجل.
حقا وصدقا لا أجد كلمات أختم بها هذه الجولة من القتال قبل دخول وقت وقف إطلاق النار حيز التنفيذ إلا كلمات أواسي وأعزي بها نفسي في رحيل رجال كانوا رجالا من رجال الله… باعوا أنفسهم وما يملكون لله عز وجل ضحوا بالغالي والنفيس.. جاهدوا بحق وصدق بذلوا أنفسهم رخيصة في سبيل الله لتحيا أمتهم… صدقوا ما عاهدوا الله عليه… لم يلتفتوا لزخرف هذه الدنيا التافهة الزائلة… ولم تخدعهم الأماني الكاذبة… لله درهم وعلى الله أجرهم.. كانوا أخفياء أتقياء أنقياء… رحلوا وقد التحقوا بركب الشهداء… لم يلتفتوا وراءهم ولم يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم… قَتلوا من الأعداء وأثخنوا فيهم.. وقُتلوا على يد الأعداء في أشرف وأطهر معركة في الوقت الحاضر، معركة بين حق لا باطل فيه، وباطل لا حق فيه…. كلما تذكرتهم ذهبت نفسي علي حسرات فحزن قلبي ودمعت عيني كم أتمنى أن أجد لهم مثيلا أو عنهم عوضا، لكن هيهات هيهات.. إخوان صدق كرام بررة… رحلوا وقد ترك رحيلهم في القلب غصة ومرارة على فقدهم….
لكن عزائي فيهم أنهم قضوا شهداء لم يغيروا ولم يبدلوا وذهبوا لما هو خير وأبقى…. فاللهم إن كانوا هم ممن قضى نحبه في سبيلك مخلصا مقبلا غير مدبر، فاجعلنا ممن ينتظر وما بدلوا تبديلا، واستخدمتها لنصرة لدينك، واختم لنا بخاتمة الشهادة في سبيلك، شهادة تعز بها دينك وتذل بها أعداءك وترضى بها عنا وتبلغنا بها الفردوس الأعلى من جنتك برفقة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .. والحمد لله على كل حال، والحمد لله رب العالمين..