الإبانة عن حكم الإهانة للكعبة المشرفة
الحمد لله الذي شرّف الكعبة وجعلها قبلة المسلمين ومهوى أفئدة المؤمنين، وجعل لها حرمة تشمل مسجدها وأكنافه ، وجعل عقوبة الذنب في هذا البلد الحرام بالإرادة ومجرد القصد إلى الفعل كما قال في كتابه العزيز: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، القائل عن هذه البلدة المباركة : “إن الله حرمها يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرامة الله إلى يوم القيامة” (صحيح البخاري).
أما بعد:
فلقد أصبحنا في زمن عصيب اجترأت فيه فئام من الطغام على مقدساتنا وشعائرنا التي يعظمها كل مسلم، وعلى قمتها الكعبة البيت الحرام التي جعلها الله قبلة للمسلمين ومهوى لأفئدتهم؛ فاتخذها الأشرار غرضاً للعدوان المباشر او الرمزي، مستترين تحت أسمال الترفيه أو مجاهرين تحت مظلات الابتذال، في استهانة بحرمتها ، متوهمين بأن إهانتهم لحرمات الله ستمرّ دون عقاب رباني أو نكير إيماني!
إن الكعبة المشرفة ليست مجرد بناء، بل هي رمز لوحدة الأمة، و قبلة لصلاتهم، وموضع لطوافهم ودعائهم وشد الرحال إليها تلبية لأمر الله وطاعة له. وأي إساءة إليها، بالتصريح أو التلميح، قولا أو فعلاً ، هي تعدٍ على ديننا كله، وتعدٍ على ما عظّمه الله.
وإن مما حدث جعل مكعّب في مثل هيئة الكعبة يطيف بها نساء عاريات مفسدات ، وهذا عمل هو بمجرد محرّم شرعا ، فكيف إذا انضاف إلى ذلك التدنيس الضمني لبيت الله الحرام ؟
إن ما تقوم به هذه الفئة من فساد وإفساد وتدنيس وتنجيس هو من أعظم الكبائر التي لا يصح أن تمر دون محاسبة أو ردّ.
لقد تجرأوا على أقدس أقداس المسلمين ، بتلميح أشبه بالتصريح، وبترميز أشنع من المكاء والتصدية ،وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يشير إلى الكعبة : “ما أعظمكِ وأعظم حرمتكِ…” رواه ابن ماجه والطبراني)، وقال صلى الله عليه وسلم : ” إن هذه الأمة لاتزال بخير ما عظموا هذه الحرمة . يعني الكعبة . حق تعظيمها ، فإذا ضيعوا ذلك هلكوا.) رواه أحمد وابن ماجة،
وقال ابن عمر رضي لله عنه “أعظم الشعائر البيت “، وعنْ طلْق بْن حَبِيبٍ، قَالَ: قَالَ عمرُ: «يَا أَهْلَ مَكَّةَ، اتَّقُوا اللَّهَ فِي حَرَمِ اللَّهِ، أَتَدْرُونَ مَنْ كَانَ سَاكِنَ هَذَا الْبَيْتِ؟ كَانَ بِهِ بَنُو فُلَانٍ، فَأَحَلُّوا حَرَمَهُ فَأُهْلِكُوا، وَكَانَ بِهِ بَنُو فُلَانٍ، فَأَحَلُّوا حَرَمَهُ فَأُهْلِكُوا»، أخرجه ابن أبي شيبة.
إن مكة هي أمانة عظيمة في أعناق المسلمين، والكعبة أفضل بقعة في الأرض، ومن يتعدى عليها صراحة أو ضمناً فقد استوجب غضب الله و ارتكب موبقة عظيمة، ويعظم الإجرام إذا صدر ذلك ممن يلزمه حمايتها وخدمتها والدفاع عنها ، وبما أنه قد حدث ما حدث فإن الواجب الشرعي في الذود عنها يبقى أمانة في أعناق المسلمين جميعًا حتى يقوم به من يكفي.
حتى يكونوا سدًا منيعًا أمام كل من يحاول المساس بقدسيتها أو الحط من مكانتها لمزا او رمزا او مجاهرة ، كما قال الله تعالى: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}
ولا يسع المسلمين السكوت عن مثل هذا المنكر ولا التهاون في المدافعة عن شعائر دينهم ومقدساتهم .
والسكوت عن مثل هذه المنكرات لا يجوز بحال؛ وخاصة على أهل العلم حتى لا تقع موجبات غضب الله وأسباب عقوبته العامة قال تعالى : (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) الإسراء : ١٦
ونسأل الله أن يحفظ كعبتنا المشرفة وسائر مقدسات المسلمين من كل سوء، إنه ولي ذلك والقادر عليه
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين
صادر عن. منتدى العلماء
٢١جمادي الأول ١٤٤٦هـ
٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤م