تقارير المنتدىتقارير وإضاءات

كتاب الحرب: انهيار الاحتلال، وعمالة الانظمة العربية.

كتاب الحرب: انهيار الاحتلال، وعمالة الانظمة العربية.

(خاص بالمنتدى)

صدر كتاب الحرب للكاتب الأمريكي بوب وودورد (Bob Woodward) وما ذكره في الكتاب لم يكن جديدا بل كان ظاهرا وآثاره واضحة، فقد تحدث الكتاب في بعض صفحاته عن أحداث أكتوبر وما حدث في البيت الأبيض، وكشف عن قوة الضربة التي تعرض لها الاحتلال، والمفاجئة التي صدمته باقتحام الأراضي المحتلة، وكيف شعر الاحتلال بالنهاية، واضطرب قادته، وفقدوا السيطرة على أنفسهم وتصرفاتهم، وبدى على وجوههم الخوف والرعب، تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت، وفتحوا خطا ساخنا لا يتوقف مع الادارة الأمريكية يطلبون منها التطمين بالحماية، والاستعداد للدعم العسكري واللوجستي، وهو ما سارعت إليه الإدارة الأمريكية، وحركت بوارجها وحاملات الطائرات، وأطلقت التهديدات والتحذيرات لتمنع الدول المجاورة لفلسطين والمؤثرة على القضية من الدعم أو التعاون أو حتى التعاطف لما يحدث لإخواننا المسلمين في غزة.

هذا ليس غريبا، على الادارة الأمريكية، فهي تدعم الاحتلال وتزوده بكل احتياجاته، وتمنحه الغطاء القانوني ليرتكب الجرائم دون حساب أو عقاب،

اللافت في الكتاب هو تعامل الأنظمة العربية ورغبتها الجامحة، وحرصها الشديد على التخلص من المقاومة، حتى أن بعض قادة الدول العربية أظهروا لوزير الخارجية الأمريكية تساهل الاحتلال في التعامل مع الفلسطينين، وعدم القضاء على المقاومة منذ وقت مبكر، وهذا ما عجز عنه الاحتلال أصلا، إذا لو كانت لديه القدرة لفعل ذلك منذ زمن بعيد.

مواقف الأنظمة العربية لم تكن خافية في التعاون مع الاحتلال، وفي دعمه في حربه الوحشية ضد الفلسطينيين وغض الطرف عن المجازر التي ترتكب يوميا منذ أكثر من سنة، بل والتواطؤ مع الاحتلال للقضاء على المقاومة، ويظهر ذلك من خلال أدواتهم الاعلامية، وقنواتهم التلفزيونية، ومواقفهم المخجلة، وتعاملهم مع القتل والاحتلال والتدمير بدم بارد.

ولأن قادة الإحتلال لم يطمئنوا بعد كل ما فعلته أمريكا خلال أسبوع، اضطرت الادارة الأمريكية لإرسال مسؤوليها واحدا تلو الآخر، بما فيهم الرئيس بايدن، وتوالت بعده الزيارات لقادة زعماء ودول أوروبية، لتطمين الاحتلال وتهدئته والتخفيف من روعه، ومن الصدمة التي تعرض لها صباح يوم العبور يوم السابع من أكتوبر.

ومن التفاصيل التي تناولها الكتاب هي زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن وما هي الطلبات التي طلبها نتنياهو، والالتزامات الامريكية له، ثم العروض والاقتراحات التي قدمتها الدول العربية التي زارها بلينكن في تلك الزيارة، وهنا نشير إلى بعض ما ورد في هذا الكتاب عن تلك الزيارة المشؤومة الكاشفة لحقيقة ولاء الحكام المطلق لغير المسلمين، ومسارعتهم إلى خدمتهم، والنيابة عنهم في الحرب على الإسلام، ولا تجد لهم وصفا إلا قول الله تعالى: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ)

في أول الزيارة كان اللقاء بنتنياهو والذي كان لديه ثلاثة مطالب، وهي: الذخيرة والذخيرة والذخيرة، فرد عليه بلنكن: نحن معكم، نحن معكم، نحن معكم، سنقدم لكم الدعم، وقد قمنا بإعداد الآلية لإيصال ما تطلبونه.

أما ملك الأردن فكان طلبه هو هزيمة حماس، فقد قال لبلينكن: يجب هزيمة حماس. لن نقول ذلك علًنا، لكننا ندعم هزيمة حماس ويجب على إسرائيل أن تهزم حماس. لم يكن ينبغي لهم أبدا التحالف معهم منذ البداية. كان ينبغي عليهم التعامل مع السلطة الفلسطينية والعمل معهم.

وفي السعودية التقى بوزير خارجيتها الامير فيصل بن فرحان، ومما قاله الأمير: كان يجب على بيبي أن يعرف أفضل من ذلك. لقد أخبره الجميع بعدم التعامل مع حماس. نحن أخبرناه. كان يجب أن يعرف أفضل من ذلك على أي حال. لكننا بالتأكيد أخبرناه بعدم القيام بذلك. وقال أيضا: نحن قلقون بشأن تأثير عمليات إسرائيل على أمننا جميعا ما يأتي بعد حماس قد يكون أسوأ. والأمير يهدد وزير الخارجية الأمريكي أن عدم القضاء على حماس نهائيا، قد يجعل الحركة تنتقم من الاحتلال بشكل أشد، أو قد تنشأ حركات أخرى أشد وأقوى في مواجهة الاحتلال

أما ولي العهد محمد بن سلمان فكل همه الوصول إلى التطبيع مع الاحتلال كونه جزء من رؤيته المشؤومة، وطوفان الأقصى أفسد عليه مشروعه، فقال: أود العودة إلى تلك الرؤية لكن غزة يجب أن تهدأ. التطبيع لم يمت. لا يمكننا بالطبع السعي إليه الآن. هم على وشك شن حرب. لكنني أحب أن أعود إلى هناك في وقت ما.

وفي الامارات قال محمد بن زايد: يجب القضاء على حماس، يمكننا أن نعطي إسرائيل المجال لتدمير حماس، لكن يجب على إسرائيل أن تعطينا مساحة. دعوا المساعدات الإنسانية تدخل. أنشئوا مناطق آمنة للتأكد من أنهم لا يقتلون المدنيين. سيطروا على عنف المستوطنين في الضفة الغربية. ومما قاله: حذرنا إسرائيل من عدم التعامل مع حماس. إنهم جماعة الإخوان المسلمين.

وفي مصر طلب السيسي الحفاظ على اتفاقية كامب ديفد، ثم ترك وزير الخارجية الامريكي مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، ورئيس جهاز المخابرات عباس كامل، حيث قال الأخير بعد. أن قدم تقريرا مفصلا عن الأنفاق: إن حماس متجذرة في غزة، وأن القضاء عليهم سيكون صعًبا للغاية.

قال كامل ناصحا للصهاينة إن دخلوا في مواجهة مع المجاهدين في غزة: يجب ألا تدخل إسرائيل مرة واحدة. انتظروا حتى يظهروا ثم اقطعوا رؤوسهم.

وبالنظر فيما سبق يمكن أن نستخلص ما يلي:

  • هذه الحرب انتهت في الساعات الأولى ليوم السابع من أكتوبر بانهيار شبه تام لمنظومة الاحتلال الامنية والعسكرية، وانهيار الردع الذي كان يتمتع به ويرهب به المنطقة.
  • الحرب الآن هي حرب أمريكية خالصة بأسلحتها وذخيرتها وقراراتها، والاحتلال ليس سوى أداة لتنفيذ هذه الحرب القذرة.
  • بعد الساعات الاولى من الهجوم لم ينظر الاحتلال إلى إمكاناته، وعدته وعتاده ليبدأ بالمواجهة، بل بدأ الاتصال بحلفائه يطلب منهم التطمين والمدد، وهذا مصداق لقول الله تعالى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) والأحداث التي ذكرها مؤلف كتاب الحرب عن اللحظات الأولى وحتى الآن تُفسرها هذه الأية الكريمة.
  • عرضت الأنظمة العربية العميلة رغبتها الكبيرة في القضاء على العصبة المؤمنة المجاهدة في غزة، وكأنها تعد العدة و تنتظر اللحظة التي ينقض فيها الاحتلال على غزة لاستئصال المجاهدين هناك، ولم يظهر عليهم او ينقل عنهم أنهم حاولوا تخفيف العدوان، أو ضغطوا بما لديهم من إمكانيات لإيقاف نزيف الدم، بل دعموا وأيدوا ورسموا الخطط وقدموا المعلومات، ووجهوا للاحتلال النصائح في كيفية المواجهة، ويصدق فيهم قول الله تعالى: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ)
  • ما ورد في الكتاب لا يعني أنه حقيقة مطلقة، بل يحتمل الصدق والكذب، فالكاتب يتبنى السردية الصهيونية ويحاول ترويجها.

اقرأ أيضا: عام على طوفان الأقصى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى