بيان الحكم الشرعي حول حرمة انتهاك حقوق العمال في بلاد الحرمين
الحمد لله القائل: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [هود:85]، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، القائل: «أعطُوا الأجيرَ أَجْرَه قبلَ أن يجِفَّ عَرَقُه» – رواه ابن ماجه، وصححه الألباني وبعد :
فقد تابع العلماء الأخبار المتواردة عن تعامل النظام السعودي مع العمالة الأجانب في السعودية، والذي يتنافى مع ضوابط الشريعة الإسلامية ومقاصدها و حقوق الإنسان والأديان، وظهر جلياً ما يتعرض له العمالة من ظلم معنوي وحسي وإهمال وحرمان وابتزاز وانتهاك لأبسط مقومات الحقوق الأساسية، كالرعاية الصحية وتأخير مستحقاتهم وتكليفهم بالعمل فوق طاقتهم ومخالفة عقود العمل المتفق عليها وغيرها من الانتهاكات والإساءات والاستغلال… بالإضافة للمخالفات الشرعية والتجاوزات الأخلاقية والفجور في التعامل معهم، وسط تغييب تام لأصوات المظلومين والمضطهدين من العمالة الأجانب.
وانطلاقاً من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقيامًا بواجب العلماء في بيان الحق للناس والذود عن حرمة حقوق العمال؛ فإن العلماء والمؤسسات الموقعة على البيان يؤكدون ما يلي:
أولاً: إن انتهاك حقوق العمال يُعتبر من الأمور المحرمة شرعًا، وإن الإسلام نظم حقوق العمال وشدد على ضرورة معاملتهم باحترام.
وأن الظلم في حق العمال يتنافى مع مبادئ الإسلام، قال الله تعالى: ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان﴾ [النحل: 90 ]، فلهم حقوق مكفولة مثل الأجر العادل وظروف العمل المناسبة والشفقة والرحمة والمعاملة الإنسانية، وأن لا يُهضَم حقه أو يضيع عرقه، وألا يؤكل ماله بالباطل، ولا يماطل صاحب العمل في دفع أجر العامل، أو يتأخر عليه، أو يخصم منه بدون وجه حق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: وذكر منهم وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ، وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ.» – رواه البخاري. وأن عدم توفير هذه الحقوق يُعد اعتداءً عليهم.
ثانياً: يدعو العلماء لتوفير الرعاية الصحية للعمال والالتزام بتقديم ما يلزم لضمان صحتهم وسلامتهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته» أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما .
ثالثاً: إن مطالبة العمال بالعمل فوق طاقتهم تُعتبر من الأمور غير الشرعية وغير الأخلاقية في الإسلام، فيجب على أصحاب العمل احترام حقوق العمال وعدم تحميلهم ما لا يطيقون، وإلا فإن ذلك يعد من الظلم الذي نهى الله عنه.
رابعاً: إن مخالفة عقود العمل المتفق عليها مع العمال تُعد أمرًا غير جائز في الإسلام، ويُعد العقد ملزمًا، يجب الالتزام بشروطه والوفاء به، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، مما يؤكد على أهمية الوفاء بالعقود.
خامساً: نذكر علماء الأمة عامة وعلماء السعودية خاصة بأن الأمانة الملقاة على عاتقكم والعهد الذي أخذه الله عليكم كبير فلا بد من واجب القيام بنصرة المظلومين والمستضعفين، والذود عنهم وعن حقوقهم، وأن لا تخونوا العهد الذي أخذه الله عليكم في قوله تعالى: ﴿وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُون﴾ [آل عمران:187]. وأن يصدحوا بالحق ولا يخافوا في الله لومة لائم،.
صدر بتأريخ:
٦ جمادي أول ١٤٤٦هـــ
الموافق ٧ نوفمبر ٢٠٢٤م
الموقعون على البيان:
المؤسسات
١. منتدى العلماء
٢. رابطة علماء أهل السنة
٣. هيئة أمة واحدة
الشخصيات:
١. د. سعيد بن ناصر الغامدي الأمين العام لمنتدى العلماء
٢. أ. د. جمال عبدالستار الأستاذ بجامعة الأزهر وأمين عام رابطة علماء أهل السنة
٣. الشيخ محمد خير رمصان يوسف
٤. د. سعيد الشبيلي مفكر إسلامي
٥. د. حسين عبدالعال
٦. د. أسامة أبو بكر
٧. الشيخ شكري مجولي
٨. الشيخ شعيب الندوي