فاصدع بما تؤمر وانه عن المنكر
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
قال اللّه تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ وقال تعالی: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ في هذه الآية الكريمة يأمر اللّه تعالى رسوله ﷺ بإبلاغ ما بعثه به والصّدع به ومواجهة المشركين به! قال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: فاصدع بما تؤمر أي: أمضه وافعل ما تؤمر وافرق بالقرآن بين الحقّ والباطل! وقال ابن مسعود رضي اللّه عنه: ما زال الرّسول ﷺ مستخفيا حتّى نزلت: (فاصدع بما تؤمر) فخرج هو وأصحابه! وقال الإمام القرطبيّ: أي: بلّغ رسالة اللّه جميع الخلق لتقوم الحجّة عليهم فقد أمرك اللّه بذلك وأظهر دينك وفرّق جمع الكفّار وكلمتهم بأن تدعوهم إلى التّوحيد! وقال العلّامة السّعديّ: أمر اللّه تعالی رسوله ﷺ أن لا يبالي بهم ولا بغيرهم وأن يصدع بما أمر اللّه ويعلن بذلك لكلّ أحد ولا يعوقنّه عن أمره عائق ولا تصدّه أقوال المتهوّكين! وبنزول هذه الآية الكريمة معشر المسلمين ترك الصّادق الأمين ﷺ الاختفاء بدار الأرقم وأعلن بالدّعوة للإسلام جهراً ويقول ﷺ: {أَلاَ إِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ} ويقول ﷺ: {سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَنَهَاهُ وَأَمَرَهُ فَقَتَلَهُ} ويقول ﷺ: {مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ} ويقول ﷺ: {أَلاَ لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ فَإِنَّهُ لاَ يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ وَلاَ يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ} ولا جرم أخي المسلم أنّ هناك فرقًا كبيرًا بين إنكار المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة والأسلوب الأفضل وبين الجبن والمداهنة والمجاملة في قول الحقّ وعدم الصّدع به! مع التّذكير بأنّ قول الحق لا يقرّب أجلًا ولا يقطع رزقًا فالأنفاس معدودة والأرزاق محدودة وما دام ذلك كذلك: فلا نامت أعين الجبناء!