تذكير الصّابرين الأحباب بأهمّ الدّروس من موقعة الأحزاب!
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
قال اللّه تعالی: ﴿إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ إليكم أيّها الإخوة الأحباب أهمّ الدّروس المستفادة من غزوة الأحزاب: الدّرس الأوّل: أنّ جميع الشّدائد والكروب لا تزيد المسلم إلا إيمانًا وثقة ويقينًا باللّه علّام الغيوب بخلاف المنافقين والمتخاذلين! فقد انقسم الذين حضروا هذه الموقعة إلى قسمين: قسم آمن بوعد ربّ العالمين كما قال تعالى: ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ وقسم زاغت أبصارهم حينما شاهدوا جموع الغزاة المشركين قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ هذا وقد تجرّأ أناس من المنافقين بقولهم: كان محمّد -ﷺ- يعدنا أن نظفر بكنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط؟! فقال تعالی عن هؤلاء الخبثاء الجبناء الأذلّاء: ﴿وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً﴾ الدّرس الثّاني: أنّ المنح تخرج من رحم المحن وأنّ العطايا بعد البلايا وأن في الكربات كرامات! فها هو ذا نبيّنا الصّادق الأمين ﷺ في هذا الكرب الشّديد يضرب الصّخر ويبشر المؤمنين بالنّصر وبالظّفر بكنوز كسرى وقيصر وبالاستيلاء علی المدائن وبفتح اليمن! ولا جرم أخي الصّابر المؤمن أنّ زراعة الأمل والثّقة بوعد اللّه عزّ وجلّ تدلّ على حنكة وثقة خاتم النّبيّين بنصر أحكم الحاكمين! الدّرس الثّالث: تعلّمنا هذه الغزوة أنّ فرج اللّه آت لا محاله مهما ادلهمّت الخطوب واشتدّت الكروب وزاغت القلوب وتجبّر المتفرعنون وطغی المجرمون وعاند الكافرون! وما الابتلاءات أيّها الإخوة والأخوات إلا سحابة صيف عمّا قريب تنقشع! فقد استمرّت هذه الغزوة حوالي شهر ذاق الصّحابة الكرام فيها ما لا يتحمّله إلا البطل الهمام! وبعد أن تنقّت الصّفوف وتميّز المؤمنون من المنافقين جاء الفتح المبين من قبل أحكم الحاكمين وأرسل على المعتدين الرّيح العاتية وردّ كيدهم في نحورهم ونجّی عباده الصّابرين من شرورهم! اللّهمّ ربّنا يوما كيوم الخندق ويوم بدر يا عزيز يا مقتدر!