بيان العلماء بشأن المنكرات والمخالفات الشرعية في فعاليات الهيئة العامة للترفيه في السعودية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [الإسراء: 16]، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمين القائل (والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه، فلا يستجاب لكم). رواه الترمذي.
أما بعد
فقد وقف العلماء على مجريات الأحداث التي حصلت وتحصل في السعودية أثناء الحفلات والمهرجانات التي تنظمها الهيئة العامة للترفية بشكل دوري وما يجري فيها من مخالفات شرعية وتجاوزات أخلاقية وفجور وانحلال لم يعهده الشعب السعودي الكريم، وسط غياب وتغييب تام لصوت العلماء والمصلحين والمرشدين والدعاة المستنكر لهذه المظاهر المخالفة للشرع والعرف والآداب العامة.
وانطلاقا من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقياما بواجب العلماء في بيان الحق للناس والذود عن حرمة أرض الحرمين المباركة والقيم الإسلامية الأصيلة؛ فإن العلماء يؤكدون وبشدة في بيانهم هذا على ما يلي:
١- إن هذه الاحتفالات والمهرجانات والمواسم الترفيهية قد اشتملت على كثير من مظاهر الانحلال والتعري والتحرش والاختلاط وظهور عدد كبير من الشباب والفتيات بمظاهر غير لائقة وهذا أمر يخالف الشريعة الإسلامية ويخالف العادات والأعراف كما يخالف الآداب العامة أيضا كما أن السكوت عنه وعدم استنكاره منكر وخطيئة.
٢- إن العلماء يعبرون في بيانهم هذا عن إدانتهم واستنكارهم الشديد لعملية مسخ الهوية الدينية والأخلاق والقيم السامية للشعب السعودي الكريم المحافظ، تلك العملية التي تقودها هيئة الترفيه تحت مرأى ومسمع من الحكومة والقيادة السعودية بل وبدعم سخي وتسخير للإمكانيات الهائلة للدولة مما يعكس حجم الرضا الكبير بما تفعله هذه الهيئة من تجاوزات شرعية وأخلاقية.
٣- يوجه العلماء دعوتهم إلى كل أبناء الشعب السعودي للعمل على إظهار استنكارهم لهذه الفعاليات الهدامة ومقاطعة كل برامج هيئة الترفيه التي تشتمل على المخالفات الشرعية والتي تؤذن بانحراف خطير في مسار المملكة السعودية التي تدعي التزامها وتمسكها بالشريعة الإسلامية وتعاليمها.
٤- يؤكد العلماء على أن هذه الاحتفالات الماجنة التي تخالف الشريعة الإسلامية والعرف المعتبر والآداب المجتمعية المتفق عليها تعكس مدى الغفلة التي أصابت القيادة السعودية التي تستمر في إشغال شبابها عن قضايا وطنهم وأمتهم خصوصا في الوقت الذي تمر فيه الأمة بأزمات كثيرة وحروب كبيرة سواء في غزة أو الضفة أو لبنان والسودان ومناطق أخرى كثيرة من العالم الإسلامي، وإن غياب هذا الوعي الجمعي بأهمية المناصرة للمسلمين والتفاعل مع قضاياهم لم يكن يوما معبرا عن الشعب السعودي الكريم الذي كان دائما صانعا للأحداث يمد يد العون والنصرة لإخوانه المسلمين في كل مكان.
٥- يعبر العلماء عن أسفهم البالغ وحزنهم العميق جراء سكوت العلماء السعوديين عن استنكار هذه المخالفات الشرعية سواء في الهيئات العلمية كهيئة كبار العلماء أو سائر العلماء والدعاة المؤثرين الذين آثروا السكوت والسير في طريق السلامة، بل يأسى العلماء أن بعض المحسوبين على العلم الشرعي ومن تصدروا للإصلاح والصحوة طوال عقود سابقة قد ارتضى لنفسه أن يصير واجهة دعائية إعلامية لفعاليات هيئة الترفيه التي تقود هذه السياسة الممنهجة في الانحدار والانحلال عن الأخلاق الإسلامية.
٥- يؤكد العلماء على أن تمادي هيئة الترفيه بتنظيم الاحتفالات المشتملة على الغناء الفاحش والتعري والمجون في مكة المكرمة والمدينة المنورة فيه تعد صارخ على مشاعر المسلمين جميعا في كل أقطار الدنيا، فلا يرضى مسلم أن تتحول الأرض المباركة التي نزل فيها الوحي وابتعث فيها النبي صلى الله عليه وسلم إلى موطن تقام فيه الحفلات الغنائية ومهرجانات الرقص المختلط بين الشباب والفتيات، ولا أن تمتهن الراية المكتوب عليها كلمة التوحيد، فإن وقع ذلك فيجب على الدولة الحفاظ على قدسية المكان والقيام بدورها المنوط بها شرعا في إزالة المنكر والعمل على تجفيف منابعه.
٦- يرفع العلماء أصواتهم موجهين صرخة تحذير عالية إلى القيادة السعودية تتضمن النذر بأن الطريق الجديد التي تسير فيه السعودية هو طريق الهلاك والدمار مصداقا لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فاعتقال المصلحين الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وتمكين المترفين من مقاليد الأمور في السعودية، وازدياد وتيرة الظلم والقهر، والكفر بنعمة الله بوضعها في غير موضعها كلها موجبة للهلاك، فالله تعالى يقول (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [ الإسراء: 16] ويقول سبحانه ﴿وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد﴾ [هود: 102]. وكما يقول الله تعالى وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍۢ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)[النحل: 112]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه، فلا يستجاب لكم). رواه الترمذي.
٧- يوجه العلماء دعوة إلى علماء السعودية ودعاتها بأن يقوموا بواجبهم الشرعي في بيان الحق للناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن لا يخونوا العهد الذي أخذه الله على أهل العلم في قوله تعالى (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُون) [آل عمران:187]. وأن يصدحوا بالحق ولا يخافون في الله لومة لائم، فالأخذ بالعزيمة في حقهم واجب، وألا يسيروا في درب علماء السلاطين الذين يقومون بلي أعناق النصوص لخدمة الحاكم حتى لو كان ظالما مستبدا متجاوزا لحدود الله مفرطا في حق شعبه وأمته، وأن يقوموا بمقاومة تغييب رموز الخطاب الديني المتزن في السجون الذي يحفظ القيم والأخلاق في المجتمع.
والله من وراء القصد
وهو حسبنا ونعم الوكيل.
صادر عن منتدى العلماء بتاريخ ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هجرية | الموافق ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤م