مقالاتمقالات المنتدى

طوبی للصّابر المؤمن في زمن الفتن

طوبی للصّابر المؤمن في زمن الفتن

 

بقلم أ. د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)

 

قال اللّه تعالى: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} وقال رسول اللّه ﷺ: {ذاقَ طَعمَ الإيمانِ مَن رَضِيَ بِاللّهِ رَبّا وَبِالإسْلامِ دِينًا وَبِمُحَمّدٍ رَسُولًا﴾ إعلموا أيّها الإخوة الأحبّة الكرام أنّ أيّ بيت متواضع يدين أصحابه بالإسلام أفضل من قصور الحكّام وبيوت الأغنياء بدون إيمان! فقد ترك أصحاب الكهف رحاب المدينة والتجأوا إلی مغارة بعيدة قديمة فبلدهم آنذاك يحكمها شرذمة من الكفّار وهي في نظر فتية الحقّ الأطهار رقعة ضيّقة وأحجار صغار بخلاف الخلوة مع اللّه في الجبال والقفار في اللّيل والنّهار فإنّها جنّة الواحد القهّار في هذه الدّار! لقد كان لسان حال كلّ واحد من الفتية الأبرار الذين زادهم هدى مولاهم الكبير المتعال: (خَلّي يَدَيّ فَلَستُ مِن أسراكِ: أنا يا حَياةُ زَهِدتُ في نَعماكِ! لا تَضرِبي قَيدًا على حُرّيَتي: رَحبٌ أنا كَمَدارِجِ الأفلاكِ!)

ونقول لغرباء الإسلام في هذه الأيّام: لا يشعر بطعم السّعادة والهناء كثير من الزّعماء والأغنياء وقد يشعر بها أفقر الفقراء وأضعف الضّعفاء ممّن يلتحف الخضراء أو يتوسّد الغبراء أو يعاني من عضال الدّاء! لكنّه حينما ينام علی فراشه ينام ملء جفنيه ولا يری لأيّ وليّ أمر أو غنيّ منّة عليه! ولو تأمّل كلّ من يبحث عن السّعادة أحوال أصحاب التّقوى والرّيادة لعلم أنّ السّعادة هي في طاعة الرّحمن وفعل الخير والإحسان وأنّها تتلاشى حين يفقد الإنسان حلاوة الايمان! ولا جرم أنّ السّعادة الحقيقيّة ليست في الفنادق والقصور وكثرة الأموال والدّثور والدّرّ المنثور وليست في الحدائق الغنّاء ولا في الزّواج من الحسناء ولا في المنظر السّاحر الخلّاب ولا بامتلاك عمارات في لندن مدينة الضّباب إذا كان ذلك يؤدي لهجر هدي نبيّنا خير العباد ﷺ!

إنّ السّعادة الأبديّة الدّنيويّة والأخرويّة محصورة في عبوديّة ربّ البريّة وشكره ﷻ على العطيّة وحمده على البليّة ثمّ الدّعوة إلی كتاب اللّه المجيد الكريم والسّنّة النّبويّة والدّفاع عن سائر الدّيار الإسلاميّة وفي مقدّمتها بلادنا فلسطين الأبيّة! قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إنّ جنّتي في صدري أينما ذهبت كانت معي إنّ موتي في سبيل اللّه شهادة وإنّ سجني خلوة وعبادة ونفيي من الأرض سياحة)! فيا للّه ما أروع حلاوة الإيمان إخوة الإسلام حتّی وإن كان صاحبها في غيابة الجبّ ما دامت في سبيل مولانا الرّبّ ﷻ!

وها أنا ذا أهمس قبل الختام في أذنك أيّها الأخ الفهمان: (ركعتان ودمعتان والنّاس نيام في السّرّ لا في العلن خير من قصور الأندلس وباريس والكرملن والبيت الأبيض بواشنطن إن كنت الكيّس الفطن)!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى