مقالاتمقالات المنتدى

زوال الاحتلال

زوال الاحتلال

 

د. عبد الله المَشوخي (خاص بالمنتدى)

 

منذ عام 1948م ومع إعلان قيام دولة الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين ما يزال هذا الاحتلال الغاشم جاثما على أرض فلسطين يعيث فيها فسادا وعربدة وظلما.

واقترف العديد من المجازر المروعة بحق الشعب الفلسطيني منذ تأسيسه إلى يومنا هذا وآخرها ما تشهده مدن غزة العزة من جرائم إبادة جماعية بحق السكان المدنيين حيث ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الأطفال والنساء ودمار شامل لكافة مقومات الحياة.

والمتأمل في تاريخ دول الاحتلال والتي يزورونه باسم الإستعمار يلحظ أن كل احتلال انسحب من البلدان التي احتلها حينما أصبحت كلفة البقاء باهظة الثمن سواء في العتاد أو الأرواح أو الكلفة المادية، وذلك لأن الغاية من الاحتلال هو الطمع في الموارد الاقتصادية ونهب الثروات أو بسبب الموقع الجغرافي المميز الذي يخدم مصالح المحتل.

لكن احتلال اليهود لأرض فلسطين يختلف اختلافا جذريا من حيث الهدف، فهو احتلال بغيض قائم على معتقدات دينية موروثة وليس لأجل اطماع مادية فحسب، إذ يعتبرون أرض فلسطين أرض أجدادهم وأن الرب قد منحها لهم لذلك يسمونها (أرض الميعاد) أي: الأرض التي وعد الإله إبراهيم عليه السلام وعاهده على أن تكون لنسله.

فهي الأرض التي سيعود إليها اليهود تحت قيادة المسيح المخلص لذلك نجد أن اليهود أضفوا عليها الطابع الديني منذ تأسيسها فسموها باسم نبي الله يعقوب عليه السلام واتخذوا شعارا لها نجمة داود، وعلما يرمز إلى أرض تمتد من النيل إلى الفرات وفق وعود توراتية مقدسة ولون علمهم يتماشى مع رداء صلواتهم.

كذلك تم ربط أغلب مرافق الدولة بمصطلحات دينية فالمجلس التشريعي لديهم يسمى (كنيست) أي: دار العبادة، وشعارهم الشمعدان الذي يرمز لتاريخ مقدس لليهود مع نبي الله موسى عليه السلام، حتى الدبابة (الميركفاه) تعني: عربة الرب.
وهناك انتشار هائل لمضامين دينيه داخل المناهج وكتب التعليم لديهم وهي دروس إلزامية.

ومن جانب آخر نجد ثقلا للأحزاب الدينية في كافة مرافق ومؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية.

ويعتبر اليهود أن الأرض أرضهم والمسجد الأقصى تحته هيكلهم المزعوم لذلك يسعون جاهدين لهدمه وطرد وتهجير المواطنين الفلسطينيين من ديارهم.

وعملوا جاهدين منذ عقود لإثبات أحقيتهم بأرض فلسطين وذلك بالبحث عن آثار تثبت ذلك أو التزوير ولكن دون جدوى.

ورغم صدور قرار مجلس الأمن سنة ١٩٦٧م الذي نص على انسحاب اليهود من الأراضي التي احتلها الكيان عام ١٩٦٧م، ومرور عدة عقود على مؤتمر أوسلو سنة ١٩٩٣م وما نتج عنه من اتفاق ينص على انسحاب اليهود من الضفة الغربية وقطاع غزة ومنح الفلسطينيين حكما ذاتيا غير أننا نجد أن كافة حكومات اليهود المتعاقبة قد تنصلوا من كافة القرارات الأممية ومن اتفاقية أوسلو وعملوا على نقيضها تماما حيث أقر كيانهم وبالإجماع على اعتبار مدينة القدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة أبدية لكيانهم.

وعملوا على تهويد الضفة الغربية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من أرض الميعاد، وأطلقوا عليها اسم يهودا والسامرة، وأقاموا فيها مئات المستوطنات للحيلولة دون وجود كيان موحد يجمع الفلسطينيين.

وما أعمالهم الهمجية الاستفزازية لأهالي الضفة الغربية وأعمال البطش من قتل واعتقال إلا من أجل تهجير الناس والدفع بهم للهجرة للخارج وإحلال قطعان المستوطنين مكانهم.

وبناء على ما سبق فمن يظن أن اليهود يجدي معهم مفاوضات لتحقيق حل عادل للفلسطينيين وفق قرارات مجلس الأمن أو قرارات الأمم المتحدة أو وفق اتفاقية أوسلو فهو واهم، وهو كمن يبحث عن الماء من خلال السراب.
بل الواقع العملي يثبت استحالة استرداد أرض فلسطين وتحريرها بالمفاوضات التي أصبحت في نظر كل المراقبين عبثية.

كما أن الحقوق لا توهب ولا تُعطى ولا تمنح من عدو لاسيما إن كان يتصف بالبخل الشديد كاليهود الذين وصفهم الله بقوله {فإذاً لايؤتون الناس نقيرا} بل الحقوق تنتزع بقوة السلاح.

أما من يعتقد أن حل قضية فلسطين يمكن أن يتم عبر الوسيط الأمريكي فهو واهم أيضا، وما عليه إلا أن يراقب الموقف الأمريكي من معركة طوفان الأقصى فهي التي تقود المعركة بسلاحها وعتادها وقنابلها التي تسببت بمقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ولقد لخص الموقف الامريكي رئيسها بايدن أثناء زيارته التضامنية للكيان الصهيوني أثناء معركة طوفان الأقصى حيث قال : لو لم تكن هناك إسرائيل لعملنا على إقامتها.

هذا هو الموقف الأمريكي، وهذه طبيعة الاحتلال الصهيوني فلا مناص من القتال لتحرير مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر أرض فلسطين وأي سبيل آخر يعد عبثا ومضيعة للوقت.

ولعل معركة طوفان الأقصى تكون قفزة في طريق التحرير إن شاء الله.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى