صلاح الدّين بطل حطّين ومحرّر أولی القبلتين (1)
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
قال اللّه تعالی: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ إنّ من هؤلاء الرّجال الأفذاذ الأبطال: الملك النّاصر العادل أبو المظفّر صلاح الدّين يوسف بن أيّوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الملقّب بصلاح الدّين الأيّوبيّ كان قائداً عبقريّاً ومجاهداً ربّانيّاً وبارعاً سياسيّاً قاد الجيوش الإسلاميّة خلال الحروب الصّليبيّة وتحقّق علی يديه النّصر المبين في معركة حطّين ولد من عائلة كرديّة عام 532 هـ . في تكريت وبعد ولادته قرّر والده -نجم الدّين أيّوب- أن ينتقل إلى حلب ونشأ صلاح الدّين في بعلبك ودمشق وكان يحبّ الجهاد حبّاً شديداً وقد أمضى زهرة شبابه في بلاط الملك العادل نور الدّين محمود بن زنكي أمير دمشق وقد اختاره العاضد آخر خلفاء الفاطميّين ليكون وزيراً وقائداً للجيش ولقّبه بالملك النّاصر لأنّه نجح في صدّ جموع الصّليبيّين عندما هاجموا دمياط وعمل بعد ذلك على دعم النّفوذ السّنّيّ بمصر وعندما مرض الخليفة الفاطميّ مرض الموت قطع صلاح الدّين خطبته له وخطب للخليفة العبّاسيّ المستضيء بأمر اللّه وانتهى بذلك أمر (العبيديّين) الذين كانوا شوكة في حلوق المسلمين عام 567 هـ . وقد بدأ بعد ذلك بحركة استقلال بمصر فبسط نفوذه عليها وشيّد القلعة وأنشأ سور القاهرة وبدأ بتأسيس جيش قويّ وقضى على الفتن الدّاخليّة فأصبحت دولته أعظم حكومة إسلاميّة آنذاك وقد استطاع بعد ستّة عشر عاماً من الإيمان العميق ومن التّكوين الدّقيق ومن العمل المتواصل أن يكمل مسيرة الجهاد ثمّ الانتصار المبين على جحافل الصّليبيّين بمعركة حطّين في الخامس والعشرين من ربيع الآخر عام 583 هـ . وبعد شهور فحسب في السّابع والعشرين من رجب استطاع تحرير أولی القبلتين الذي كان حلماً يراود الأبطال الميامين! وسجّل التّاريخ هذا الانتصار بمداد من أنوار علی صحف من قلوب الأبرار! وللّه درّ الشّاعر القائل: (قم صلاح الدّين جدّد عهدنا : فالصّليبيّون عادوا من جديد)!!