مقالاتمقالات المنتدى

مبررات التطبيع

مبررات التطبيع

 

بقلم الدكتور عبدالله المَشوخي (خاص بالمنتدى)

 

في مقابلة لعميل صهيوني استقر به المقام في إحدى مغتصبات غلاف غزة، سأله المذيع “هل أنت نادم على عمالتك لليهود؟”، أجاب “لا”، وأردف مبررا عدم ندمه قائلا: “ما تقوم به القيادة الفلسطينية ويقصد (سلطة أوسلو والتنسيق المقدس) أكبر بكثير مما قمت به.

هكذا شأن العملاء يبررون خيانتهم وعمالتهم بالقياس بمن هم أسوأ منهم حالاً.

كذلك شأن الدول التي خانت قضية فلسطين وخذلوا شعبها بتطبيعهم مع الكيان الصهيوني أخذوا يبررون خيانتهم وتطبيعهم بالاستدلال بسلطة اوسلو مبررين تطبيعهم بحجة أن أصحاب القضية اعترفوا باليهود وتعاونوا معهم فنحن لسنا أكثر حرصا منهم.

وهناك دول بررت تطبيعها وخذلانها بالقول إذا كانت مصر زعيمة الأمة العربية اعترفت باليهود وأقامت علاقات متعددة الجوانب مع الكيان الصهيوني ونحن دولة أقل عددًا وعدة منها فما المانع بالتطبيع مع الكيان الصهيوني لتبرر خيانتهم؟ .

وبعضهم برر بحجة الضغوط الأمريكية والغربية.

وبعضهم برر تطبيعه بحجة حاجته الماسة للمساعدات الأمريكية لدولته وتسهيل قروض البنك الدولي .

وبعضهم برر بسبب ضغط بعض العربان عليه لكي يتم التمهيد لهم بالتطبيع مع الكيان في المستقبل.

وبعضهم برر لأجل الحصول على معدات عسكرية من أمريكا وشراء معدات أمنية من الكيان الصهيوني وتبادل المعلومات الأمنية مع الكيان.

وبعضهم برر من أجل الحصول على تحقيق مكاسب اقتصادية.

والمتأمل في كل هذه المبررات يجد أنها غير مقنعة بل تدل على الذل و الخنوع والهوان .
فالمقارنة بالأسوأ من طبع الخائبين الفاشلين والأصل في المقارنة التاجحة أن تكون بالأفضل والأنفع.

وبالنسبة لتبرير التطبيع بحجة الرخاء الاقتصادي فالواقع يكذب ذلك حيث نجد العديد من الدول التي طبعت مع الكيان زادت ديونها وتدهور اقتصادها واقرب مثال على ذلك مصر.
ومن برر تطبيعه وخذلانه من أجل تحقيق الأمن واستيراد تقنيات من اليهود فها هي معركة طوفان الأقصى أثبتت الفشل الذريع لأمن الكيان وتدهوره.

ومن برر تطبيعه من أجل حظوة لدى الأمريكان والفوز برضاهم فهو واهم، فأمريكا لا تحترم الضعفاء وإنما تحترم الأقوياء .

ومن برر تطبيعه ليتجنب شر اليهود فهو واهم وخير مثال على ذلك تعاملهم مع سلطة اوسلو حيث لم يحققوا للسلطة أي شيء من اتفاقية أوسلو رغم عمالة السلطة المطلقة لهم بل زادوا من وتيرة بناء المستوطنات وصرح قائد الكيان أن اتفاقية أوسلو خطأ تاريخي وجرائم اليهود وقطعان المستوطنين خير شاهد على ذلك.

يبقى الشيء الوحيد والمؤكد الذي حققه التطبيع مع اليهود وهو زيادة الهوة والفجوة بين الحاكم وشعبه.
فالسواد الأعظم من الشعب يبغض اليهود ويضمر لهم العداوة وكل من يطبع معهم يصبح في نظر الشعوب خائنا وعميلا .

لذلك فليس من مصلحة الحاكم أن يضحي بولاء وحب شعبه له من أجل تطبيعه مع اليهود الذين لا عهد لهم ولا ذمة.

أو من أجل إرضاء الأمريكان الذين سرعان ما يتخلون عن عميلهم وقت الشدة.

في الختام إن المصلحة الحقيقية للحاكم تكمن في توثيق علاقته بشعبه وكسب ودهم وتحقيق طموحاتهم وآمالهم فهذا ادعى لتماسك الدولة وقوتها وحصانتها ومنعتها.

وعلى كل حاكم أن يتذكر أن حكمه لن يخلد وأنه سوف يموت ويفضي إلى ربه وسوف يسأله عما استرعاه وعن ولاءه وبراءته من اليهود.

وأن أي تطبيع مع اليهود الغاصبين يعد خيانة لله ورسوله كما أن موالاتهم تفضي بصاحبها إلى النار.

فعلى كل حاكم أن يتقي الله ويتقي نار جهنم فإن عذابها كان غراما .
وعليه أن يدرك أن مصلحته ومصلحة بلاده البعد عن اليهود فهم شر البشر ومن دأبهم الإفساد في الأرض ونقض العهود والغدر ومن كانت هذه صفاته فلا خير في بناء أي علاقة معه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى