مقالاتمقالات المنتدى

كيف نستفيد في حياتنا من علم الجرح والتعديل

كيف نستفيد في حياتنا من علم الجرح والتعديل

 

بقلم د. سعد الكبيسي (خاص بالمنتدى)

 

علم الجرح والتعديل هو فرع من علوم الحديث، وهو العلم الذي يبحث في أحوال رواة الحديث من حيث قبول رواياتهم أو ردّها، وهو من أهم وأعظم أنواع علوم الحديث، فبه يتميز الصحيح من الضعيف والمقبول من المردود.
وبناء على ذلك رتب المحدثون الرواة على مراتب من الأعلى إلى الأدنى فمثلا:
هناك أوثق الرواة.
وهناك الثقة.
وهناك الصدوق وهو أقل في الضبط من الثقة.
وهناك الصدوق الذي له أوهام وهو أقل مرتبة من الصدوق.
وهناك الضعيف الذي لا نقبل حديثه إلا إذا قواه ضعيف آخر.
وهناك المستور أو مجهول الحال وهو من روى عنه اثنان فاكثر ولا نعرف حاله هل هو ثقة أو لا.
وهناك مجهول العين وهو من روى عنه واحد ولا نعرف حاله.
وهناك متروك الحديث وهو الذي لا نقبل حديثه ولا يمكن تقويته وهو لا يقوي احدا بأي حال لكثرة ما يقع فيه من الوهم والخطأ.
وهناك المتهم بالكذب والوضع.
وهناك الكذاب والوضاع.

وهنا نذكر بعض الأمور:
1_ إن ما ينطبق على رواة الحديث من مراتب الجرح والتعديل، فمن الممكن أن ينطبق على الرواة الناقلين لأي خبر في حياتنا اليومية فلا بد أن نصنفهم ونعرف أحوالهم تفصيلا، فالتثبت من الأخبار واجب في الدين.

2_ قد يكون الراوي والناقل للخبر قمة في العدالة، لكن ضبطه ضعيف لما ينقله، ولقد كان جمع من السلف الصالح من التابعين ومن بعدهم من أحسن الناس دينا، لكن علماء الجرح والتعديل وضعوهم ضمن مراتب في الاخذ عنهم، حتى قال الإمام مالك قولته الشهيرة: “إن من الناس من استسقي بدعائه ولا آخذ حديثه”!!

3_ يقع اليوم الكثير من أبناء الوسط العلمي والدعوي وعموم الناس في المشكلة ذاتها من عدم معرفة رواة وناقلي الاخبار وافتراض ان كل داعية او متدين وصادق فهو دقيق في النقل وفهم المنقول لينتج عن ذلك إشكالات جمة.

4_ علينا فحص الرواة ومدى دقتهم والمقارنة بين الروايات والاخبار التي يأتون بها فهذا الفحص هو الذي يمنحنا الخبر الصادق في النهاية، وليس أحد مهما بلغت منزلته فوق هذا الفحص، فالنسيان والوهم يطرأ على كل البشر.

5_ وينطبق كل ذلك على المصادر الخبرية والإعلامية من فضائيات ومواقع وكل وسيلة إخبارية ففيها الموثوقة وفيها الكاذبة وبينهما مراتب كثيرة.

6_ الناس من حولنا وكما كانوا من قبل أصناف عديدة من حيث نقل الأخبار حتى لو كانوا صالحين وصادقين:
_ فمنهم الذي لا يحفظ.
_ ومنهم الذي إن حفظ فإنه لا يؤدي الخبر كما سمعه.
_ ومنهم الراوي بالمعنى دون إحاطة بهذا المعنى.
_ ومنهم الذي نسي وضعفت ذاكرته.
_ ومنهم الذي تتداخل وتلتبس عنده الاخبار.
_ ومنهم الذي ينقل عن الضعفاء بعلم وبغير علم.
_ ومنهم الذي ينقل عمن خفي عليه حاله وعدالته، فقد ينقل عن كذاب دون أن يدري.
_ ومنهم الذي خفي عليه ضبطه وإتقانه، فقد يظنه ضابطا ومتقنا وهو ليس كذلك.
ومنهم ومنهم ….

وأختم بما أمر به الله سبحانه:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى