الاستعمار الناعم
بقلم الدكتور عبدالله المشوخي (خاص بالمنتدى)
استعمار الشعوب يتم بطرق متعددة، منها استعمار خشن يتم بقوة السلاح وفوهات المدافع، وآخر ناعم يحقق أهدافه دون حاجة إلى إطلاق طلقة واحدة.
وهذا النوع من الإستعمار أخطر بكثير من النوع الأول، إذ إن الإستعمار الخشن يولد ردة فعل ومقاومة، أما الناعم فيحقق أهدافه دون حاجة إلى إراقة دماء وذلك باستسلام الشعوب وخضوعها وخنوعها للاستعمار برضاها وقناعتها وخداعها، بل تصبح الشعوب مستعبدة للمستعمر ورهن إشارته، لذلك لجأ أعداء الأمة الإسلامية إلى الاستعمار الناعم بالتركيز على ثلاثة أمور كي يحققوا أهدافهم وهي:
* تشويه العقيدة.
* تفكيك الأسرة.
* تفريغ العلم من محتواه.
ففي شأن العقيدة ركزوا على إثارة الشبهات حول ثوابت الدين وأصوله مثل التشكيك في حجية السنة وعدم صلاحية أحكام الإسلام لكل عصر إضافة إلى تشويه تعاليم الإسلام ورموزه.
وبالمقابل دعموا جماعات منحرفة كغلاة الصوفية وقاموا بتشكيل جماعات تكفيرية إرهابية مهامها سفك الدماء باسم الدين من أجل تشويهه وتنفير الناس منه .
كذلك خططوا لمحاربة الدعوة إلى الله والتضييق على العلماء والمصلحين تحت ذريعة مواجهة الإرهاب .
ومقابل ذلك تم استقطاب علماء البلاط وجرى تسخيرهم من أجل تمييع ثوابت الدين كمسألة الولاء والبراء والتقارب بين الأديان أو ما يسمى بالديانة الإبراهيمية … إلى غير ذلك من الأمور التي تهدف إلى تشويه صورة الدين وتمييعه.
إضافة إلى نشر الرذيلة باسم الفن والترفيه والمهرجانات الماجنة المختلطة من أجل إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا ومحاربة كل فضيلة.
تفكيك الأسرة:
أدرك أعداء الإسلام أن قوة المجتمع وتماسكه يبدأ بقوة الأسرة وتماسكها لذلك لجأوا إلى محاولة تفكيكها بأساليب متنوعة، مثل إثارة قضية المساواة المطلقة بين الذكر والأنثى وفق اتفاقية سيداو، وإثارة مسألة قوامة الرجل وحرية الأبناء المطلقة وعدم ولاية الآباء عليهم… الخ، إضافة إلى دعم الرذيلة كالمثلية ونشر المخدرات بين اوساط الشباب والهاء الأجيال بتوافه الأمور .
بل وصل الأمر إلى تهديد بعض الدول بقطع المساعدات عنها حال عدم تنفيذها مقررات اتفاقية سيداو التي تتعارض مع أحكام الإسلام وقيمه.
أما ثالثة الأثافي فهي تفريغ التعليم من محتواه:
تدخل الغرب تدخلا سافرا في رسم السياسة التعليمية في الدول الإسلامية وذلك بربط المساعدات الاقتصادية مقابل الإشراف على مناهج التعليم ووضع مفرداته وفق أفكارهم بهدف صياغة العقول وفق هواهم وإحداث تغيير في نمط التفكير ليناسب المنظومة الغربية ومن أهم تلك المضامين:
عدم كراهية اليهود المحتلين والغرب المعتدي.
التخلص من مفهوم الجهاد بل وربطه بالإرهاب.
اختزال الدين بعبادة بين العبد وربه دون تدخل بنهضة الامة أو الدفاع عنها.
وصاحب ذلك وضع سياسة إعلامية مبتذلة لتحقيق تلك الأهداف إضافة إلى دعم سقطة المجتمع وتلميعهم واستقطابهم ماديًا ومعنويًا وتسليط الضوء عليهم كي يكونوا أمل وطموح الأجيال القادمة.
هكذا سلك أعداء الأمة الإسلامية طريق الحرب الناعمة من أجل تحقيق أهدافهم دون إراقة قطرة دماء أو إطلاق طلقة واحدة.
فحال أية أمة من الأمم تعيش بلا عقيدة سليمة وأخلاق حميدة تحميها من العبث والانحلال وكذلك بدون علم مفيد تعتمد فيه على نفسها سوف تكون لقمة سائغة لكل مستعمر ولكل عابث يعبث بها لأنها ستصبح أمة غثائية كغثاء السيل يسهل التحكم فيها وتوجيهها بكل يسر وسهولة.