مقالاتمقالات المنتدى

اللطف مع الآخرين

اللطف مع الآخرين

 

بقلم د. عبدالله المشوخي (خاص بالمنتدى)

 

من معاني اللطف الرفق والرأفة بالآخرين وكذلك السكون والهدوء.
ومن أسماء الله الحسنى اللطيف.
ومن صفاته لطفه سبحانه وتعالى بعباده.

من المؤسف أن بعض الناس يفتقر إلى التأسي بأسماء الله وصفاته التي يجوز التأسي بها واتباع هديه في كتابه الحكيم، ومن ذلك التخلق باللطف، هذه الصفة الجليلة في مدلولها، العظيمة في أثرها، حيث أثبتت الدراسات الاجتماعية التي أُجريت على عدد كبير من الناس عظم الأثر الإيجابي على من يتخلق بهذه الصفة فهذا الكاتب (ديفيد هاميلتون) يذكر في كتابه (اللطف وآثاره الجانبية) عدة آثار منها:

ارتباطه بالسعادة، فقد أثبتت التجارب الاجتماعية أن الأشخاص الذين قاموا بتصرفات لطيفة أصبحوا أكثر سعادة من غيرهم.

كما أن اللطف مفيد للقلب حيث يعطي إحساسا دافئا في الصدر والثقة بالنفس ويساعد على فرز هرمونات توسع الشرايين وتخفض ضغط الدم.
بينما الغلظة والشدة تؤدي إلى الانفعال والكراهية والحقد تجاه الآخرين مما يؤدي إلى خطر الإصابة بأمراض قلبية نتيجة لإجهاد عضلات القلب.

كما أن اللطف مع الناس يؤدي إلى نسج علاقات اجتماعية حسنة فأساس المحافظة على شجرة العلاقات الاجتماعية التلطف فهو الذي ينقذ سائر العلاقات من الذوبان والاندثار.
فرب ابتسامة خاطفة أمام شخص غاضب تزيل التوتر وتحافظ على العلاقات.
بينما الوقوع في شرك الغضب يؤدي إلى هدم العلاقات الاجتماعية واندثارها.

من المؤسف أن بعض الناس يظن أن القسوة وكثرة الجدال وعلو الصوت واستخدام الكلمات الجارحة من القول دلالة قوة شخصية وانتصار على الآخرين وكأن اللطف في نظر هؤلاء دلالة ضعف وهوان ومسكنه.
وقد جهل هؤلاء أن الإنسان الفظ الغليظ الجافي الطبع في صفاته وأفعاله والمتفحش في كلامه سرعان ما ينفض الناس من حوله.

من المحزن أن مواقع التواصل الإجتماعي تشهد حوارات ساخنة تتخللها عبارات جارحة بحجة الدفاع عن الحق أو الدين والدين منها براء.
فهذا نبي الله موسى واخاه هارون عليهما السلام أرسلهما الله إلى فرعون الذي طغى وتجبر حتى قال: (أنا ربكم الأعلى) ورغم ذلك أوصاهما الله بالتلطف معه : {فقولا له قولا لينا}.

كذلك شأن سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عندما تعرضوا لعبارات من التسفيه والتجريح والتكذيب من قبل أقوامهم كان جوابهم بنفي التهم عن أنفسهم دون رد الشتيمة بمثلها.
وعلى سبيل المثال اتهم قوم عاد نبيهم هود عليه السلام بالسفاهة والكذب حيث قالوا له: {إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين}.
فكان رد نبيهم هود عليه السلام: {قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين}.
وحول رد الأنبياء عليهم السلام على أقوامهم قال صاحب الكشاف: (وفي إجابة الأنبياء عليهم السلام من نسبهم إلى الضلال والسفاهة بما أجابوهم به من الكلام الصادر عن الحلم والإغضاء وترك المقابلة بما قالوا لهم مع علمهم بأن خصومهم أضل الناس وأسفههم أَدب حسن وخلق عظيم وفي ذلك تعليم من الله لعباده كيف يخاطبون السفهاء وكيف يغضون عنهم).

يا ليتنا نهتدي بتوجيهات القرآن الكريم وسلوك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بحسن الخلق والحوار الهادئ واللطف في القول
والرفق فما كانت هذه الأخلاق الحسنة في شيء إلا زانته وما نزعت من شيء إلا شانته..

في الختام أسأل الله اللطيف الخبير أن يلطف بنا، وأن يجملنا باللطف والخلق الحسن اللهم آمين يارب العالمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى