الموعظة المُشوَّهة
بقلم د. عبدالله المشوخي (خاص بالمنتدى)
تشويه الإسلام من قِبَل أعدائه يتمُّ بصورة مُمنهجة وبطرقٍ مختلفة بهدف صرف المسلمين عن دينهم.
ومن صور التَّشويه نشر كمٍ هائل من المواعظ عبر مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ تعتمد على أحاديث موضوعة وأحكام ما أنزل اللَّه بها من سلطان، وهي مواعظ تنمُّ عن جهل كاتبها.
وعلى سبيل المثال وصلتني موعظة تدور حول فوائد الصَّدقة مكوَّنة من عشرين فائدة، وذكر منها: زيادة العمر و علاج وشفاء ودواء للأمراض ومنع للحريق والغرق والسَّرقة وميتة السُّوء.
والسؤال: ما الدَّليل الشَّرعيُّ على ذلك؟
وماذا لو حدث حريق أو مرضٌ مزمن للمتصدِّق؟
قد يقول قائل أليس الرَّسول صلّى اللَّه عليه وسلَّم قال :(داووا مرضاكم بالصَّدقة) .
والإجابة على ذلك أنَّ الرَّأي الرَّاجح للعلماء بضعف هذا الحديث.
إنَّ تحميل أعمال الخير والنُّصوص الشرعيَّة ما لا تحتمل يؤدي في نهاية المطاف إلى التَّشكيك بالدِّين والانصراف عنه والعياذ باللَّه.
أذكر في صغري سمعت خطيبًا للجمعة يتحدَّث عن فضل سورة الواقعة قائلًا: “من قرأ سورة الواقعة كلَّ ليلة تقيه من الفقر وتجلب له الرِّزق”، و نسب ذلك لرسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، وعلى فرض ورود حديث ضعيف بذلك فكيف لمن قرأ هذه السُّورة مئات المرَّات واستمرَّ في فقره وديونه ماذا تكون النَّتيجة؟
إضافة إلى أنَّ مثل هذه المفاهيم الخاطئة تؤدِّي إلى الاتِّكال على قراءة السُّور وعدم الأخذ بأسباب الرِّزق؟
ياليتنا نفقه ديننا ونهتدي بهدي نبيِّنا محمَّد صلّى اللَّه عليه وسلَّم ونسأل أهل الذِّكر فيما نجهل أو ما يلتبس علينا من الأمور كي لا نشوِّه صورة الإسلام النَّاصعة ونكون سببًا في صرف النَّاس عن دينهم، ويا ليتنا لا ننشر ما يصل إلينا من مواعظ إلَّا من قِبل جهات موثَّقة بالعلم والتَّقوى.
وإن من ينقل تلك المواعظ المحملة بالأحاديث الموضوعة يخشى عليه أن يدخل في الوعيد الذي أخبرنا به المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: (فمن كذب عليَّ مُتعمِّدًا ، فلْيتبوَّأْ مقعدَه من النَّارِ).
وفَّق اللَّه الجميع لكلِّ خير و آخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
